09-يونيو-2020

يطالب المتظاهرون بتغييرات شاملة على مستوى المسؤولين في المحافظات (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

تواصل ساحات الاحتجاج استحداث خطوات ضغط لتحقيق مطالبها ومواجهة الأحزاب السياسية، إذ "دشن" متظاهرون مطالب محلية هذه المرة تتمثل بإقالة المحافظين ومدراء الدوائر، بالتزامن مع حراك حكومي لـ"مراجعة الأداء".

دخلت الاحتجاجات في العراق مرحلة جديدة هدفها إدامة الزخم والضغط لتغيير المسؤولين في المحافظات 

البداية كانت من الناصرية كالعادة، عندما أجبرت حشود مدير عام دائرة صحة المحافظة عبد الحسين الجابري على الاستقالة، في خطوة أثارة جدلاً واسعًا حول قانونيتها، قبل أن يمتد الحراك الجديد ليشمل مسؤولين آخرين، الأمر الذي دعا المحافظ ناظم الوائلي إلى إقالة عدد من المدراء وتشكيل لجنة لاختيار بدلاء.

سريعًا، انضمت محافظات المثنى والديوانية والنجف إلى ركب المطالبين بإقالة المحافظين ونوابهم فضلاً عن مدراء الدوائر، فيما منح متظاهرو واسط مدراء الدوائر أسبوعًا للاستقالة مهددين بالتصعيد، بعد أن تصاعدت الأحداث في النجف بسرعة.

لا استثناء!

لم يحدد المحتجون دوائر دون أخرى، وشملت مطالبهم جميع المسؤولين، لـ"اعتقادهم أن الجميع جزء من منظومة المحاصصة والتقاسم التي يقوم عليها النظام بعد 2003"، وفق ناشطين.

يقول الناشط في ساحة الحبوبي حسين الغرابي، إن "كل منصب في المحافظة يمثل دكانًا للسرقة وتقاسم المغانم بالنسبة للأحزاب ما جعلنا نعمل بخيار السلة الواحدة ولا نستثني أحدًا، سواء كانت تلك الدوائر خدمية أو مالية أو رقابية"، مبينًا أن "هناك تنسيقًا كبيرًا بين المحافظات للضغط بذات الاتجاه".

اقرأ/ي أيضًا: غليان احتجاجي جديد.. هل يتحرك الكاظمي قبل السقوط في "فخ الدم"؟

ويضيف الغرابي في حديث لـ "ألترا عراق"، أن "الحكومة تعمل على تغيير المحافظين والمدراء، ولكن الحجة كانت إكمال الكابينة الحكومية، ولذلك لا نجد مبررًا للانتظار، خاصة أن المخاوف من التجمعات بسبب فيروس كورونا فشلت بتحييد الجماهير بعد رؤيتهم لبلدان كثيرة تشهد احتجاجات بالرغم من تفشي الفيروس فيها".

لا يراهن الغرابي بشكل مطلق على البدلاء في تصحيح مسار العمل في الدوائر، لكنه يرى في الخطوة "وسيلة لإرباك القوى السياسية التي تتقاسم أصغر منصب في دوائر الدولة، حتى باتت المناصب تفصل على مقاسات ممثليهم ويدخلونهم بدورات لإدارة المناصب العليا".

الإصلاح المحلي

من جهته، يرى الناشط البارز في احتجاجات النجف الأكاديمي فارس حرام والذي كان مرشحًا لوزارة في كابينة الكاظمي، المطالبة بإقالة مدراء الدوائر "تطورًا كبيرًا في مسار انتفاضة تشرين بعد تغييرها الحكومة الاتحادية".

ويقول في حديث لـ"الترا عراق"، إن "وقت بدء التغيير في المحافظات قد حان، انطلاقًا من المحافظين وصولًا إلى أصغر موظف يمثل خيارًا محاصاصاتيًا، ولكن يجب أن يكون هذا التغيير في مسار السلمية التي عمل شباب تشرين على المحافظة عليها بالرغم من القمع والقتل والترهيب الذي قوبلوا به".

ويضيف حرام، أن "هناك تفاوتًا في وجهات النظر حول توقيت الخطوة في ظل ظرف فيروس كورونا، لكن الجميع يتفق على المبدأ بضرورة التصعيد المحلي لإدامة زخم الاحتجاج والضغط بشكل أكبر لتحقيق مكاسب شعبية للاحتجاج"، داعيًا القوى السياسية ممن "يدعون أنهم ضد المحاصصة" إلى "استثمار هذا الحراك دون محاولة تعطيله".

بدوره، يعتبر عضو مجلس النواب أسعد المرشدي، الحراك الذي تشهده محافظات الوسط والجنوب، "فرصة أمثل لإقالة المسؤولين الفاسدين في البلاد".

