03-ديسمبر-2020

أشار إلى أنها خالفت الدستور (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

عد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 باطلًا استنادًا إلى القاعدة الدستورية.  

وقال زيدان في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إن "النص الدستوري المتمثل بالمادة (91/ثالثًا) أي أن المحكمة الاتحادية عدلت الدستور بتعطيل العمل بأحد نصوصه وهذا يعني أن المحكمة الاتحادية خالفت نص المادة (126/أولًا وثالثًا) من الدستور التي رسمت آلية تعديل الدستور حيث نصت تلك المادة على أن لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخُمس أعضاء مجلس النواب اقتراح تعديل الدستور واشترطت عدم جواز تعديل الدستور إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية، وإذا كان الدستور ينص في المادة (13/ثانيًا) منه على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الدستور، ويعد باطلًا كل نص قانوني آخر يتعارض معه من باب أولى عدم جواز إصدار قرار من المحكمة الاتحادية يخالف النص الدستوري المتمثل بالمادة (91/ثالثًا) لذا يعد قراري المحكمة الاتحادية بإلغاء المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 باطلين استنادًا إلى تلك القاعدة الدستورية.  

وفيما يلي نص البيان:  

ورد في الباب الثالث من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 عنوان (السلطات الاتحادية) ونصت المادة (47) منه على أن تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات.  

وخصص الفصل الأول للسلطة التشريعية والفصل الثاني للسلطة التنفيذية والفصل الثالث للسلطة القضائية، وعددت المادة (89) مكونات السلطة القضائية الاتحادية من مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية ومحكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي والمحاكم الاتحادية الأخرى التي تنظم وفقاً للقانون ونصت المادة (90) من الدستور على أن يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية كما نصت المادة (91/ثالثًا) منه على أن يمارس مجلس القضاء الأعلى صلاحية اقتراح مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية الاتحادية وعرضها على مجلس النواب للموافقة عليها ويلاحظ من هذا النص وضوح قصد المشرع في ذكر عبارة (مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية) بمعنى موازنة جميع مكونات السلطة القضائية المنصوص عليها في المادة (89) من الدستور لذا حرص المشرع عند تشريع قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 على النص في المادة (3) منه على نفس صلاحيات مجلس القضاء الأعلى المنصوص عليها في المادة (91) من الدستور ومنها النص في المادة (3/ثانيًا) على اقتراح مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية الاتحادية وعرضها على مجلس النواب للموافقة عليها وهذا النص رغم انه يطابق تمامًا نص المادة (91/ثالثًا) من الدستور إلا أن المحكمة الاتحادية أصدرت قرارين الأول بالعدد (19 /2017) في 11 نيسان/أبريل 2017 والثاني بالعدد (136 /137 /2017) في 5 شباط/فبراير 2018 ألغت بموجبها نص المادة (3/ثاني) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 النافذ بتأريخ 23 كانون الثاني/يناير 2017 مما يعني عمليًا تعطيل النص الدستوري المتمثل بالمادة (91/ثالثًا) أي أن المحكمة الاتحادية عدلت الدستور بتعطيل العمل بأحد نصوصه، وهذا يعني أن المحكمة الاتحادية خالفت نص المادة (126/أولًا وثالثًا) من الدستور التي رسمت آلية تعديل الدستور حيث نصت تلك المادة على أن لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخُمس أعضاء مجلس النواب اقتراح تعديل الدستور، واشترطت عدم جواز تعديل الدستور إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية، وإذا كان الدستور ينص في المادة (13/ثانيًا) منه على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الدستور ويعد باطلًا كل نص قانوني آخر يتعارض معه من باب أولى عدم جواز إصدار قرار من المحكمة الاتحادية يخالف النص الدستوري المتمثل بالمادة (91/ثالثًا) لذا يعد قراري المحكمة الاتحادية بإلغاء المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 باطلين استنادًا إلى تلك القاعدة الدستورية.  

