أثّر الغزو العراقي للكويت سنة 1990 في الأدب الكويتي وكُتّابه، بغضّ النظر عن قلّة الأعمال الأدبيّة التي تناولت ذلك الحدث، أو تلك التي فشلت في استثماره أدبيًا، إذ أن الغزو وما رافقه من أحداث وتحوّلات في المجتمع الكويتي أسّسَ لأدب جديد يُلقي ظلاله على تلك المرحلة، إن كان ذلك بطريقةٍ مُباشرة أو غير مباشرة. حيث إنّ الغزو بات دائم الحضور في الأعمال الأدبيّة الكويتيّة باعتباره حدثًا مفصليًا في تاريخ دولة الكويت. في هذا المقال نتعرّف معًا على 4 من أبرز الروايات التي تناولت هذا الحدث.
1- طيور التاجي
يعدُّ الروائي إسماعيل فهد إسماعيل واحدًا من أبرز الأدباء الكويتيين الذين تناولوا مرحلة الغزو العراقي في أعمالهم الأدبيّة. حيث قدّم في روايته "طيور التاجي" (كل من نوفا بلس للنشر والتوزيع، ومنشورات ضفاف والاختلاف) صورةً مُغايرةً عن تلك المرحلة، مُتجنبًا الانحياز لطرفٍ ما على حساب طرفٍ آخر، ومؤكِّدًا أنّ الشعبين، الكويتي والعراقي معًا، كانا ضحية نظام قمعي ومُستبد.
أقام إسماعيل فهد إسماعيل روايته "طيور التاجي" على حكاية أربعة أسرى كويتيين في السجون العراقيّة، محاولًا من خلال ذلك إعادة تسليط الضوء على أبرز القضايا التي ظهرت إبّان الغزو، وهي قضية الأسرى والمفقودين الكويتيين. وترصد رواية "طيور التاجي" حياة هؤلاء الأسرى داخل السجن، ولكن من منظورٍ مختلف الهدف منه رُبّما إنصاف من أحسنوا التعامل مع الأسرى من الجيش العراقي، وكسر الصورة النمطيّة التي سادت عنه آنذاك، وترسّخت في ذهن الكويتيين. وذلك من خلال شخصيّة "المُلازم أيمن" الذي يتحوّل من سجانٍ إلى صديقٍ مُقرّب للأسرى الكويتيين الأربعة.
2- جراحات الزمن الرديء
لم يقدّم الأدب الكويتي حكاياتٍ مختلفة عن فترة الغزو من منظورٍ ذكوري فقط، بل أتاح للنساء المُشاركة في توثيق وإعادة كتابة تلك المرحلة انطلاقًا من منظورهنّ الخاص، وتجاربهنّ الشخصيّة أيضًا. مقدِّمًا بذلك أكبر قدرٍ من الحكايات عن تلك المرحلة. ورواية "جراحات الزمن الرديء" (دار الصفوة، 1993) للكاتبة خولة القزويني؛ تعدُّ واحدةً من تلك الأعمال التي تناولت ما حدث من منظور الكاتبة الخاص.
رواية "جراحات الزمن الرديء" تمهّدُ لمرحلة الغزو، إذ أنّها ترصد أولًا الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة في الكويت قبل حدوثه، وتبحث في الأسباب التي قادت النظام العراقي لاتخاذ القرار بغزو دولة الكويت، مُتجاهلًا وقوفها إلى جانبه في حربه مع إيران. ومن ثمّ تتّجه خولة القزويني لسرد يوميّات الكويتيين في ظلّ الغزو، وذلك من خلال شخصيتي الرواية عيسى وخولة.
3- فئران أمي حصّة
لا يتّخذ الروائي سعود السنعوسي في روايته "فئران أمي حصّة" (الدار العربيّة للعلوم ناشرون ومنشورات ضفاف، 2015) والممنوعة في دولة الكويت؛ من مرحلة الغزو فكرةً رئيسيّةً للرواية. ولكنّه في الوقت ذاته يفردُ لها مساحاتٍ واسعة داخلها، وذلك من خلال منظورٍ جديدٍ يتمثّل في النظرة الخاصّة للطفل نحو ما حدث.
ترصد رواية سعود السنوسي التغيّرات التي طالت المُجتمع الكويتي، سياسيًا واجتماعيًا، إبّان انتهاء الغزو. ولعلّ أبرزها بوادر ظهور صداماتٍ بين الطائفتين السنيّة والشيعيّة نتيجةً لسياسات بعض الدول. بالإضافة إلى الاستياء الذي بات يشعر به الكويتيين نحو الفلسطينيين نتيجة المواقف السياسيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة آنذاك. كما يتحدّث سعود السنوسي أيضًا عن يوميّات الغزو وطريقة مُعايشة الكويتيين لهُ، محاولًا ترسيخ تلك الأحداث في ذهن القارئ، ولعلّ أبرزها قيام والد صديقه بقصّ شعر شقيقته من أجل حمايتها من الاغتصاب في حال داهم الجنود العراقيون المنزل.
4- ثؤلول
تناولت الرواية الكويتيّة الغزو العراقي بوصفهِ حدثًا ومرحلةً مفصليةً في التاريخ الكويتي، ولكن دون أن تتطرّق غالبًا للأثار التي خلّفها الغزو بشكل فردي ومُباشر، إذ أنّ مُعظم الروايات التي تناولت هذا الحدث تناولت أثاره بصورةً عامّة، ولكنّ الكاتبة الكويتيّة ميس خالد العثمان تفرد في روايتها "ثؤلول" (دار العين، 2015) مساحةً واسعةً لموضوع الاغتصاب، أحد أبرز الأثار والانتهاكات التي خلّفها الغزو، والذي شهد ما يُشبه التهميش أو المحو حتّى في الحكايات المتداولة بين الناس داخل الكويت، وذلك عائدٌ بطبيعة الحال لعادات وتقاليد المجتمع الكويتي.
رواية "ثؤلول" هي حكاية الطفلة سلوى التي تتعرّض للاغتصاب من قبل جندي عراقي في سنّ صغيرة، ولكنّهُ يخولها لتحمل بعد فترة طفلًا في أحشائها، ما يثير ذعر ورعب العائلة التي حاولت مرارًا إجهاض الطفل تجنبًا لحدوث فضيحة تُلصق العار بها للأبد، ولكن دون جدوى، ما يدفعها لاحقًا للقول، بعد ولادة سلوى، أن والدتها حملت بالطفل في فترة الغزو دون أن تتمكّن من الإفصاح عن الأمر نتيجة الظروف الحاصلة. وتعرض الروائيّة ميس خالد العثمان الكراهية التي يكنّها أفراد عائلة سلوى للطفل، بينما على الجانب الآخر تعرض أيضًا قوّة العلاقة التي نشأت بين الطفل وسلوى التي ملّت من لعب دور الأخت أمام الآخرين.
اقرأ/ي أيضًا: