16-يوليو-2022
يعيش النظام الصحي في العراق أمام عدة تحديات

يواجه النظام الصحي في العراق تحديات كبيرة (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يعيش العراق في الآونة الأخيرة بمواجهة عدّة أمراض وأوبئة، لا تبدأ بمرض الحمى النزفية والكوليرا، حيث تتصاعد الإصابات بفيروس كورونا أيضًا في عموم المحافظات، وهو الأمر الذي يدفع نحو تساؤلات معتادة: هل يستطيع العراق الصمود أمام هذه الأمراض؟، خصوصًا وأن وزارة الصحة العراقية تحدثت عن إرهاق للكوادر الصحية بسبب توالي الأمراض والأوبئة.

أزمة المياه في العراق تعتبر من أسباب ارتفاع الإصابات بالكوليرا 

وحذّر مختصون في أوقات سابقة، من دخول العراق في موجة أوبئة جديدة بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا الذي ألقى بظلاله على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، فيما جاءت التحذيرات على خلفية تراجع في القطاع الصحي بمدن عراقية عديدة.

وللسليمانية في إقليم كردستان النصيب الأكبر من حالات الكوليرا التي تفاقمت مؤخرًا في العراق، حيث سجلت المحافظة أكثر من 6 آلاف إصابة، في حين يتعامل العراق حاليًا مع مرض آخر خطير، وهو الحمى النزفية، وبدأت الإصابات بالتصاعد خلال الفترة الماضية لتصل إلى أكثر من  235 منذ انتشار المرض خلال العام 2022، بينما تصدرت محافظة ذي قار المشهد بـ93 إصابة و21 وفاة.

تحذيرات مستقبلية

ويعتقد مدير الصحة العامة في محافظة ذي قار، حسين رياض، أنّ العراق له القدرة على مواجهة الحمى النزفية والكوليرا في آن واحد، كون أن "هذين المرضين لم ينتشرا بشكل كبير في عموم المحافظات وأن الإصابات بهما انحصرت في محافظات معينة".

ويقر المسؤول الصحي في ذي قار خلال حديثه لـ"ألترا عراق" بوجود تزايد واضح في إصابات الكوليرا بالمحافظة، ويعود السبب وراء انتشار المرض في العراق ـ بحسب رأيه ـ إلى "قلة الإطلاقات المائية من قبل تركيا وإيران إلى نهري الدجلة والفرات و الأنهر الفرعية الأخرى".

أما السبب الثاني ـ والكلام لرياض ـ 

 هو "قدم وتهالك مضخات المياه في عموم المحافظات"، مؤكدًا أنّ "الأوضاع الصحية في العراق ستكون على المحك في حال استمرار انتشار الكوليرا في البلاد دون وجود حلول سريعة لمنعها ومكافحتها".

ومن المعروف أن الكوليرا تنتقل عن طريق الأغذية أو المياه الملوثة، أو من خلال ملامسة براز أو قيء الأشخاص المصابين، ويسبب المرض فقدان 25 لترًا من السوائل يوميًا، مع إمكانية التسبب بالإسهال الشديد والتقيؤ، كما يتحوّل بعدها إلى مرض قاتل في غضون ساعات.

نظرة على القطاع الصحي في العراق

وعانى القطاع الصحي في العراق منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب الحصار الذي فرض على البلاد آنذاك، فيما انهار هذا القطاع بعد العام 2003 بسبب الإهمال والفساد الذي اجتاح جميع مفاصل الدولة على مدار 19 عامًا، وفقًا لمختصين.

عضو الفريق الطبي الإعلامي في وزارة الصحة علي حليم الطاهر، يقول إنّ وزارته قادرة

 على "الصمود أمام جميع الأمراض في العراق، لكن ليس هناك مقدرة على منع ظهور أمراض جديدة أخرى".

ويورد الطاهر في حديثه لـ"ألترا عراق"، خمسة أسباب أدت إلى استمرار ظهور الأمراض في العراق وأبرزها: 

  • أولًا: عدم وجود جدية من الجهات الحكومية لمنع ظهور الأمراض لأسباب إدارية أو مالية أو لوجستية أو الاستخفاف بالواقع الصحي.

  • ثانيًا: استمرار تردي البيئة الصحية والخدمية.

  • ثالثًا: عدم الاستفادة من ظهور الأوبئة في الماضي وكذلك عدم الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.

  • رابعًا: وجود فوضى على كافة المستويات وخصوصًا الرقابية بسبب المحسوبيات والفساد المالي والإداري.

  • خامسًا: عدم إعطاء الجانب الحكومي للصحة العامة الأولوية في السيطرة على هذه الأمراض وكذلك تفعيل دور الموظفين الأكفاء والاستغناء عن المنتفعين والانتهازيين.

ويمتلك العراق 295 مستشفى ومراكز تخصصية حكومية، فيما يبلغ أعداد المستشفيات الأهلية 155، بحسب دراسة للواقع الصحي في العراق.

أسباب انتشار الأمراض

وهناك تخوّف حقيقي من انتشار الكوليرا بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة في المحافظات كون الأوضاع والبيئة في العراق مناسبة لانتشار المرض، بحسب الطبيب المتخصص في الأوبئة حيدر حنتوش. 

ووفقًا لحنتوش، فأنّ القطاع الصحي في العراق قادر إلى الآن على التعامل مع مرضى الكوليرا والحمى النزفية، بالإضافة إلى فيروس كورونا، لافتًا إلى أنّ "ضعف البنى التحتية للبلاد وخصوصًا مشاريع المياه التي هي بالأساس غير صالحة لإنتاج المياه الصالحة للشرب وراء انتشار الكوليرا بهذه الطريقة وبشكل متكرر خلال السنوات الماضية".

ويقول الطبيب المختص لـ"ألترا عراق"، إنّ "نهري دجلة والفرات والأنهر الفرعية الأخرى في جميع المحافظات ملوثة كون هناك العديد من أنابيب مياه الصرف الصحي تصب فيها"، مبينًا أنّ "الجفاف الذي ضرب هذه الأنهر ساعد على زيادة التراكيز الملوثة مما أسفر عن انتشار الكوليرا والأمراض الأخرى".

يقول مسؤولون في وزارة الصحة العراقية إنّ استمرار ارتفاع الإصابات بالكوليرا سيضع القطاع الصحي على المحك

وحول الحمى النزفية، يوضح حنتوش أنّ "عدم مكافحة حشرة (الجراد)، التي تعتبر الناقل الرئيسي لهذا النوع من الفيروس إلى الإنسان على مدار السنوات الماضية تسبب بانتشار المرض في العراق".