19-مارس-2021

الثأر قد يطال "لقمة الشعب" (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير 

أسابيع طويلة من الشد والجذب، وضعت فيها موازنة 2021 "رهينة" أمام مصير قانون المحكمة الاتحادية الجديد الذي يتضمن فقرات تزج بفقهاء إسلاميين ضمن أعضاء المحكمة، قبل أن يصبح "قانون الفقهاء" من الماضي، لتخسر الكتل الشيعية الكبيرة رهانها باللحظات الأخيرة، بعد أن وضعت الموازنة والقضايا الاجتماعية الاقتصادية المعلقة على أساسها، كورقة لعب وضغط مقابل ضمان مقاعد للفقهاء في المحكمة الاتحادية.

احتفل عدد من البرلمانيين والسياسيين بتمرير تعديل قانون المحكمة الاتحادية دون السماح بصعود فقهاء من الشيعة أو السنة 

وصوّت مجلس النواب يوم الخميس 18 آذار/مارس، على تعديل قانون المحكمة الاتحادية السابق، بحضور 188 نائبًا بدلًا من القانون الجديد الذي يضمن مقاعد لفقهاء إسلاميين ضمن أعضاء المحكمة، والذي يشترط تمريره تصويت ثلثي البرلمان، أي ما يزيد عن 220 نائبًا، وهو ما لم يتحقق بفعل مقاطعة الكتل الكردية للجلسة.

تعاون "غير مسبوق" من الإقليم.. والرفض مستمر!

أكثر من 20 يومًا وموازنة 2021 محسومة وجاهزة للتصويت بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها من قبل اللجنة المالية، وتضمين الاتفاق بين إقليم كردستان وحكومة بغداد، والذي يضمن تسليم حكومة أربيل 250 ألف برميل يوميًا إلى بغداد، فضلًا عن نصف إيرادات المنافذ الحدودية، وهو ما لم يحدث في السنوات والحكومات السابقة، حتى قالت عضو اللجنة المالية ماجدة التميمي في تصريح متلفز  تابعه "ألترا عراق" إن "رئيس ديوان المالية في إقليم كردستان زارنا لأول مرة وقام الإقليم بتسليمنا بيانات رواتب المؤسسات، فضلًا عن موازنات ثلاث سنوات لأول مرة، وأن الإقليم متعاون مع بغداد بشكل أكبر من المرات السابقة".

اقرأ/ي أيضًا: المحكمة الاتحادية "دون فقهاء".. وجلسة عاجلة لإزاحة مدحت المحمود

وبالرغم من التعاون والموافقة "غير المسبوقة" التي أبداها إقليم كردستان، تجاه الشروط المضمنة في الموازنة، إلا أن الكتل الشيعية بقيت رافضة للاتفاقات المضمنة في الموازنة والتي تخص الجانب الكردي،  حتى تحوّلت الموازنة إلى "ورقة لعب" حاولت بعض الكتل الشيعية سحب الكتل الكردية والاستفادة من تحقيق أكبر عدد من النواب لتحقيق شرط تمرير القانون الجديد للمحكمة الاتحادية العليا الذي يتضمن وجود فقهاء من الدين الإسلامي ضمن أعضاء المحكمة المكونين من 11 عضوًا لهم حق الفيتو ضد الأحكام القانونية الصادرة من المحكمة، وهو الأمر الذي واجه رفضًا شعبيًا واسعًا، فضلًا عن اعتراضات من أكاديميين وقانونيين.

الكرد "يخذلون" الأغلبية الشيعية البرلمانية

وقبل ساعات من عقد الجلسة الحاسمة، عُقِدَ اجتماع لزعماء الكتل السياسية ورئاسة البرلمان في مقر منظمة بدر بزعامة هادي العامري، للتوصل إلى اتفاق بشأن قانوني المحكمة الاتحادية والموازنة، حيث أعلن النائب عن كتلة بدر النيابية كريم عليوي المحمداوي، في تصريح للوكالة الرسمية وتابعه "ألترا عراق" عن "انتهاء الاجتماع بالاتفاق على  تمرير قانون المحكمة الاتحادية العليا بحسب حضور النواب جلسة البرلمان المقرر عقدها اليوم، أي إذا كان حضور ثلثين سيتم تمرير القانون وإذا كان الحضور غير كافٍ سيتم تمرير تعديل القانون بالأغلبية البسيطة". 

وأضاف أن "الاجتماع اتفق أيضًا على تحديد يوم الجمعة جلسة لمجلس النواب لتمرير الموازنة". 

وبالفعل، تم التصويت على تعديل قانون المحكمة الاتحادية السابق وإهمال القانون الجديد بعد عجز الكتل الشيعية عن إقناع الكتل الكردية بحضور الجلسة، مما تسبب بخسارة الكتل الشيعية لعبة "رهن الموازنة" مقابل ضمان تمرير قانون المحكمة الاتحادية الجديد الضامن لمقاعد الفقهاء الإسلاميين ضمن أعضاء المحكمة.

وتأتي المقاطعة الكردية لهذه الجلسة، متسقة مع التسريبات والتأكيدات على عدم التوصل لأي اتفاق صريح وواضح بين الجانب الكردي والكتل الشيعية فيما يخص موازنة 2021، فيما تبدو عملية التسوية الصريحة هذه واضحة أكثر عند مراجعة تصريح أطلقه يوم أمس النائب عن كتلة دولة القانون المنضوية في تحالف الفتح، منصور البعيجي، بشأن قانون المحكمة الاتحادية قائلًا: "للأسف هذا القانون سيّس من قبل بعض الكتل وهناك تجاذبات كبيرة وكثيرة بين الكتل السياسية، تسببت بعدم استكمال النصاب"، في إشارة إلى عدم اكتمال نصاب جلسة الثلاثاء الماضية بسبب مقاطعة الكتل الكردية للجلسة.

