11-مايو-2020

تسببت انتفاضة تشرين في تراجع شعبية الأحزاب الحاكمة (Getty)

لا يرتقي هدف على قائمة مطالب المتظاهرين إلى مكانة "الهدف الأسمى" والأشد ضرورة، كما يرتقي مطلب "الانتخابات المبكرة"، الأمر الذي يراهن عليه المحتجون وحتى المرجعية العليا كخطوة أولى في صناعة عراق جديد، وعدم جدوى أي خطوة نحو الإصلاح تصدر من البرلمان الحالي وأحزابه وشخوصه.

قانون انتخابات "يهدد" مستقبل الأحزاب

وبتشريع قانون انتخابات جديد بدوائر متعددة تتيح للمرشح الحصول على أصوات داخل رقعته الجغرافية فقط، وبالترشيح الفردي دون قوائم انتخابية، ما يمنع صعود مرشح من خلال قائمة حزبية أو حصد رئيس القائمة أو الحزب أصواتًا بواسطة مرشحي قائمته المنتشرين في معظم مناطق البلاد، الأمر الذي يتفق بشأنه الخبراء السياسيون بأنه أكثر إنصافًا ويتيح إفراز التمثيل الشعبي الحقيقي.

تصريحات القوى السياسية لا تخلو من التشديد على ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة، وكأنها تراهن على عدم مواجهتها أي خطر حقيقي

وبتراجع شعبية الأحزاب الحاكمة ولا سيما الإسلامية منها، وقادة الأحزاب والوجوه التي حكمت على مدى 17 عامًا، الذين عززوا عدم مقبوليتهم بمواقفهم التي رافقت احتجاجات تشرين، فضلًا عما يوفره قانون الإنتخابات المشرع مؤخرًا والذي ينتظر استكماله، يستمد العراقيون المتطلعون لحقبة جديدة ثقتهم من المعطيات المذكورة بـ"إقصاء" الأحزاب وقادتها في المشهد السياسي الذي سيلي الحكومة المؤقتة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ويصبون كل تطلعاتهم على خيار الانتخابات.

جماهير توفر "ورقة الرهان"

وبالرغم من اتفاق معظم الخبراء والمراقبون السياسيون، على مدى التهديد الذي يشكله قانون الانتخابات الجديد على مستقبل الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة، إلا أن تصريحات القوى السياسية لا تخلو من التشديد على ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة، وكأنها تراهن على عدم مواجهتها أي خطر حقيقي ومتيقنة من الحصول على موطئ قدم في الحكومة القادمة من خلال الانتخابات المرتقبة.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات المبكرة.. بين المرجعية والدستور والجدوى

عند مراجعة مناكفات مواقع التواصل الاجتماعي، وفعاليات استعراض "أعداد الجماهير"، وحروب "الترند" يتضح جليًا وجود فئات اجتماعية وأعداد بشرية ما زالت تؤيد قوى السياسية وجهات وأحزاب، مشكلة معسكر مقابل لمعسكر المتظاهرين والمتطلعين لعراق بحلة جديدة، وتتطابق سرديات هذه الجماهير تمامًا مع ما تروج له الأحزاب الحاكمة من قضايا وتطلعات مذهبية وقومية وفئوية وعقائدية، الأمر الذي يوفر ورقة رهان للأحزاب الحالية بما لا يشكل تهديدًا كبيرًا، كما يرى مراقبون.

لا بديل!

يقول أستاذ علم النفس في إحدى الجامعات العراقية أركان محمد في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "معظم الجماهير التي ما زالت تؤيد الأحزاب السياسية والقادة غير راضين تمامًا على أدائهم السياسي إلا أن تخوفهم من المجهول والقضايا التي تصدرها هذه الأحزاب إليهم تجعلهم يتمسكون بهم كضامن حماية لوجودهم فضلًا عن متبنياتهم، خصوصًا مع عدم توفر بدلاء ونسخ جيدة سياسيًا، وفي نفس الوقت تضمن توفير ما يحتاجوه من قضايا وتطمينات تصدرها لهم الأحزاب والشخصيات الحالية".

لن تختفي الأحزاب تمامًا

من جانبه، أكد المحلل السياسي إحسان الشمري أن "مستقبل الأحزاب السياسية الحالية في الانتخابات القادمة يحدده المزاج الجماهيري العام"، متوقعًا أن "تشهد الانتخابات القادمة انقلاب موازين القوى، وربما تسيطر جهات مدنية وأخرى قريبة من الإسلام الليبرالي على المشهد السياسي القادم".

أشار الشمري إلى أن "بعض الشخصيات الموجودة في المشهد السياسي الحالي تمتلك بالطبع جماهيرًا لا بأس بها، وربما نراهم في الدورات الانتخابية القادمة ولكن بتأثير أقل وليس بمقدار القوة التي تمتلكها حاليًا".

توقع المحلل إحسان الشمري تشهد الانتخابات القادمة انقلاب موازين القوى، وربما تسيطر جهات مدنية وأخرى قريبة من الإسلام الليبرالي على المشهد السياسي المقبل

لفت الشمري إلى أنه "لا مشكلة مع الأيديولوجية السياسية التي تمتلكها هذه الأحزاب، مستدركًا "ولكن المشكلة بتطبيقها بسبب الشخوص المتواجدين الذين لايؤمنون بالديمقراطية".

الخط الثاني قد يحل المشكلة

وبشأن إشكالية عدم وجود نماذج بديلة عن الشخصيات الحالية تتمتع بإمكانية سياسية تلاءم العملية الديمقراطية وتوفر تمثيلًا سياسيًا جيدًا لهذه الجماهير، توقع الشمري أن "تحل هذه المشكلة بتصدر شخصيات من الخط الثاني لهذه الأحزاب والتي بدأت تقترب من الإسلام الليبرالي وضرورة تغيير كل المعايير السابقة المتشددة التي فشلت مع الشارع، وتماشى مع العراق الجديد الذي تتمناه الجماهير".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رياح الحرية والقيم الراسخة.. هل مياهنا راكدة؟

لماذا لا نتغيّر؟