09-سبتمبر-2023
خور عبد الله

مطالبات كويتية بالقروض وفوائدها (فيسبوك)

بعد إعلان المحكمة الاتحادية العليا، في 4 أيلول/سبتمبر 2023، قرارها بـ"عدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله"، بدأت الأسئلة تطرح من أوساط سياسية وقانونية عن مستقبل هذه الاتفاقية التي يصل عمرها إلى 10 سنوات. 

قال خبير قانوني إنّ العراق بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية أصبح في حل من الالتزامات الدولية التي كانت تتضمنها الاتفاقية

ووقعت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2013 اتفاقية مع الكويت تقضي بتقسيم خور عبد الله بين البلدين، الأمر الذي أثار جدلًا آنذاك، بدعوى تنازل حكومة المالكي عن جزء من خور عبد الله، وهو الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى معظم الموانئ العراقية.

المالكي

الأكاديمي والخبير القانوني، محمد السامرائي، قال إنّ الموقف المستقبلي لاتفاقية خور عبد الله بين الكويت والعراق بعد إقرار المحكمة الاتحادية، هو "عدم دستوريتها". 

وفي حديثه لـ"ألترا عراق"، أشار السامرائي إلى أنّ "قرار المحكمة الاتحادية رقم 105/194 لعام 2023 ألغى قانون رقم 42 لعام 2013، وهو قانون المصادقة على اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبد الله، لكونه يخالف أحكام المادة 61 من الدستور، ولم يصدر بأغلبية الثلثين، كما نص عليه الدستور"، مبينًا أنّ "الاتفاقية التي أبرمت وتمت المصادقة عليها في عام 2013، لم يعد لها وجود قانوني لحين إعادة التصويت على قانونها مجددًا من قبل مجلس النواب بأغلبية ثلثي النواب".

وقال إنّ "العراق بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية، أصبح في حل من الالتزامات الدولية التي كانت تتضمنها الاتفاقية قبل إلغائها، وهنا تلتزم الحكومة العراقية بأحكام قرار الاتحادية ويجب عليها أن تتصرف وفقًا لذلك".

وعلى المتضرر ـ والكلام للسامرائي ـ اللجوء إلى "القضاء الدولي في  لحل الخلافات الحدودية البرية والبحرية لأن قضية الحدود لا يمكن إجبار أي دولة على إبرام اتفاقيات دولية تتعلق بها أو إكراهها على ذلك، أي بمعنى لا يحق لا لمجلس الأمن ولا لغيره من المؤسسات الدولية إجبار أي دولة على ترسيم الحدود وفق  معايير معينة بدون موافقة الدول نفسها باستثناء ما تحكم به محكمة العدل الدولية في حالة حل النزاعات الدولية".

وأوضح أنّ "قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 833 لعام 1993 هو قرار معدوم من الناحية القانونية، لكونه صدر من جهة غير ذات اختصاص في المسائل الدولية المتعلقة بالحدود"، متحدثًا عن إمكانية "العراق تقديم طعن به أمام القضاء الدولي المتمثل بمحكمة العدل الدولية والامتناع عن تتفيذه لحين إلغاءه أو عدول مجلس الأمن الدولي نفسه عنه أو الاكتفاء بالتمسك بسيادة الدولة العراقية والامتناع عن تنفيذه، والإصرار على تطبيق أحكام القانون الدولي فيما يتعلق بإبرام الاتفاقيات الدولية، وهذا يتطلب  موقفًا موحدًا في الداخل العراقي حكومة ومجلس نواب، ونخب، وشعب، مع توجه القضاء الدستوري العراقي الذي يعتبر الضمان الحقيقي لحقوق الشعب والدولة العراقية".

وفي الأثناء، قال النائب المستقل، جواد اليساري، إنّ "قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية اتفاقية خور عبد الله وقانون الملاحة البحرية مع دولة الكويت، يعد ملزمًا للجميع ويفضي لعدم التعامل مستقبلًا بهذه الطريقة". 

وأشار الياسري في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أنّ "مجلس النواب لم يصوت في وقتها على هذه الاتفاقية بين العراق والكويت التي سلمت خور عبدالله على الجانب الكويتي دون مراعاة المصلحة العراقية"، مبينًا أنّ "الاتفاقية التنظيمية تخص قانون الملاحة البحرية بين البلدين لعام 2013، حيث "كانت تتطلب الحصول على أصوات ثلث مجموع أعضاء المجلس وهذا السبب الأهم لقرار المحكمة".