وأضاف: "يفترض أن يكون قانون المحكمة الاتحادية محايدًا وخارج المحاصصة، لكن كل كتلة تسعى لمصالحها ومصالح الفئة التي تمثلها، وهذا القانون يفترض أن يتم تعديله كل سنتين، لكن هناك كتلاً تريد استمرار القانون لكي تبتز كتلًا أخرى، وأظن انه سيدمج مع الموازنة مع أنه قانون سياسي".

يصف رئيس مركز التفكير السياسي القوى والأحزاب التقليدية الشيعية بأنها ما زالت متمسكة بمنهج الصفقات والتسويات وسياسة السلة الواحدة التي طالما مضت عليها

ويتضح من حديث البعيجي، مقدار الاستياء من عدم حضور الكتل الكردية جلسة التصويت على قانون المحكمة الاتحادية وإضطرار الكتل الشيعية على التصويت على تعديل قانون المحكمة الاتحادية خاليًا من "الفقهاء"، ما دفع البعيجي إلى اعتقاد أن "موازنة 2021، ستمرر بالأغلبية، أسوة بقانون الاقتراض أي دون حضور الكتل الكردية"، أي بما يخالف الاتفاق الذي أبدت الكتل الكردية موافقتها عليه، ردًا على عدم التوصل لاتفاق حضور الكتل الكردية للتصويت على قانون المحكمة الاتحادية.

الهوّة تتعمق بين الطرفين.. هل تتأثر الموازنة؟

يصف رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري القوى والأحزاب التقليدية الشيعية بأنها "ما زالت متمسكة بمنهج الصفقات والتسويات وسياسة السلة الواحدة التي طالما مضت عليها"، فيما يرى أن "مؤشر تمرير تعديل قانون المحكمة الاتحادية اليوم ينهي مبدأ الصفقات والسلة الواحدة، وهذا بحد ذاته يباعد المسافة بين القوى الشيعية التقليدية والقوى الكردية".

اقرأ/ي أيضًا: البرلمان يصوت على تعديل قانون المحكمة الاتحادية.. والموازنة غدًا

ويشير الشمري في حديث لـ"ألترا عراق"، حول سبب هذا التباعد وعدم نجاح خطة الكتل الشيعية للعب بورقة الموازنة، إلى أن "له عدة اسباب، حيث يبدو ان هناك تغيرًا في طبيعة العلاقة بين الكتل الشيعية التقليدية والجانب الكردي، بفعل تراكمات القوانين السابقة من جانب، ومن جانب آخر قضية الهجوم الصاروخي الأخير الذي وقع على أربيل مما أدى إلى أن تبتعد أغلب القوى الكردية عن الأقوياء من شيعة السلطة".

ويبيّن أن "عدم الموافقة الكردية على قانون المحكمة الاتحادية الجديد ووجود فقهاء ضمن أعضائها، يأتي من كون الكرد يعتمدون على المحكمة الاتحادية في خلافاتهم لذلك هيمنة الفقهاء سيجعلهم خاضعين إلى سلطة عليا دينية، وبالتالي أين سيحتكمون خصوصًا وأن المزاج في إقليم كردستان مدني أكثر من كونه دينيًا".

ومن الأسباب الأخرى التي دفعت الكتل الكردية لرفض قانون المحكمة الاتحادية، هو "رأي الموج العام تجاه هذا القانون، حيث أن الجميع رافض لوضع القضاء تحت مظلة رجال الدين، وأيضًا وجود وصاية دينية على الدولة بشكل كامل، أو ما يعرف بولاية القضاء الديني"، بحسب  الشمري الذي يعتقد أن "هذا سيدفع الأطراف الشيعية للمضي باتجاه تمرير قانون الموازنة بالأغلبية".

 لكن الشمري استدرك أن "القوى الشيعية التي تعيش قلق المرحلة القادمة وبالرغم من اعتقادها بأن الكرد قد خذولهم بقضية قانون المحكمة الاتحادية، إلا أنها ستراعي الخارطة السياسية المقبلة التي لا تريد الكتل الشيعية أن تخسر كل شيء فيها، وتحاول مراعاة إمكانية عقد تحالفات مستقبلية، ما سيدفعها إلى وضع هامش يتيح التوصل لمساحات مشتركة من قبيل وضع موازنة تكميلية فيما بعد حتى لو تم تمرير الموازنة بالأغلبية على طريقة قانون الاقتراض".

ومع اقتراب انتهاء الربع الأول من العام الحالي، وبعد انتهاء عقبة قانون المحكمة الاتحادية، حددت رئاسة مجلس النواب يوم الجمعة 19 آذار/مارس الجاري، موعدًا للتصويت على قانون موازنة 2021 في الساعة الواحدة ظهرًا، وسط ترقب لما ستؤول عليه الأوضاع، وما إذا كانت ستُمرر بالأغلبية، أو إمكانية التوصل لترضية وتسوية جديدة مع الجانب الكردي في اللحظات الأخيرة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رئيس مجلس القضاء يهاجم المحكمة الاتحادية: حديث يشبه شعارات البعث

ثلاثة آراء تكشفها القانونية النيابية لحل إشكالية قانون المحكمة الاتحادية