وبالرجوع إلى قراري المحكمة الاتحادية المذكورين نجد أنها تبرر إلغاء المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 بالآتي (إن هذا النص مستوحى من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي نص على كون رئيس المحكمة الاتحادية العليا هو ذاته رئيس مجلس القضاء الأعلى، ولم يكن في إيكال مهمة وضع الموازنة السنوية للسلطة القضائية الاتحادية إلى مجلس القضاء الأعلى في ظل ذلك إشكالية دستورية ما دام رئيس المحكمة الاتحادية العليا هو رئيس مجلس القضاء الأعلى، ولكن الأمر اختلف بعد صدور قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 الذي نص على أن تكون رئاسة مجلس القضاء الأعلى لرئيس محكمة التمييز الاتحادية وتجد المحكمة الاتحادية العليا أن المادة (92/أولًا) من الدستور قد نصت على أن المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليًا وإداريًا، وبذا فقد برز التعارض واضحًا بين استقلالية المحكمة ماليًا وبين قيام مجلس القضاء الأعلى بوضع موازنتها السنوية، وهي غير ممثلة فيه قانونًا كما كان الأمر قبل صدور قانون مجلس القضاء الأعلى المشار إليه، وتجد المحكمة الاتحادية العليا كذلك أن الحكم الدستوري الوارد في المادة (92/أولًا) يلزم أن تكون للمحكمة الاتحادية العليا موازنة مستقلة تطبيقًا لحكم المادة (92/ثانيًا) من الدستور وإعمالًا لحكم القواعد التشريعية في أن نص المادة (92/ثانيًا) جاء لاحق لنص المادة (91/ثالثًا) من الدستور وهو نص خاص يختص باستقلالية المحكمة الاتحادية العليا ماليًا وإداريًا وهو الواجب التطبيق ذلك أن النص اللاحق يقيد السابق والخاص يقيد العام وبناء عليه قرر الحكم بعدم دستورية المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 ووجوب وضع نص في مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا المنظور في مجلس النواب يقضي بوضع المحكمة الاتحادية العليا موازنتها السنوية وعرضها على مجلس النواب للمصادقة عليها استنادًا إلى أحكام المادة (92/أولًا) من الدستور).  

ونرى أن هذا التبرير لا ينسجم مع المنطق السليم في تفسير النصوص الدستورية ذلك أن نفاذ النصوص الدستورية والقانونية لا يقترن بالشخوص، إنما بالمؤسسات، لذا فإنه من غير الصحيح ذهاب المحكمة الاتحادية إلى أنه لم يكن إيكال مهمة وضع الموازنة السنوية للسلطة القضائية إلى مجلس القضاء الأعلى لا يسبب إشكالية دستورية ما دام رئيس المحكمة الاتحادية هو رئيس مجلس القضاء الأعلى، وإن هذه الإشكالية حصلت بعد أن أصبح رئيس محكمة التمييز رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى! أما تبرير المحكمة بأن المادة (92/أولًا) من الدستور نصت على أنها هيئة قضائية مستقلة ماليًا وإداريًا هو الآخر تبرير غير موفق ونرى أن الاستقلال المالي والإداري يعني أن المحكمة هي من يدير ما يخصص لها من أموال ضمن موازنة السلطة القضائية الواحدة والمحكمة مستقلة قدر تعلق الأمر بإدارة شؤون قضاتها وموظفيها، وبما تتخذه من قرارات في المنازعات الدستورية، لكنها تبقى هيئة قضائية كما عرفتها المادة (92/أولًا) من الدستور وبموجب المادة (90) من الدستور يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية، لذا فإن الأقرب للصواب في التفسير هو أن موازنة المحكمة الاتحادية هي جزء من موازنة السلطة القضائية، وليست مستقلة عنها باعتبارها إحدى مكونات السلطة القضائية المنصوص عليها في المادة (89) من الدستور.  