يرى نشطاء ومسؤولون في الجولة الجديدة من الاحتجاجات "فرصة أمثل" أمام الكاظمي لتجديد الدماء في المحافظات 

 

وقال المرشدي، في تصريح، إن "الكثير من مدراء الدوائر الخدمية في محافظات الوسط والجنوب موجودون في مناصبهم منذ 5 أو 6 سنوات ولم يقدموا أي شيء للمواطن، وحراك المتظاهرين هو القوة القادرة على دفعهم للاستقالة"، مبينًا أن "الحكومات المحلية أو المركزية لم تتخذ أي إجراءات حيالهم، وأصبح الخيار الأمثل لإقالة الفاسدين هم المتظاهرين".

وطالب المرشدي، الكاظمي إلى ضمان "عمل جدي من قبل اللجنة التي شكلت لتقييم عمل الدوائر والمحافظين، وبإرادة حقيقية لتصحيح الأخطاء وضمان عدم خضوعها لإرادة الأحزاب".

تصعيد مستمر

واسط هي الأخرى انضمت إلى محافظات الجنوب والوسط، حيث يتحرك المحتجون لإقالة جميع مدراء الدوائر، بحسب الناشط سجاد سالم.

يقول سالم لـ"الترا عراق"، "منحناهم مهلة أسبوع للتنفيذ، فالفشل بات واضحًا، وبذات الوقت هو استمرار للضغط لتحقيق مطلب 10 أيار/مايو، فالمحافظ محمد المياحي، وجميع المدراء هم ممثلين للأحزاب السياسية والدوائر مقسمة بينهم بحسب نفوذ وقوة كل منهم".

يضيف سالم لـ "الترا عراق"، "في حالة عدم الاستجابة نعمل على غلق الدوائر، وتنفيذ اعتصامات سلمية أمام الدوائر ومنازل المدراء"، لافتًا إلى "العمل على جمع ملفات الفساد في كل الدوائر لعرضها على اللجنة التي شكلتها الحكومة برئاسة وزير الداخلية عثمان الغانمي لتقييم أداء المحافظين والمدراء".

لن نختار

أولى الأسئلة التي تُثار تدور حول البديل وآلية اختياره، فضلًا عن المعايير المناسبة، ويتفق النشطاء الثلاث على أن ساحات الاحتجاج غير معنية باختيار البدلاء، ولن تحدد الشخوص، وتكتفي بالمعايير التي تتلخص بالنزاهة والاستقلالية.

يؤكد الغرابي، أن المحافظ هو "من يتحمل مسؤولية اختيار بدلاء للمسؤولين المحليين"، مبينًا أن "المحافظ يعمل على تنفيذ المطالب وشكل لجنة من رؤساء النقابات في المحافظة لاختيار بدلاء".

فيما يقترح حرام، التشاور بين الحكومة الاتحادية ومختصين من الاحتجاج وباقي شرائح المجتمع لتحديد المعايير، مبينًا أن "الكرة في ملعب الحكومة الاتحادية بعد استقالة المدراء".

في الأثناء، تعهد محافظ النجف لؤي الياسري، بـ"تغيير بعض مدراء الدوائر الحكومية بالمحافظة، خاصة من مضى على تسنمهم المنصب أكثر من أربعة سنوات فضلاً عن من لديهم ضعف بالأداء والعمل"، فيما حدد الأسبوع المقبل موعدًا لحملة التغيير.

وجاءت تصريحات الياسري، بعد يوم حافل شهد احتجاجات عارمة وأحداث عنف، حيث طالب المتظاهرون باستقالته فورًا.

يرى نشطاء بارزون أن الخطوة ضرورية مع التأكيد على إبعاد المتظاهرين عن ملف اختيار البدلاء

وأطلق الكاظمي، مرارًا، وعودًا بتنفيذ مطالب المتظاهرين فيما وجه، مؤخرًا، بتشكيل فريق لـ"مراجعة أداء المحافظين ومعالجة الفساد في ملف الخدمات"، برئاسة وزير الداخلية، عثمان الغانمي، وعضوية عدد من الوزراء، والمختصّين.

وحدّد السيد الكاظمي مهام الفريق بالآتي: الوقوف على أسباب التقصير في تقديم الخدمات للمواطنين، ومراجعة أداء المحافظين والدوائر الخدمية في المحافظات، واتخاذ "إجراءات حازمة لتشخيص مكامن الفساد ومعالجة حالاته". 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

معتصمو التحرير "يستنجدون" بعبد الوهاب الساعدي: الأحزاب زجت ميليشياتها

شعب "يراهن" على انتخابات جديدة وقادة "غير قلقين": هل سيتم إقصاء الأحزاب فعلًا؟