لا يختلف عيد الفطر بالنسبة للعراقيين كثيرًا عن الأعياد التي سبقته من حيث وجود الأزمات السياسية والاقتصادية، لكنهم يستقبلونه هذه الأيام مع مسمّى جديد للعملية السياسية، وهو "الانسداد السياسي"، وهي أزمة أخرى تشير إلى امتداد تأخير تشكيل الحكومة لأكثر من 6 أشهر بعد إجراء الانتخابات التشريعية "المكّبرة".
يقول عضو في الإطار التنسيقي إنّ الاجتماعات مستمرة لما بعد عيد الفطر بشأن مرشحي الحكومة الجديدة ورئاسة الجمهورية
وأجرى العراق انتخابات تشريعية مبكرة، في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، عقب احتجاجات شعبية أطاحت بحكومة عادل عبدالمهدي.
وأيضًا، كان للأزمة الاقتصادية دور كبير هذا العام، إذ شهدت الأسواق ارتفاعًا كبيرًا في جميع السلع بمناسبة حلول العيد مع ارتفاع سابق نال من المواد الغذائية خلال شهر رمضان.
استمرار "الانسداد السياسي"
ولا زالت تفاهمات تشكيل الحكومة بعيدة نسبيًا ولا تشير إلى تقدم ملحوظ، حيث يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، رفيق الصالحي، إنّ "إصرار بعض الكتل والتي تسير حسب أهواء التدخلات الخارجية بشأن تشكيل الحكومة يجعل من مبدأ التوافق صعبًا في الوقت الحالي".
ويتحدث الصالحي لـ"ألترا عراق"، قائلًا إنّ "أبواب الإطار التنسيقي منفتحة أمام جميع الكتل السياسية للتباحث حول تشكيل الحكومة الجديدة".
وأشار النائب عن الإطار التنسيقي إلى أنّ "الاجتماعات مستمرة لما بعد عيد الفطر بشأن مرشحي الحكومة الجديدة ورئاسة الجمهورية"، مؤكدًا في الوقت نفسه، أنّ "هناك ضغوطًا تمارس على الجميع من أجل تقارب وجهات النظر وحل الأزمة السياسية".
وفي خضم أزمة تشكيل الحكومة، منح زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي فاز بالانتخابات، "الإطار التنسيقي"، الذي يضم قوى سياسية "شيعية"، 40 يومًا (تنتهي بعد عيد الفطر)، للتفاوض مع جميع الكتل السياسية لـ"تشكيل حكومة أغلبية وطنية"، مؤكدًا أنّ "كتلته لن تكون جزءًا منها".
5 مسارات للأزمة في العراق
والمعطيات الحالية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة تسير نحو 5 مسارات، أولها "يتضمن التوافق السياسي بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والإطار التنسيقي بشأن الحكومة ورئاسة الجمهورية"، وفقًا للأكاديمي والمحلل السياسي إحسان الشمري.
ويقول الشمري لـ"ألترا عراق"، إنّ "المسار الثاني يتضمن بقاء الانسداد السياسي بين الكتل، في حين يكمن المسار الثالث بتغيير خارطة توزيع التحالفات بين الكتل السياسية مما قد يشكل كفة تميل نحو جهة وهي من ستشكل الحكومة الجديدة".
ويكمن المسار الرابع بتوجه الصدر، نحو "المعارضة وإمكانية تحريك الشارع نحو الانتفاض على الطبقة السياسية الحاكمة في العراق"، فيما يسير المسار الخامس نحو "حل البرلمان من خلال الطرق القانونية"، وفقًا للشمري.
ومع تزايد الحديث عن إمكانية حل مجلس النواب الجديد، أصدر مجلس القضاء الأعلى بيانًا ذكر فيه أن "حل البرلمان يتم بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بخيارين، الأول بناء على طلب من ثلث أعضائه، والثاني طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".
وتتجه أنظار الكتل السياسية والشارع العراقي إلى ما ستؤول إليه جلسات البرلمان بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، وسط دعوات شعبية بحسم ملف تشكيل الحكومة والبدء بتنفيذ متطلبات البلاد على كافة الأصعدة.
أزمات اقتصادية
وعلى الجانب الاقتصادي ومع تأخر إقرار موازنة 2022 لانشغال الكتل السياسية بالصراع على تشكيل الحكومة، يعيش العراقيون على مدار الأشهر الماضية أزمة ضربت الأسواق في البلاد، رغم تحسن أسعار النفط عالميًا.
وانخفضت القدرة الشرائية لمعظم الأُسر العراقية خلال شهر رمضان، وذلك نتيجة لارتفاع معدل التضخم في العام 2021 عقب رفع سعر صرف الدولار وأسعار معظم السلع الأساسية لحياة السكان والتي تزامنت بدورها مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية مطلع العام الجاري، بحسب الخبير الاقتصادي، خطاب الضامن.
وقرر البنك المركزي العراقي خفض قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي في كانون الأول/ديسمبر 2020، ما تسبب في ارتفاع ملحوظ في جميع السلع بالأسواق المحلية.
وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يقول الضامن إنّ "الأسواق المحلية شهدت ارتفاعًا في السلع الغذائية بنحو 30% في شهر رمضان، ومع ثبات رواتب الموظفين والمتقاعدين بالتزامن مع حالة الركود التضخمي التي دخل فيها الاقتصاد العراقي منذ بداية عام 2021".
ارتفاع معدلات الفقر
وفي غضون ذلك، فإنّ مستويات الفقر والبطالة قد ارتفعت في جميع المحافظات - والكلام للخبير الاقتصادي - وهو الأمر الذي خفض كمية ونوعية المواد الغذائية والمواد الأساسية الأخرى التي كان بمقدرة السكان الحصول عليها بمدخولهم الثابت خلال السنوات السابقة قياسًا بالربع الأول من العام 2022.
ووفقًا للضامن، فإنّ "الأسعار اتجهت نحو الارتفاع خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان عقب زيادة الطلب مع اقتراب عيد الفطر، مؤكدًا أهمية "تدخل الحكومة لدعم أصحاب الدخل الثابت، والفئات الهشة من العاطلين عن العمل الأرامل والأيتام وكبار السن والعاجزين من خلال تقديم إعانات نقدية مباشرة، أو عينية عبر البطاقة التموينية".
ويعتمد العراق بعد العام 2003، بنحو 95% من دخله على عائدات النفط، في حين سبق له وأن خفض عملته المحلية في كانون الأول/ديسمبر 2015، عندما رفع سعر بيع الدولار إلى 1182 دينارًا مقابل 1166 دينارًا في السابق.
الأسعار اتجهت نحو الارتفاع خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان عقب زيادة الطلب مع اقتراب عيد الفطر
وتشهد الأسواق العراقية ركودًا ملحوظًا مع قرب حلول عيد الفطر، بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلًا عن غياب الموازنة المالية.