30-مايو-2019

للفنان نزار علي بدر

أحدٌ ما كان داخلي..

يقضي رمق الليل الطويل ولحظات

السطو المستحيلة

بمواويل شاخرة

كان لا يحب النوم حتى صرت أشكُ

أنني متلبس بظل بومة أو ما شابه

كان يمزقُ ثيابهِ، كلُ ليله يكسر

زجاج نوافذ روحه الداخلي

أصابني نزيفًا من شرخ الزجاج

نزيف أخرجهُ معه، ظهر أمامي

كان بملابس رثة ممزقة كئيبة

كصورة عريسين كتب على ظهرها فراق قريب

بهيئة معطوبة

بشعر متناثر ككلمات أدرد

بحذاء من فرد واحد يخرج

أصبعيهِ الكبير يضحك

من كهف جواريبهِ العطنة بمسك النزيف

انا أراقبه عندما خرج مني!!

راح مسرعًا إلى دولابي الخاص أخذ ينثر

الملابس

هنا جينز

هناك سروال داخلي

أخد يجهز نفسة بكمال الربيع

ويمسك زجاجة العطر كالأعمى

وهو يدهس جسده

بعطر متماسك القوة

وقف أمام المرآة مشط شعره

ثم ترك ورقة على

الكنبة "نلتقي في حياة أخرى قريبة"

أخذت أخد خطواتهِ المتثاقلة

ويخيم فوق رأسه سربًا من العصافير

حتى وصل المقبرة

هناك صعدت كرسالة

عشق في يد مراهقة

إلى السطح هناك

السماء صافية من الدخان

الليل ينير روح السماء كلما عطس

بنجمة أخرى

لا صراخ لا شيء سوى ماكنة خياطة

في آخر الأزقة في مدن

رأسي النازفة

ربما تعد كفن أو شيء أشبه به أو لا شيء!

بعدها بساعة فقط

جاءوا ثلاثة أشخاص، اثنان

على الباب

وواحد على صدري

فجأة وإذا الناس تبكي عند رأسي

ما بكم!

ماذا حصل؟!

لحظات صغيرة الغرق

وإذا هو داخلي مرة أخرى همس لي

"هذه الحياة الأخرى يا صديقي"

ثم نمنا معًا في قبرُ صغير.

 

استبدال خاطئ في الخدج

يوم ولادتي التي لا أعلم

كيف كان؟!

سوى أن أمي ذات يوم أخبرتني

كان الجو ضبابي الملامح

مكتظ الوجه

بارز المخلاب يخرش في

وجه سعادتي بعد أن حل منتصف

الليل أخذ الرب يمسك أقنية تراب

كبيرة وينثرها على

ثياب العالم

وأصبح المشفى موقد نار العابرين

أصبح لا يشبهك

لا يشبهني

لا يشبه الجميع

لما إلى الآن الجميع في داخله؟

أخذ عامل النظافة يوزع كمامات إلى

المرضى كمن يبصق

في النهر الواسع ليقول ازداد الماء يا أخوتي، فيبصقون!

ويبصقون في النهر

حتى تنشق حناجرهم من العطش

في حينها أنت ترقد في الخدج

أنت وطفل آخر

الريح أخذت تقلع الأبواب

النوافذ

قلبنا أنا وتلك السيدة التي تنظر إلى طفلها

بكل حرارة تموز

لكن يا أمي لما أنا

لا اشبهكِ؟!

لا أشبهُ أبي؟!

أنا لا أشبهكم أبدًا

بالأمس كان شخصًا يقارب عمري يجلس

مقابل حدائق قلقي في باحة المطعم

كانت عيناه عسليتان وشعره مجعد كأبي!

شفتاه مقوسة كشفتيكِ تمامًا

كان يشبهكم جدًا

إما أنا قد كنت أشبه والدتهُ جيدًا

هل صح واستبدلنا في ذاك اليوم الضبابي يا أمي؟!

حينما ينتهي العالم فجأة (العنوان من قصيدة للشاعر صادق مجبل)

حينما ينتهي العالم فجأة

تنتهي حياة السكك برحيل الحقائب

تنتهي الرسائل بموت

العاشقين بوردة على قبر عجوز

وتسدل الطرق كستار المسارح

في المساء تهرول أطياف

الاطمئنان بعيدًا

عن البيوت تركض الأطفال

خوفًا من النيازك، تلك النيازك التي بسببها

عاد مجموعة من الملائكة متعبين

من العمل في الحدائق الخاصة

عاشقين انتهى العالم قبل

تأدية فرض القبل بينهما

في الريف فلاح

ينثر القمح وكأنما شخص

مصاب بالزكام

تلتوي يدهِ وتركض المناجل تبحث في

الأرض كالجرذان ذاك

الفلاح ينظر إلى

سماء العصافير يجدها فارغة

كلسان أخرس فارغ من الحروف

سينتهي العالم فجأة وكأنما أيامنا

تركض في مجرى مائل

سينتهي العالم قبل أن تمسك يد

حبيبتك قبل أن تنطق كلمة

أحبكِ بهدوء

قبل أن تقرأ فتاة أول سطر من

رسالة عشيقها الذي أكلته الحرب

قبل أن تحمل العصافير صغارها إلى

إلى عالمً آخر، سينتهي العالم

وكأنه علكة تالفة في فم شخص يمضغ

العلكة لأول مرة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حين صحوت

حجم النقاء

دلالات: