14-يوليو-2019

تُخرج الجامعات العراقية نحو 600 ألف طالب سنويًا دون أي خطط توظيف (فيسبوك)

ثمة مصيرٌ واحد يجمع أغلب خريجي الجامعات العراقية، وهو الجلوس في المنزل بعد أن يلتهمهم شبح البطالة المنتظر، فتذوي كل آمالهم وخبراتهم واختصاصاتهم عبثًا، وتتحول شهاداتهم الى محض ورقة معلقة على الجدران لا تقدم ولا تؤخر، في ظل انعدام فرص العمل وغياب المشاريع التي من المفترض أن تقوم بها الدولة، هذا بالإضافة إلى احتكار التعيينات من أحزاب تهيمن على السلطة تعمل وفق سياسية الدفع أو الولاء مقابل الوظيفة، مع وجود نحو 100 ألف عامل أجنبي

البطالة "شبح" يلتهم مئات آلاف الخريجين من بينهم أصحاب تخصصات عليا يتطلب الوصول إليها اجتهادًا وجهدًا كبيرًا 

في ظل هذه الأوضاع، بدأت عدة حركات احتجاجية للخرجين من أصحاب التخصصات المهمة والتي يتطلب الوصول إليها اجتهادًا كبيرًا في مرحلة الدراسة الإعدادية، للمطالبة بفرص عمل ووظائف أمام المؤسسات والوزارات المختصة كالنفط والكهرباء وغيرها.

اقرأ/ي أيضًا: الخريجون الذين تحولوا إلى دعاية انتخابية.. قصة البطالة العراقية مع "عطية"

حيث يواصل مهندسون كيمياويون اعتصامًا مفتوحًا أمام وزارة النفط منذ أكثر من شهر، فيما نظم خريجو كليات العلوم عدة تظاهرات واعتصامات تحت عنوان "ثورة العلوميين"، ثم لحق بهم طلاب كلية الإدارة والاقتصاد بتظاهرات انطلقت بتاريخ 11تموز/يوليو في عموم مناطق البلاد.

تتلخص مطالب الخريجين بشمولهم بالتعيين المركزي أو توفير البدائل المناسبة بعيدًا عن البيروقراطية والمحسوبية، وطرد العمالة الأجنبية من العراق، رافعين شعار "لا تراجع وتصعيدنا مستمر".

اعتصام مهندسين كيمياويين أمام وزارة النفط في بغداد 
أحد المهندسين يفترش الرصيف أمام وزارة النفط
احتجاجات "ثورة العلوميين" في بغداد

يقول مسلم الحسناوي وهو أحد خريجي كلية الإدارة والاقتصاد قبل خمسة سنوات في حديثه لـ "الترا عراق" إنّ "طلاب كليات الإدارة والاقتصاد هم العدد الأكبر الذين لا يحظون بالتعيينات في دوائر الدولة"، وتساءل: "ما دور الكلية التي تخسر عليها الدولة مئات المليارات ولم يحظى طلابها بالتعيين ولم تنتفع شيئًا منهم، فهذا يحتم عليهم غلقها وفتح كليات جديدة تخدم البلد".

 يضيف الحسناوي، أن "الشيء الذي لم يعد خافيًا على أحد هو دور الأحزاب في بيع الوظائف وحصرها بيد مؤازريهم الذين يروجون لقوائمهم قبيل الانتخابات"، مؤكدًا أن "الخريجين لن يصمتوا بعد اليوم عن المطالبة  بحقوقهم التي عبثت بها الأحزاب التي تحكم العراق وفق سياسة المحاصصة".

كما أشار الحسناوي، إلى أنّ "بعض المحتجين مضى على تخرجهم أكثر من 12 عامًا دون أن يشملهم التعيين وفي نفس الوقت لم يعثروا على فرصة العمل المناسبة"، فيما يؤكد "غياب فرص العمل المناسبة في القطاع الخاص فضلًا عن ما يواجه العاملين في هذا القطاع من سوء معاملة وضياع حقوق لغياب قوانين العمل والضمان الاجتماعي، حيث تعود أغلب الشركات والمشاريع إلى سياسيين أو متنفذين بالدولة، يستخدمون الخريجين مقابل أجور زهيدة ثم يطردوهم متى شاءوا".

بدأت منذ أشهر "ثورات" احتجاجية للخريجين بدأت من المهندسين والعلوميين وانضم لهم خريجو كليات وجامعات أخرى من بينها الإدارة والاقتصاد تطالب بالوظائف و"طرد" العمالة الأجنبية 

 خريجو الإدارة والاقتصاد يتظاهرون في الديوانية (ألترا عراق)

من جانبه يقول الطالب ليث الجبوري في حديثه لـ "الترا عراق" إن "مطالب المتظاهرين تتلخص في تحقيق التعيين المركزي أو بديل عنه فالحكومة ملزمة بتوفير فرص العمل، وطرد العمال الأجانب"، مطالبًا الحكومة المركزية بالاستجابة إلى مطالب الخريجين في المحافظات، لعجز الحكومات المحلية عن تلبية مطالبهم، فيما شدد أن "الخريجين مستمرون بالتصعيد ولن يتراجعوا حتى تحقيق جميع مطالبهم".

