رأي

العراق الضائع بين المشاريع الدولية

2 أكتوبر 2023
GettyImages-1689772413.jpg
العراق حاليًا يقع ضمن نطاق الدول الهشة أو الفاشلة (Getty)
عبدالله ناهض
عبدالله ناهض كاتب وباحث من العراق

يعيش النظام الدولي مخاضات عدة، فمن جهة هنالك الأطراف التي ترغب بالحفاظ على الوضع الراهن، وزيادة مساحة نفوذها، والحد من قدرة المعارضين قدر الإمكان، وإضعاف فرصهم في تهديد الوضع القائم، والمتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، ومن جهة أخرى هنالك القوى التعديلية على رأسها الصين وروسيا ومن يحالفهما،والتي تهدف إلى تعديل وضع النظام الدولي بما يؤدي إلى قيام التعددية القطبية، والعمل على إزاحة النفوذ والتواجد الأمريكي في ما تعدانه مناطقهما الإقليمية مثل الشرق الأوروبي بالنسبة لروسيا، والشرق الآسيوي بالنسبة للصين، أي أن كلتا الدولتين يصنفان ضمن تصنيف الدول غير القانعة.

لغاية اليوم لا يمتلك العراق تصورًا واضحًا وحقيقيًا لما يريد من العالم

وعلى إثر ذلك ظهرت مشاريع استراتيجية عديدة تتنافس فيما بينها على رقعة الشطرنج الدولية، وكل مشروع يحاول وضع اليد على القدر الأكبر من النفوذ فوق رقعة الشطرنج هذه، ومن هذه المشاريع مبادرة الحزام والطريق الصينية، والمشروع الأوراسي الروسي، والمبادرة الهندية الجديدة التي تم الإعلان عنها في قمة العشرين الأخيرة، وهي بالأساس تهدف إلى منافسة المشروع الصيني، على أساس أن هنالك تنافسًا هنديًا صينيًا على النفوذ في آسيا، وتستثمر الولايات المتحدة الأمريكية في هذا التنافس لصالحها، ومشروع البريكس، الذي يضم خمس دول ثابتة وهي (روسيا، الصين، جنوب أفريقيا، الهند، البرازيل)، وهذا يعد تجمعًا تشاوريًا أكثر مما هو مضاد لهذا الطرف أو ذاك -وإن كان أحد أهدافه الحد من النفوذ الاقتصادي الأمريكي عالميًا-، إلا أن وجود دول بينه تعد حليفة أو شريكة للولايات المتحدة الأمريكية مثل الهند أو البرازيل أو جنوب أفريقيا، يحد من نجاحه في مناهضة الهيمنة الأمريكية، وفضلاً عن ذلك، هنالك المشروع المعروف والواضح المعالم، ألا وهو المشروع الأمريكي الذي يتمثل بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وشبكة من المنظمات الدولية التي انبثقت عن نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، والحلفاء الإقليميين المنتشرين في مختلف المناطق الإقليمية، مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، والمملكة العربية السعودية، والكيان الصهيوني.. الخ، وتقريبًا هو المشروع الأقوى حاليًا، بحكم الإمكانات التي بحوزته.

والغاية مما تقدم، هي للوصول إلى الأسئلة الآتية، ألا وهي: أين العراق من كل هذه المشاريع؟ وهل لديه تصور واضح بشأنها، وماذا يريد أن يكون ومع من يكون؟ وهل الدول أو المشاريع الاستراتيجية الخارجية تضعه ضمن أهدافها وخططها؟

وعندما نأتي للإجابة على هذه الأسئلة تباعًا، نجد لغاية اليوم لا يمتلك العراق تصورًا واضحًا وحقيقيًا لما يريد من العالم، ومن المشاريع الدولية آنفة الذكر، فهو بالأساس إلى اللحظة لم يحسم موضوع الدولة وهويتها الداخلية، ويعاني من تشتت داخلي لا يخفى على أغلب المختصين والمتابعين، الذي يؤدي بالضرورة إلى تشتت وضياع الرؤية الخارجية، فصار بموقع رد الفعل وانتظار الآخر، أكثر مما هو الطرف المبادر وصاحب الفعل، ومن ثمّ القدرة على إقناع الدول بمدى أهميته لمشاريعها الاستراتيجية، فحتى اللحظة نجد أن كل ما ذكرته من مشاريع، قد تجاهلت العراق بشكل أو بآخر، بل حتى أنها تقريبًا أوكلت مهمته للقوى الإقليمية وفي مقدمتها إيران ومن ثم تركيا. فعلى سبيل المثال؛ نجد أن المبادرة الصينية، أو حتى الهندية قد تجاهلته، ولم تضعه في الأساس ضمن خطط مشاريعها، واعتمدت على دول أخرى في المنطقة.

والسؤال: لماذا؟ ذلك لأن القوى الدولية لا ترتبط بشراكات أو تحالفات طويلة الأمد، مع دول هشة أمنيًا، ولا تمتلك القدرة الكافية على حماية مصالحها، فضلًا عن مصالح الدول التي ترتبط معها، فالعراق حاليًا يقع ضمن نطاق الدول الهشة أو الفاشلة، فهو دولة لا تمتلك سيطرة مطلقة على حدودها، ولا تحتكر العنف، القانون فيها ضعيف، وجهازها الإداري بدائي ومتخلف، وبنى تحتية مهترئة، وتنتشر فيها أعمال الفساد والمحسوبيات والمنسوبيات، ولم تزل بعيدة كل البعد عن التطور والتقدم الذي يشهده العالم.

طريق التنمية الذي أعلن عنه السوداني أو الربط السككي مع إيران هي مشاريع عوامل وظروف نجاحها ضئيلة

إن المشاريع الخارجية حتى ترتبط مع دولة، تنظر إلى مدى قدرتها وقوتها وتطورها، فالمال والاقتصاد يبحثان عن الأمن، والسلام، والبيئة الآمنة للاستثمار، وهذه العوامل يفتقدها العراق. وحتى طريق التنمية الذي أعلن عنه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أو الربط السككي مع إيران، هي مشاريع عوامل وظروف نجاحها ضئيلة، والأسباب تعود أيضًا إلى ما تم ذكره آنفًا. فحتى تنجح بالقدرة على استقطاب الخارج إليك وأن تكون ضمن مدار الرؤية الدولية، عليك بأن تكون قويًا بما يكفي، وصاحب رؤية واضحة، حينها ستجلس معك القوى الدولية للتفاوض، وإلا ستتجنبك ولا تريد أن تشكل عبئًا لا عليها ولا على مصالحها.

الكلمات المفتاحية

.

بزشگيان.. "يلتسن إيران"

سيناريو إيراني شبيه بـ"تفكك الاتحاد السوفيتي"


الحروب.jpg

2025.. عام الحرب والسلام

الحروب هي في الأساس توترات مؤجلة انفجرت وتصاعدت بسرعة


الدراما في العراق.jpg

المسلسلات في "عام الإنجازات"!

هناك أسئلة عديدة حول المنحة الحكومية للدراما في العراق خلال 2024


احتفالات في غزة.jpg

نعم.. انتصرت غزة

الكيان الإسرائيلي في نكبة ليست أقل من نكبة غزة

جواد محسن
ثقافة وفنون

العراق يودع مطرب "قطار العمر".. جواد محسن رحل إثر سكتة مفاجئة

نعت وزارة الثقافة والسياحة والآثار وفاة الفنان العراقي جواد محسن الذي توقف إثر سكتة قلبية مفاجئة

واسط
راصد

منع "البرمودة" في واسط.. الشرطة تصدر توضيحًا إثر انتقادات وردود ساخرة

أثار قرار منع ارتداء "البرمودة" ردودًا غاضبة وأخرى ساخرة ما دفع الشرطة إلى إصدار توضيح رسمي


نفط
سياسة

العراق يقدم أدلة البراءة من النفط الإيراني ويشعل الغضب في طهران.. القصة الكاملة

اشتعل سجال بين العراق وإيران على خلفية معلومات كشفها وزير النفط العراقي عن عمليات تهريب نفط إيراني تجري وفق وثائق عراقية مزورة

الشرطة
سياسة

أحداث الناصرية.. اتهامات متبادلة بين الشرطة وعائلة الناشط إحسان أبو كوثر

قالت قيادة الشرطة في ذي قار إنّ قواتها داهمت منزل الناشط إحسان أبو كوثر لاعتقال شقيقه أحمد الهلالي بتهمة التحريض على التظاهر في الناصرية، وإنّ قواتها تعرضت إلى إطلاق نار أثناء المداهمة ثم اعتقلت 3 أشخاص وضبطت أسلحة

الأكثر قراءة

1
مجتمع

تقارير برلمانية تؤشر ازدياد حالات التسمم الغذائي لمرتادي المطاعم وطالبي "الدلفري"


2
منوعات

الاتحاد الدولي يدرس طلب العراق العاجل قبل مواجهة الأردن في تصفيات المونديال


3
سياسة

خاص| العراق أصبح بـ19 محافظة.. تفاصيل استحداث "حلبجة" والخلافات السياسية والقانونية حولها


4
مجتمع

التربية: المفصولون بالغياب غير مشمولين بالدخول الشامل


5
أخبار

المفوضية: عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في انتخابات 2025 يتجاوز 29 مليون عراقي