05-فبراير-2019

قوات الأمن العراقية واقفة وراء ملصق يحمل صورة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران (Getty)

بعد أكثر من 15 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق، تنطلق الأسئلة بين فترة وأخرى عن ملامح النجاح الأمريكي الذي تحقق في العراق والمنطقة، بالإضافة إلى المسؤولية الأمريكية عن الخراب الحاصل منذ الحرب الطائفية في العراق، إلى اجتياح تنظيم داعش عدّة محافظات في العراق.

فشلت أمريكا فشلًا ذريعًا في تثبيت الاستقرار بالعراق وإرساء الديمقراطية فيه

 وفي دراسة بحثية جديدة صادرة عن مركز أبحاث الجيش الأمريكي، واستمرت لأربع سنوات، سلّطت الضوء على الدور الأمريكي في العراق، وما هي آثاره، وانتقدت جميع جوانب الحملة العسكرية والدبلوماسية الأمريكية، فيما تتبّعت عدم الاستقرار الحالي والإخفاقات في الشرق الأوسط، مشيرة إلى الأسباب التي أدّت إلى فشل جهود الخارجية الأمريكية في تحقيق الاستقرار بالعراق، عقب انسحاب القوات الأمريكية عام 2011.

وتوصلت الدراسة التي يبلغ طولها 1500 صفحة، وقام بتأليفها قادة عسكريون أمريكيون إلى أن إيران كانت "المنتصر الوحيد" في غزو واحتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة وأن الجهد الأمريكي لإرساء الديمقراطية والاستقرار في الشرق الأوسط كان فاشلًا إلى حد كبير.

وخلصت الدراسة التي صدرت مؤخرًا في مجلدين، إلى أن "إيران الجريئة والتوسعية تبدو هي المنتصر الوحيد، وإن العراق هو التوازن الإقليمي التقليدي لإيران، فيما يبدو في أحسن الأحوال "مخصيًا"، وفي أسوأ الأحوال يمتلك عناصرًا أساسية في حكومته وتعمل بالوكالة للمصالح الإيرانية، وبما أن العراق لم يعد يشكل تهديدًا، سرعان ما امتد نفوذ إيران المزعزع للاستقرار إلى اليمن والبحرين وسوريا، فضلاً عن المواقع الأخرى".

وقد تم الاعتراف بهذه النتائج إلى حد ما سابقًا، خاصة في ظل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي انتقد علنًا غزو العراق في عام 2003 والوجود العسكري الأمريكي خلال عام 2011.

اقرأ/ي أيضًا: 9 حقائق هامة ينبغي ألا ننساها عن الغزو الأمريكي للعراق

ومع ذلك، فأن هذه الدراسة تحمل سلطة غير مسبوقة بسبب طولها الذي يصل الى 1500 صفحة وكذلك تأليفها من قبل الكلية الحربية للجيش الأمريكي، ومركز أبحاث الجيش الأمريكي. إذ كان على رأس هذه الدراسة الجنرال رايموند تي أوديرنو، قائد القوات الأمريكية في العراق في الفترة من 2008 إلى 2010، ورئيس أركان الجيش. واعتمدت أيضًا على 40 عاملًا، وعلى 30 ألف صفحة من الوثائق السرية والمقابلات مع الرئيس جورج دبليو بوش، الذي أمر بالاجتياح، وكبار من المسؤولين الآخرين، بمن فيهم وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، وأمناء الدفاع والمستشارين العسكريين.

انتقد التقرير الصادر عن الدراسة والذي ترجم خلاصته "ألترا عراق"، تقريبًا "جميع جوانب الحملة العسكرية والدبلوماسية الأمريكية، وتتبّعت الكثير من عدم الاستقرار الحالي في الشرق الأوسط وصولًا لأخفاقات أمريكا فيه".

