02-يوليو-2022

بعد الانسحاب (فيسبوك)

لم تتوصل الأوساط المراقبة والمهتمة بالشأن السياسي إلى أي احتمالية ممكنة لما يخطط إليه الصدر بعد نحو 20 يومًا من مغادرته العملية السياسيّة.

 ولا يبدو أن الحيرة وعدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بتفكير الصدر مقتصرات على الأوساط السياسية والمراقبين للشأن السياسي، بل من الواضح أنها تسيّطر حتى على الحلقة الضيّقة المحيطة بالصدر من أصحابه، الذين يزيدون حيرة الشارع بالرسائل القصيرة التي يبعثونها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، والتي تبدو وكأنهم مطلعين على ما يخطّط له الصدر، إلا أنّ الاعتقاد الأرجح، هو أن المقربين من الصدر لا يمتلكون أي معلومات بهذا الشأن، ليس لأن الصدر متكتم عنها، بل لأنه "لا يوجد ما يخطط له الصدر أساسًا".

ربما يراهن الصدر على تظاهرات غاضبة ضد الإطار التنسيقي ليست من الصدريين 

يستمر المقرب من الصدر ورئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري بنشر تدوينات من المفترض أنها تحمل إجابات للمتسائلين، سواء من أتباع التيار الصدري أو الشارع عمومًا، إلا أنّ العذاري وفي إحدى "خاطراته" كما وصفها على حسابه في فيسبوك، قارب بين فعل الصدر وفعل العبد الصالح وقصته مع النبي موسى في سورة الكهف، حيث أنّ أفعال العبد الصالح كانت غير مفهومة ولم يجد لها تفسيرًا حتى "النبي"، فيما أشار إلى أن "الحكمة من انسحاب الصدر ستُدرك ولو بعد حين".

ومن الواضح أن العذاري بنفسه لا يعلم الحكمة من فعل الصدر، ولا يعلم ذلك حتى المعاون الجهادي للصدر "أبو دعاء العيساوي"، الذي يستمر ببعث رسائل من قبيل "الحنانة مصدر القرار، ترقبوا"، وفي مدونة أخرى كتب "جاهزون"، وتلاقفت مواقع التواصل الاجتماعي هذه الرسائل بمزيد من التساؤلات، وما تحمل رسائل العيساوي وراءها من اطلاع على ما سيحدث، إلا أنها أدلة أكبر على عدم علم العيساوي بشيء، وما تدويناته إلا رسائل ضرورية للخصوم، وللجمهور الصدري الذي يحتاج لإجابات.

هنالك احتماليّة واحدة تسيطر على قناعة مختلف الأوساط حول ما يخطط له الصدر، والتي تذهب نحو "إخراج الصدر لتظاهرات تسقط حكومة الإطار أو تمنع تشكيلها"، إلا أنّ الصدر لن يذهب لإخراج تظاهرة "صدريّة" لإسقاط حكومة الإطار، لأنها ستكون تظاهرة "غير موضوعية" ولا يشهد لها بالحق، ودوافعها ستكون "سياسيّة".

ربما أن الاعتقاد بعدم تخطيط الصدر لشيء وعدم تخطيطه لإخراج تظاهرات "صدريّة" حتّى، تعززه النقطة الثالثة في "لائحة أسباب الانسحاب" الأخيرة التي نشرها صالح محمد العراقي، والتي جاء فيها: "لعل البعض يتوهم أن قرار انسحابه هو تسليم العراق للفاسدين والتوافقيين، كلا بل هو تسليم لإرادة الشعب ولقراره، وإن غدًا لناظره قريب".

لا يخطط الصدر لتظاهرات بل ينتظرها، هو يراهن على ما يبدو على "تشرين جديدة"، تظاهرات غاضبة على الإطار التنسيقي وحكومته، لا يكون الصدر مسؤولًا عنها بشكل مباشر، لئلا يحسب حراكه بأنه تربص سياسي بخصومه، بل هو إرادة شعبية جماهيرية لا ترغب بالإطار وأنصاره، ليكون الحراك هذه المرة "استئصالي" موجّه تحديدًا ضد قوى الإطار وشخوصه.

قد يتأمل الصدر من هذا الحراك الذي ربما لن يكون "عفويًا بالكامل"، بأن تكون نتائجه استئصال الإطاريين من العملية السياسية بالكامل، بعد أن فشل الصدر بإبعادهم من الحكومة التي كان يخطط لتشكيلها.