ألترا عراق ـ فريق التحرير
لم تشهد أزمة إطلاق الصواريخ في العراق على البعثات الدبلوماسية أو الارتال العسكرية التابعة للتحالف الدولي، ومصالحها المنتشرة في المطارات والقواعد بمختلف المحافظات خلال الفترة السابقة، أي إجراءات واضحة تطلقها الحكومة، فيما بقيت هذه الجهات التي تطلق الصواريخ مجهولة ولم يعلن عن عناوينها أبدًا، إلا أن قصف مطار أربيل في إقليم كردستان وما تلاه من استهداف لقاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين قد جاء بما لم يذكر سابقًا.
بعد قصف قاعدة بلد وصفت الحكومة في بيان رسمي الجهات القاصفة بـ"الإرهابيين"، وهو وصف لم تطلقه سابقًا بالرغم من الهجمات المتكررة
خلية الإعلام الأمني، التابعة لقيادة العمليات المشتركة أصدرت بيانًا لها، أعقب قصف القاعدة الجوية، يوم 18 نيسان/أبريل 2021، وصفت فيه القصف بـ"العمل الإرهابي"، مشيرة إلى أن "5 صواريخ انطلقت من منطقة (دوجمة) التابعة لقضاء الخالص بمحافظة ديالى، وأسفرت عن وقوع إصابتين لمنتسبين من فوج حراسة وحماية القاعدة".
اقرأ/ي أيضًا: "نحتفظ بحق الرد".. واشنطن تلوح بانتقام من ميليشيات في العراق
وأكدت الخلية في بيانها، أن "هذه الأفعال المشينة التي تستهدف المنشآت العسكرية سوف تواجه ردًا صارمًا من القوات بعد استهداف مقدرات الدولة، ومنها هذه القاعدة الجوية التي تضم طائرات القوة الجوية العراقية (F_16)".
هذا الوصف الذي ذكر في بيان رسمي للمرة الأولى، يعد بمثابة "تطور غير مسبوق" في التعامل مع الجماعات المسلحة وفقًا لمراقبين، حيث جاء بعد سلسلة من تشكيل اللجان التحقيقية التي بدأت منذ فترة طويلة ولم تنته أعمالها مع استمرار التلويح الحكومي دائمًا بقرب إعلان النتائج، إذ كانت السلطات دائمًا ما تصف القاصفين بـ"الخارجين عن القانون" وليس بـ"الإرهابيين"، كما وصفتهم حديثًا.
وعن ذلك، يقول الباحث الأمني في شؤون حل النزاعات، خضر دوميلي، إن "إنصاف الأحداث التي ترتكبها هذه الجماعات المسلحة يعد أمر مهم جدًا من ناحية توصيفها بالشكل الصحيح، مبينًا في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "ما قامت به خلية الإعلام الأمني بوصف من يقصف البعثات الدبلوماسية والارتال العسكرية للتحالف الدولي يعتبر عين الحقيقة، لأن هذه الأفعال تخل بالأمن العام واستقرار الأجواء في العراق ويضع البلاد وحكومته أمام مواقف محرجة دوليًا".
ويشير دوميلي إلى أن "الوصف الجديد يمثل جدية ملموسة لدى الحكومة الحالية بمواجهة هذه الجماعات المسلحة، حيث أن الجهات العسكرية التي تصدر البيانات بشأنها تمثل واجهة لهذه الإجراءات الفاعلة ما يتطلب وقوف جميع وسائل الإعلام بموقف واحد، ووصف هذه المجاميع كما وصفتها الخلية الحكومية كي تصبح مؤشرة لدى الجميع بأنها تمثل الإرهاب المتطرف بأفعالها التي تعرض مصالح البلاد للضرر الكبير".
ويرى الخبير الأمني صفاء الأعسم، أن "كل الجهات التي تقوم بالقصف واستهداف البعثات أو القواعد هي تقف خلفها جهات داخلية مرتبطة بدعم خارجي وخاصة عن دول المنطقة التي تعتبر غير مستقرة بمواقفها تجاه العراق وتسعى دائمًا لوجود بصمة لها في الأوضاع العراقية".