وفقًا للتقرير، أنه مع "امتداد القتال من العراق إلى البلدان المجاورة، "تم محو الحدود العراقية السورية فعليًا" وسقطت سوريا في حرب أهلية شريرة تحولت إلى وحشية لا تُرى إلا في أسوأ النزاعات في القرن العشرين".

بينما ذكر التقرير أيضًا، التطوّرات الحاصلة في كردستان، حيث أنها تحولت من "دولة مقسمة" بين العراق وسوريا وتركيا إلى "دولة الأمر الواقع" التي تهدّد الحكومة التركية. وأصبح خطر نشوب نزاع إقليمي بين المسلمين السنة والشيعة يمتلك تأثيرات مزعزعة عالميًا، حيث أصبح وقعه الآن أكبر من وقعه سنة 632 م، وهي سنة أول انشقاق بين السنة والشيعة".

يبدو العراق في أحسن الأحوال "مخصيًا" وفي أسوأ الأحوال تمتلك حكومته عنصرًا أساسيًا يعمل لمصالح إيران بالوكالة

ومن بين الإخفاقات التي تم تحديدها في الدراسة، عدم قدرة أمريكا على منع إيران وسوريا من منح "الملاذ والدعم" للمسلحين الشيعة والسنة، الذين شنوا هجمات عبر العراق أدت إلى زعزعة استقرار البلاد. حيث اعتقد القادة الأمريكيون خطأً بأن الانتخابات البرلمانية العراقية في عام 2005 سيكون لها تأثير مهدئ، ولكن هذه الانتخابات، بدلًا من ذلك، فاقمت التوترات العرقية والطائفية".

قال الكولونيل المتقاعد من الجيش فرانك سوبتشاك -أحد المحررين المشاركين في الدراسة- للإذاعة الوطنية العامة "NPR" إنه "يمكن النظر إلى الدراسة على أنها ناقدة للغاية، ولكن من وجهة نظر أخرى، فإنها تجعل الجيش يراجع نفسه في محاولة للتأكد من عدم حدوث هذا مرة أخرى، لذا، فإننا مستعدون بشكل أفضل ... نحن بحاجة إلى التعلم دائماً".

وانتقدت الدراسة، الجينرال الأمريكي وقائد القوات الأمريكية في العراق Raymond T. Odierno لعدم فهمه "أهمية فوزالعراقيين على الجانب الأمريكي أثناء الغزو والاحتلال".

فيما قال سوبتشاك "بصراحة، ارتُكب الكثير من الخطأ قبالة القليل من الصواب"، مضيفًا "الآن، العراق ضعيف بشدة بوجود عناصر الطبقة السياسية المؤيدة لإيران، فأنه سيكون واضحًا وجود إيران في وضع أقوى بكثير من الناحية الإستراتيجية، وأعتقد أننا نرى ذلك من خلال توسعها ونوع المغامرات التي تجري في سوريا واليمن ومواقع أخرى".

لم يصل زعماء أمريكا إلى اتفاق يبعدون صدام فيه عام 1991 بسبب وجود العراق كقوة مضادة لإيران 

تبرر الدراسة جزئيًا قرار الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بعدم الإطاحة بحكومة صدام حسين عام 1991 بعد أن "أطاحت قوات الولايات المتحدة بالجيش العراقي من الكويت في أعقاب غزوها عام 1990، وقال العديد من الساسة والمحللين الأمريكيين في ذلك الوقت إنه كان على الولايات المتحدة غزو العراق وإقصاء صدام بدلًا من تركه، وبقائه في بالسلطة".

وأشار سوبتشاك إلى أن "زعماء الولايات المتحدة لم يصلوا إلى لأتفاق يقصون من خلاله صدام بسبب "التوازن الجيوسياسي المتمثل بوجود العراق كحصن أو قوة مضادة لإيران".

 

اقرأ/ي أيضًا:

غزو العراق.. تفتيت الهوية وإفقار الشعب في رحلة الكذب الأمريكي

الهلال الشيعي.. مشروع إيراني أم أمريكي (3/3)