06-يناير-2022

الدولة تقرّ باحتواء سجونها على أبرياء (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم يعد ممكنًا وصف الانتهاكات والهفوات الجسيمة التي ترتكب من قبل وزارة الداخلية تارة كمؤسسة ومرةً أخرى كعناصر بأنها أخطاء فردية، حيث تشكلت قناعة تامة بوجود خلل في المنظومة الأمنية عمومًا، ووزارة الداخلية على وجه الخصوص، حتى اعترفت الحكومة بضرورة إعادة التقييم ووجود سجناء أبرياء في السجون العراقية.

سبق مجزرة جبلة التي ارتكبت من قبل القوات الأمنية عشرات الحالات خلال أقل من عامين

مجزرة جبلة في محافظة بابل، كشفت النقاب عن 4 مشاكل خطيرة قد تلخص المشهد الأمني وكل ما يرتبط به من انتهاكات بالكامل في العراق، حيث أثبت إمكانية تحرك وانسياق قوات عسكرية كبيرة خلف إخبار كاذب ووهمي واتخاذ إجراءات على أساس تهم كيدية، وإهمال مسألة الأمر القضائي واتخاذ الإجراءات الأمنية قبل الحصول عليه، وعدم ضبط النار واستخدام العنف ضد من يتمّ اعتقاله، وأخيرًا الكذب ومحاولة تغطية الجريمة وتضليل العدالة.

اقرأ/ي أيضًا: "مجزرة جبلة".. روايات متضاربة ومؤشرات على تعرّض المنزل لذخيرة ثقيلة

هذا الانتهاك الذي ارتكب بشكل "مؤسساتي" من قبل قوات تنتمي إلى وزارة الداخلية، تسبقه عشرات الحالات خلال أقلّ من عامين والتي تورط بها عناصر في الداخلية، فقبلها تورط منتسب في الداخلية باغتصاب "الطفلة حوراء" في منطقة الحسينية، بالإضافة إلى حادثة أيلول/سبتمبر الماضي حيث شهد العراق قضية غريبة عندما اعترف رجل من محافظة بابل تحت التعذيب بقتل زوجته وتصوير مشهد كامل بكشف الدلالة عن كيفية قتلها، قبل أن يتمّ اكتشاف أنها على قيد الحياة.

وفي أيلول/سبتمبر 2020، تورط منتسب بالداخلية بقتل عائلة كاملة وابنتهم الصيدلانية شيلان في منطقة المنصور، فضلًا عن تسجيل أكثر من 5 حالات وفاة تحت التعذيب في البصرة وبابل، خلال أسابيع متقاربة في الأشهر الأخيرة من العام الماضي.

وخلال الأشهر الـ5 الأولى فقط من العام الماضي، توفي أكثر من 90 نزيلًا في السجون العراقية بين تعذيب وإهمال طبي، بحسب إحصائية المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب.

ومؤخرًا، أقرّت الدولة متمثلة برئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بوجود معتقلين في السجون العراقية بتهم كيدية، معترفًا بضرورة إعادة النظر بـ"التقييم الأمني".

الكاظمي قال خلال جلسة مجلس الوزراء في 5 كانون الثاني/يناير، إنّ "هناك عراقيين قضوا سنوات في السجون؛ بسبب تهم كيدية، وقد زرت عددًا منها، ورأيت العديد من هذه الحالات"، مشيرًا إلى أنه "سيقوم بزيارة رئيس مجلس القضاء الأعلى؛ للتنسيق على تشكيل لجنة تنظر ببعض القضايا التي يشتبه أنها تنطوي على تهم كيدية".

وأضاف أنّ "ما حدث في ناحية جبلة بمحافظة بابل أمر مؤسف ومحزن أن يُقتل عراقيون بدم بارد على يد نفوس ضعيفة دخيلة على أخلاقيات ومبادئ قواتنا الأمنية؛ وهذا ما دفعنا للتأكيد وبشدة على ضرورة إعادة النظر في التقييم الأمني لبعض العناصر الأمنية".

ويوجد في سجون العراق نحو 76 ألف بين موقوف ومسجون ومحكوم، بحسب آخر إحصائية لمفوضية حقوق الإنسان، وسط تساؤلات عن عدد ضحايا التهم الكيدية من بين عشرات الآلاف من القابعين في السجون.

وبالرغم من تكرار الفضائح القانونية والسلوكية التي تلحق وزارة الداخلية، وصولًا إلى اعتراف حكومي صريح بوجود ضحايا تهم كيدية وهو الأمر الذي يرقى إلى "فضيحة أكبر" بحسب مراقبين، إلا أنه لم تتخذ إجراءات حقيقية لإعادة هيكلة وتنظيف وزارة الداخلية التي تضم أكبر عدد من المنتسبين من بين الأجهزة الأمنية الأخرى وتستهلك موازنة سنوية تعادل أكثر من 10% من الموازنة، وتمثل واحدة من بين أعلى الوزارات انفاقًا وبنحو 11 تريليون دينار، وهو يعادل 4 أضعاف موازنة وزارة الصحة.

وحول إمكانية اعتبار أن الخلل في المنظومة بالكامل في وزارة الداخلية وليس تصرفات أو أخطاءً فردية، يرى الخبير الأمني سرمد البياتي أنّ "خلل المنظومة ليس بجديد ولم يكتشف الآن، بل هو واقع مشخص منذ بدء تشكيل الأجهزة الأمنية بعد 2003".

وأضاف البياتي في حديث لـ"ألترا عراق"، أنه "بعد عام 2003 كان هناك احتياج لبناء أجهزة أمنية وتم فتح باب التطوع دون تدقيق وتطوعت أعداد كبيرة دون معايير".

وأشار إلى ضرورة أن يتمّ الآن كخطوة أولى "تقليل أعداد العناصر الأمنية والاعتماد على النوع وليس على الكم"، مبينًا أنه "باستخدام التقنيات الحديثة سنصل لمرحلة الاستغناء عن نصف العدد بالضبط لعدد العناصر الأمنية الحالية".

أما بخصوص المعايير لتحديد العناصر المؤهلين وأولئك الذين يجب تسريحهم، يعتبر البياتي أنّ "الموضوع يحتاج لجلسات وندوات مطولة لخبراء وضباط بأعلى المستويات لإعادة النظر بالمنظومة الأمنية والخروج بتوصيات وقرارات"، مشيرًا إلى أنّ "هذا الأمر يجب أن يكون بمبادرة من الدولة فالخبراء شخصوا الثغرات كثيرًا دون استجابة وإرادة حكومية".

وأوضح أنّ "التنقية وإعادة التنظيم والإعداد يجب أن تبدأ من الأدنى والمنتسبين وصعودًا لأعلى المستويات".

يرى خبراء أمنيون أنّه باستخدام التقنيات الحديثة سنصل لمرحلة الاستغناء عن نصف العدد بالضبط لعدد العناصر الأمنية الحالية

وبيّن أنّ "المؤسسات الأمنية تحتوي حتى على صبغة عشائرية بداخلها وهناك عناصر تقوم بما يسمى بالكَوامة العشائرية وهذا من أول المؤشرات التي يجب معاملتها وأقل ما يمكن التعامل به مع المتورطين بهذه السلوكيات هو الفصل الدائم".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"اغتصاب حوراء".. 4 فضائح في قضية أبطالها وزارة الداخلية والإعلام

فضيحة "القاتل البريء" تتفاعل.. "تعذيب" ثم محاكمة أمام "قاض تلفزيوني"