18-يوليو-2022
بستان في محافظة واسط تبدو آثار أزمة المياه واضحة عليه

بستان في محافظة واسط خلال العام 2022 (Getty)

تستمر أزمة المياه في العراق، ويبدو أنّ العراقيين فعلًا على موعد مع جفاف حقيقي، بعد تراجع التدفقات المائية من دول المنبع (تركيا ـ إيران)، وسط عجز حكومي لإيجاد الحلول لهذه الأزمة التي باتت تفزع المدن، خصوصًا الجنوبية من العراق.

محافظات المصب في العراق هي الأضعف والأكثر تأثرًا بأزمة المياه

وقطعت كل من تركيا وإيران طوال الأشهر الماضية معظم التدفقات المائية من أراضيها نحو العراق، الأمر الذي تسبّب بجفاف شديد في معظم المناطق والذي أجبر الحكومة على تقليل المساحات المزروعة خوفًا من الدخول بجفاف شامل في البلاد.

وبحسب تقديرات حكومية، فأنّ التصحر اجتاح 39% من الأراضي العراقية، في حين باتت الملوحة تهدّد التربة في المناطق الزراعية بنسبة تجاوزت الـ 54% الأمر الذي تزامن مع موسم مطري منخفض جدًا خلال الشتاء الماضي.

أرقام صادمة

وجراء أزمة المياه في العراق، خسرت المحافظات الجنوبية أغلب مساحاتها المائية كونها ضمن محافظات المصب لا المنبع، فتكون بذلك "الحلقة الأضعف"، بحسب الخبير المائي، أحمد صالح.

ويقول صالح إنّ "محافظة ميسان خسرت أهوارها المائية بشكل كامل وبنسبة ‎%‎100، في حين خسرت البصرة ما يقرب إلى ‎%‎70 وذي قار %40، فيما فقدت محافظة واسط ‎%‎30".

منظر جوي لأهوار ذي قار
منظر جوي لأهوار ذي قار (Getty)

 

وتراجع الخزين بنسبة كبيرة ووصل تقريبًا إلى أقل من 20% في جميع السدود والبحيرات، بحسب صالح الذي أشار إلى أنّ "العراق سيدخل بمرحلة الجفاف التام في الشهرين الأخيرين من العام الجاري".

وبشأن تأثر القطاع الزراعي، يتحدّث الخبير المائي، قائلاً إنّ "العراق خسر نصف مساحته الزراعية نتيجة قرار وزارة الزراعة بخفض الإطلاقات المائية وتقليص المساحات المزروعة إلى ‎%‎50".

واضطر العراق، نهاية العام الماضي، إلى تقليص المساحات الزراعية للموسم الشتوي المقبل في العام الجاري، إلى النصف بعد تفاقم أزمة المياه في العراق.

وبحسب صالح، فأنّ الحلول الدبلوماسية لا تزال هي الأوفر حظًا لحل أزمة شحة المياه، متوقعًا في ذات الوقت الوصول إلى "تفاهمات مائية بين بغداد وأنقرة كون هناك مصالح مشتركة".

الأهوار المتضررة

وتعتبر الأهوار الأكثر تضررًا بعد قطاع الزراعة جراء شحة المياه في العراق الذي بدأ يسجل ارتفاعًا ملحوظًا مع بداية الصيف الحار وقلّة الأمطار في موسم الشتاء الماضي.

وفي هذا الجانب تحدث علي الأهواري، الباحث في شؤون الأهوار، لـ"ألتر عراق"، عن اضطرار متوقع للعائلات ومربي الجاموس من "النزوح نحو المحافظات الوسطى والشمالية بحثًا عن المياه بعد جفاف أغلب الأهوار". 

ووفقًا للأهواري، فأنّ الأهوار خسرت ما يزيد عن 70% من مياها العادية وهو ما يشكل خطر التصحر خلال الأسابيع القادمة، حيث أنّ "أهوار الجبايش وأهوار الحمار الغربي في محافظة ذي قار هي الأكثر تضررًا، ثم يليها أهوار إشان حلاب وإيشان الگبة ومناطق حسچة وأبو سوباط والبرگة الغدادية".

أهوار ذي قار
أهوار ذي قار (Getty)

وحذر الأهواري، من سحب هذه الأهوار من لائحة التراث العالمي على خلفية الجفاف الذي اجتاحها، والذي أسفر بدوره عن نفوق الأسماك والحيوانات وتراجع السياحة فيها.

وفي 17 تموز/يوليو من العام 2016، وافقت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، بالإجماع على وضع الأهوار في العراق ضمن لائحة التراث العالمي كمحمية طبيعية دولية.

تعهد تركي بزيادة الإطلاقات

في غضون ذلك، تحدثت وزارة الموارد المائية، عن وجود انفراجة، تتعلّق بمخاطر الجفاف في العراق، حيث قال المتحدث باسم الوزارة، علي راضي، إنّ "الجانب التركي تعهد خلال اجتماع افتراضي بزيادة الإطلاقات المائية إلى العراق لعبور أزمة الشحة التي يعاني منها".

وسابقًا وحسب وسائل الإعلام التركية، فقد قدمت أنقرة اقتراحًا لتنظيم تدفق مياه الفرات حسب الحاجات الموسمية بمتوسط سنوي قدره حوالي 16 مليار م 3، وهو الاتفاق الذي تم توقيعه مع سوريا.

الخزين الجوفي للعراق

ويتوقع الخبير البيئي والمائي، حيدر محمد عبد الحميد أن تشهد السنوات القليلة المقبلة ووفقًا للمعطيات الحالية جفاف نهري دجلة والفرات واختفاء المياه بشكل كامل، وهو ما "يستوجب زيادة العمل الحكومي لزيادة الإطلاقات المائية من قبل تركيا" والحد من آثار أزمة المياه في العراق. 

ووفقًا لعبد الحميد، فأنّ السياسة المائية في العراق ضعيفة، مشيرًا إلى "عدم وجود جهات حكومية تعمل على تدوير المياه من أجل الاستفادة من المفقودات".

ويقول عبد الحميد لـ"ألترا عراق"، إنّ "تدفق المياه من تركيا هذا العام وصل إلى أقل من 20% مقارنة بالعام الماضي، وأن 35% من هذه المياه تصب في نهر دجلة"، مبينًا أنّ "العراق يمتلك خزينًا مائيًا جوفيًا يقدر بـ 6 مليار متر مكعب، وهو لا يعتمد عليها".

هناك توقعات بنزوح العوائل في مناطق أهوار الجنوب بحثًا عن المياه

ولفت عبد الحميد إلى أنّ "العراق بحاجة إلى معالجة التغيير المناخي من خلال الاعتماد على الاستمطار الصناعي، إضافة إلى تشكيل لجان متخصصة ومفاوضة لمناقشة هذا الملف مع دول المنبع".