وبحسب اليساري، فإنّ القرار القضائي "سيطبق حتمًا لأنه ينهي الظلم والاستغلال للثروات العراقية التي تعد من حق الشعب بالدرجة الأساس"، مبينًا أنّ "السلطات العراقية ملتزمة منذ سنوات بملفات مختلفة والتزامات كبيرة مع الجانب الكويتي، ولا بأس بالتفكير والتدقيق لمعالجة ملف خور عبدالله بما فيه فائدة ومصلحة للبلدين دون إجحاف حقوق أحدهما وفقًا للشواهد والأدلة التي يمكن تثبيتها من المختصين".

أما الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، فقد أوضح التأثيرات الاقتصادية على العراق من إلغاء اتفاقيته مع الكويت حول الحركة الملاحية في خور عبدالله.

وقال المرسومي، لـ"ألترا عراق"، إنه "بعدما قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبد الله مع الكويت ظهرت مطالبات لبعض النواب الكويتيين بقروض الكويت وفوائدها على العراق التي لم تسدد حتى الآن"، مبينًا أنّ "أصل الديون الكويتية على العراق كان  بنحو 6 مليارات دولار  وهذا ما يمكن عدّه دينًا من الوثائق المقدمة، أما بقية المطالبات فهي لا يمكن عدّها دينًا".

وعن أسباب عدم إمكانية اعتبارها كديون، يشير المرسومي إلى نقاط رئيسية بذلك:

  • 1-تصدير نفط لصالح العراق في المنطقة المحايدة بين الدولتين، إذ اتفقت السعودية مع الكويت لإنتاج ما يعادل 1.3 مليون برميل من النفط يوميًا، وتسويقها لصالح العراق.
  • 2-تسديد الديون التي على العراق للآخرين أو ضمان العراق اتجاههم.
  • 3-تجهيز العراق بوسائل مدنية تخدم المجهود الحربي من آليات وناقلات وحديد للمواضع العسكرية وأسلاك شائكة، وهذه كانت تعد بالذات تبرعات ودعمًا للمجهود الحربي.
  • 4-تقديم تسهيلات في الموانئ الكويتية وإعفاءات من رسوم الترانزيت والتخليص الجمركي، لذا فإنّ الكثير من العراقيين لا يرون أن كل ذلك قروض لعدم وجود ما يثبت ذلك، إذ من المحتمل أن تكون هبات أو مساعدات، خصوصًا أن الدافع السياسي كان وراء تلك المساعدات.

ويقول المرسومي إنّ "كل ذلك أوصل ديون الكويت مع الفوائد إلى  22 مليار دولار بحسب تقديرات أوف أمريكا ميريل لنش"، مبينًا أنّ "الكويت تؤكد بأنها تمتلك الوثائق الرسمية التي تبين تحويل تلك الأموال إلى العراق، مستدركًا: "ولكن من وجهة النظر القانونية، فواقع التحويل الذي تحقق لا يكفي للبرهان على أن العراق يتحمل أي مطالبة لإعادة دفع أي مبلغ مالم تكن شروط التحويل محددة وملزمة".

وبحسب المرسومي، فإنّ الكويت "إذا أصرت على مواقفها المتصلبة وتفسيراتها القانونية بشأن عدم قبولها تطبيق مبدأ الدين البغيض، عندئذ على العراق، ألا يتردد بالدفاع عن كون هذه التحويلات لا تشكل قروضًا دون عقد مكتوب يبرهن عليها"، مبينًا أنّ "مبدأ الديون البغيضة التي تقول بأن الدين الذي لا يستخدم في منفعة الشعب وإنما في دعم فساد وقهر الديكتاتورية، وهو دين فاقد الشرعية القانونية".

يرى خبير اقتصادي عن ديون الكويت المتبقية أنّ مبدأ "الديون البغيضة" يقول إن الدين الذي لا يستخدم في منفعة الشعب وإنما في دعم فساد وقهر الديكتاتورية وهو  فاقد الشرعية القانونية

والحل الأمثل لديون الكويت ـ والكلام للمرسومي ـ يتمثل في "ضرورة قيام جهد وطني كبير للدعوة إلى إنشاء محكمة تحكيم تنظر في الديون البغيضة، ولها أن تقرر أي من هذه الديون هي ديون بغيضة، وأي منها ديون قانونية شرعية، وبالتالي سوف تسقط الديون المجمدة التي تشكل معظم الدين العراقي وسيدفع العراق الديون القانونية وهي الأدنى ولا تزيد عن 10%"، مؤكدًا أنّ "هذا الحل سيؤدي  إلى تحرير العراق من ديونه الخارجية".