رفض وساطة واعتصامات مفتوحة

يقول مظفر الرحيمي من مدينة الناصرية وهو أحد منسقي التظاهرات التي انطلقت في عموم العراق في حديثه لـ "ألترا عراق" إن مشروع التظاهرات بدأ قبل 6 أيام وقد قمنا بالترويج له من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وفعلًا حصلت استجابة كبيرة وخرجنا بتظاهرة موحدة في عموم العراق". 

وأضاف، أن "حركة الاحتجاجات هذه مستقلة وغير مرتبطة بأية جهة حزبية سواء ما يرتبط بالتحرك على أرض الواقع أو الأفراد المنظمين لمشروع الاحتجاج"، مؤكدًا أن "الهدف من التظاهرات هو المصلحة العامة للطلاب الذين تستلب حقوقهم من قبل الأحزاب".

تظاهرات خريجي الإدارة والاقتصاد في الناصرية (ألترا عراق)

كما شدد الرحيمي، على رفض "تدخل أية جهة سياسية أو حزبية في مطالب الطلبة، أو زج نفسها للوساطة بينهم وبين الحكومة المركزية"، موضحًا أن "الوسيلة التي بيننا وبين عادل عبد المهدي هي فقط الإعلام وأن مطالبنا تتلخص في مطلبين، طرد العمالة الأجنبية والتعيين المركزي أو إيجاد بديل عنه".

ويخطط طلبة الإدارة والاقتصاد، لاعتصام مفتوح أمام رئاسة الوزراء في بغداد أسوة بزملائهم من المهندسين والعلوميين وغيرهم من خريجي الجامعات الذين يعتصمون منذ أشهر، يبدأ يوم 21 تموز/يوليو الجاري.

كان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قد دعا، عبر صفحته الشخصية، في 9 نيسان/ أبريل 2015، الخريجين والعاطلين إلى الضغط عبر صفحات المسؤولين. وكتب عبد المهدي في منشور له قبل توليه رئاسة الحكومة: "لو كنت مكان أولئك الخريجين والعاطلين لسلكت طريق المطالبة من خلال الحملات على صفحات المسؤولين. فالدفاع عن حق العمل هو عنصر أساس ومن حق الحياة، وهو ما كفله الدستور في المادة (22) والتي تنص "العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة". وهو ما وضعه في حرج شديد لاحقًا أمام مطالب الخريجين.

يذكر أن آخر إحصاء أجراه الجهاز المركزي في بغداد، أظهر أن نسبة البطالة بين الشباب في العراق بلغت 22.6 %. وذكر الجهاز في بيانه آنذاك، أن "نسبة البطالة بين الشباب للفئة العمرية بين 15 إلى 29 سنة بلغت 22.6% بارتفاع عن المعدل الوطني بلغ 74%".

اقرأ/ي أيضًا: العراق..مافيا الوظائف الحكومية تطيح بآمال الشباب

 وبين، أن "البطالة لدى الذكور لهذه الفئة بلغت 18.1%، في حين بلغت البطالة لدى الإناث نسبة 56.3%"، مشيراً إلى أن "نسبة معدلات مشاركة الشباب في القوى العاملة قد بلغت 36.1%، والذكور الشباب شكلوا نسبة 61.6% مقابل 8.8% للشابات الإناث".

في حين أعلن صندوق النقد الدولي في أيار/مايو 2018، أن معدل بطالة الشباب في العراق يبلغ أكثر من 40%، من أصل تعداد سكان العراق البالغ 37 مليون نسمة بحسب آخر إحصائية أعلنتها وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي.

يبلغ معدل البطالة في العراق 40% وفق صندوق النقد الدولي فيما تخرج الجامعات العراقية نحو 600 ألف طالب سنويًا دون أي خطط توظيف

يشار إلى أن الجامعات والمعاهد العراقية وبحسب مصادر مختصة تخرج سنويًا 600 ألف طالب لا يجدون الفرصة المناسبة للعمل خصوصًا في المدن التي تعيش على خط الفقر وتنعدم فيها المشاريع التنموية.

ومن أبرز أسباب تفاقم البطالة في العراق بحسب مختصين بالشأن الاقتصادي، سوء الإدارة، وتفشي الفساد، وعدم وجود خطط حقيقية لإنعاش الاقتصاد، إضافة إلى عدم فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية وهيمنة الأحزاب على ملفات التعيين وعدم اتخاذ خطوات جادة من قبل الحكومة لإيقاف ظاهرة بيع الوظائف.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قدرة العراقيين الشرائية.. من مغامرات صدّام إلى فقدان 790 مليار دولار!