أما التبرير الثالث الذي استندت إليه المحكمة الاتحادية وهو أن نص المادة (92) من الدستور الخاص باستقلالية المحكمة جاء لاحق لنص المادة (91/ثالثًا) منه والنص اللاحق يقيد السابق والخاص يقيد العام، فإن هذا التبرير هو الآخر لا يصمد أمام المبادئ القانونية العامة المتعارف عليها، إذ أن قاعدة النص العام يقيد النص الخاص القصد منها ورود أحكام قانونية في تشريع عام وآخر خاص تكون الأولوية في التطبيق لما ورد في النص الخاص، وما لم يرد فيه نص في القانون الخاص يتم الاحتكام فيه إلى ما ورد في القانون العام، وهذا يعني أن القانون الخاص الذي ينظم مسألة ما بشكل خاص مثل قانون العمل الذي يعتبر تشريع خاص بتنظيم علاقات العمل الخاصة هنا تكون أحكام هذا القانون لها الأولوية في التطبيق على الأحكام المتعلقة بعلاقات العمل في القانون المدني وهو القانون العام، أما مبدأ النص اللاحق بنسخ النص السابق، فإنه يظهر فيما يتعلق بالأحكام المتعارضة أو المتداخلة في حين أن نصوص الدستور غير متعارضة، وإنما وردت بشكل متعاقب يكمل بعضها البعض الآخر، كما أنها وردت في تشريع واحد، ألا وهو الدستور لذا لا حضور للتبرير الذي استندت إليه المحكمة الاتحادية في تعطيل نص دستوري نافذ استنادًا للمبررات المتقدم ذكرها، وقد يدفع البعض بأن المحكمة الاتحادية ألغت (المادة 3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى بناءً على دعوى تقدم بها مجلس القضاء الأعلى، وعدد من أعضاء مجلس النواب في حينه فإننا نرى أن هذه الدعوى تم تقديمها مباشرة بعد صدور قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 في ظروف الارتباك في التشريع وتكرار نفس النصوص في أكثر من ورد، لكن مع ذلك من المعروف قضائيًا أن جميع المحاكم ومنها المحكمة الاتحادية هي ليست أسيرة دعوى وطلبات المدعي أيًا كان، وإنما للمحكمة الاتحادية أن تحكم برد الدعوى إذا كانت طلبات المدعي فيها مخالفة للدستور أو القانون وهذا الذي حصل في دعاوى أخرى قدمها مجلس القضاء الأعلى حيث صدرت قرارات بردها من قبل المحكمة الاتحادية بداعي أن النصوص المعترض عليها في تلك الدعاوى هي خيار تشريعي لمجلس النواب ومنها الدعاوى المرقمة (108 /2013) و(27و38 /2018) و(43 /2017) و(201 /2018) لذا نرى كان على المحكمة الاتحادية رد الدعوى بخصوص طلب إلغاء المادة (3/ثانيًا) موضوع البحث باعتبار أن نص المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 هو خيار تشريعي يتطابق مع أحكام المادة (91/ثالثًا) من الدستور ونرى على الرغم من كون قرارات المحكمة الاتحادية باتت بموجب المادة (94) من الدستور فان إلغاء المادة (3/ثانيًا) من قانون مجلس القضاء الأعلى لا يعني إلغاء نفس النص المنصوص عليه في المادة (91/ثالثًا) من الدستور باعتبار أن النص الدستوري لا يجوز أن يلغى أو يعدل إلا على وفق الآلية المنصوص عليها في المادة (126) من الدستور واستنادًا إلى ما تقدم يكون اقتراح مشروع موازنة مكونات السلطة القضائية ومن ضمنها المحكمة الاتحادية منوط حصرًا بمجلس القضاء الأعلى لعدم وجود نص دستوري أو قانوني نافذ يجيز للمحكمة الاتحادية وضع موازنتها بدليل مقتبس من قرار المحكمة ذاتها الصادر بالعدد (19 /2017) في 11 نيسان/أبريل 2017 الذي تضمن (وجوب وضع نص في مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا المنظور في مجلس النواب يقضي بوضع المحكمة الاتحادية موازنتها السنوية وعرضها على مجلس النواب) وحيث أن هذا القانون إلى الآن لم يقر من مجلس النواب لذا يجب حصر الاختصاص بوضع مشروع موازنة السلطة القضائية بجميع مكوناتها بمجلس القضاء الأعلى وندعو السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب الموقر إلى ملاحظة ذلك عند إقرار مشروع الموازنة العامة وتطبيق النصوص الدستورية النافذة. 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رئيس مجلس القضاء يهاجم المحكمة الاتحادية: حديث يشبه شعارات البعث

القضاء يثبت نسب طفلة حاول رئيس أركان الجيش التبرؤ منها