ويضيف الأعسم، أنه "لا يمكن لأي جهة في العراق أن تقوم بتأييد هذه الاعتداءات الصاروخية التي تقوم بها جهات مجهولة لكونها تخترق وبشكل كبير الأوامر والانضباط الذي تحاول تطبيقه القيادة العامة للقوات المسلحة، مؤكدًا في حديث لـ"ألترا عراق"، أنه "لهذا فلا بد من الإشارة لقوة التمويل الذي يلعب دوره بهذه العمليات، وهو يشكل رأس المشكلة كما كان تنظيم داعش الإرهابي في بادئ الأمر بدخوله المحافظات، يستغل الحس الطائفي لكسب المؤيدين له ولكنه فيما بعد استخدم الأموال لكسب العاملين في صفوفه، وهو ما يحدث اليوم بالنسبة للجماعات المسلحة القاصفة للصواريخ".
وبالحديث عن التوصيف الحكومي الجديد، فيسجل الموقف الآخر من هذه العمليات، بما أدلى به الناطق الإعلامي باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول بعد قصف مطار أربيل، حيث قال في تغريدة له عبر "تويتر"، أن "رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وجه بفتح تحقيق في حادثة أربيل ومناطق أخرى، مؤكدًا أن هذا النوع من الأعمال توصف بـ"الإرهابية" وهدفها زعزعة الأمن.
بالمقابل، يعتقد الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، نبيل محمد، أن "هذا التحول في وصف هذه العمليات هو لإضفاء لمسة من الجدية التي يراد بها الإيحاء للأمريكان وقوات التحالف والبعثات الدبلوماسية بأن العراق قادر فعلًا على تأمين سلامتهم في مواجهة عمليات من هذا النوع".
ويشير محمد في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أنه "من الممكن أن يحاول العراق من خلال هذه التوصيفات إيصال رسالة لهذه الجهات المطلقة للصواريخ، أنها يمكن أن تكون تحت طائلة قانون الإرهاب في أي وقت إذا استمرت في عملياتها، كما أشار إلى أنه "ومن الناحية الفعلية لا أعتقد أن مثل هذا التحول سيغير شيئًا، فلا الأطراف المستهدفة مقتنعة، ولا الأطراف التي استهدفتها توقفت، خاصة تلك الجديدة والعائمة منها والتي تمثل واجهة لقوى أخرى".
يقول أكاديمي إن الحكومة تريد أن ترسل لـ"مطلقي الكاتيوشا" بأنهم من الممكن أن يكونوا تحت طائلة قانون الإرهاب
من جهته، يعتبر المحلل السياسي كتاب الميزان، أن "هناك أسلوبًا سائدًا كان مسبقًا في بيانات العمليات المشتركة وخلية الإعلام الأمني فيما يخص قصف البعثات والقواعد العسكرية بأن يتم وصف مطلقي الصواريخ بالخارجين عن القانون، مستدركًا "لكن أن يتحول إلى وصفها بالعمل الإرهابي هذا يعتبر أمر جديد، لافتًا في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أن "هذا يعد تمهيدًا لأمور ممكن تترتب على هذا الوصف لمحاسبة هذه الجماعات، وإحراجهم أمام المجتمع الدولي لكون الآن الأمر أصبح واضحًا في بيانات رسمية بالإمكان اعتمادها كوثيقة دولية، كما أن هذا يعتبر أسلوبًا جديدًا للتعامل مع هذه الميليشيات التي تحاول تقويض عمل الدولة وإجراءاتها لحصر السلاح بيد الدولة ودليل آخر على رفض الدولة لهذه العناصر وأفعالها بشكل جدي لم يكن واضح سابقًا".
اقرأ/ي أيضًا:
حرب المسيّرات والصواريخ في العراق.. "تفاوض مرفوض" وهدنة مهددة