06-أبريل-2023
العمالة الأجنبية

مليون أجنبي في سوق العمل العراقي (Getty)

انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة العمالة الأجنبية في العراق بشكل ملحوظ. والعاملون الذين يتمّ تفضيلهم غالبًا في عدة أعمال يتعرضون إلى شتى أنواع الاستغلال والانتهاكات وفقًا لعديدين أشاروا إلى أن ما يجعل الانتهاك يتضاعف هو عدم امتلاك الكثير من العاملين الأجانب لوثائق رسمية تجعلهم يطالبون بحقوقهم في حال تعرّضوا لمشكلة ما. 

تعيش العمالة الأجنبية في العراق بأوضاع صعبة حيث لا يمتلك بعضهم إقامة ويتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال والمنازل

ووفقًا لإحصائيات وزارة التخطيط، فإنّ نسبة البطالة بين صفوف الشباب للأعمار بين 18 إلى 30 سنة تتجاوز الـ 20%، بينما  وصلت النسبة للأعمار الأكبر إلى 16.5%.

تهريب العمالة

وأصبح استقطاب عمالة أجنبية إلى العراق أصعب خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب أنّ  "وزارتي العمل والداخلية شددتا الإجراءات الخاصة في هذا الشأن"، بحسب صاحب مكتب لتشغيل العمالة الأجنبية في بغداد. 

ويستطرد صاحب المكتب الموجود في المنصور (غربي بغداد)، خلال حديثه لـ "ألترا عراق"، قائلاً إنّ "أغلب العمال الأجانب الذين يتواجدون في العاصمة لا يملكون إقامة أو عقود عمل مصدقة بشكل رسمي، الأمر الذي زاد من استغلالهم من قبل أصحاب المحال التجارية"، مبينًا أنّ "أصحاب المحال باتوا يستغلون هذا الجانب من أجل تخفيض رواتبهم".

العمالة الأجنبية في العراق

 

وعن استمرار دخول العمالة الآسيوية لغاية الآن، يوضح صاحب المكتب الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تجارية، قائلًا إنّ "هناك العديد من عمليات التهريب تصاحب دخول هؤلاء العمال، وأبرز الطرق هي استغلال السياحة الدينية من أجل الدخول إلى بغداد وزجهم في سوق العمل دون رخصة".

ويعتقد صاحب المكتب، أنّ جميع العمالة تقريبًا يعيشون أوضاعًا صعبة في العراق، معللًا ذلك "بسبب عدم امتلاكهم الإقامة واستغلالهم من قبل اصحاب المحال والمتاجر وحتى المنازل".

العمالة الأجنبية

 

أرقام رسمية

وتتوزع العمالة الأجنبية في العراق، بين السورييين وأكثر منهم الآسيويون، وفقًا لما كشفه المتحدث باسم وزارة العمل، نجم العقابي.

ويقول العقابي لـ"ألترا عراق"، إنّ "هناك إجراءات مشددة على صعيد الوزارة اتخذت خلال الفترة الماضية من أجل تقليص أعداد العمالة الأجنبية في جميع المحافظات".

وعن الفئات التي يسمح لها بالحصول على فيزا العراق، يوضح العقابي، أنّ "الأجانب الذين يحصلون على عقود عمل رسمية في البلاد يسمح لهم بالحصول على الفيزا"، مبينًا أنّ "العقود أصبحت ترسل إلى الوزارة من أجل البت في أمرها قبيل منح التأشيرات".

وبالحديث عن ملف التجاوز على مدة الإقامة، يضيف العقابي أنّ "هناك أكثر من مليون أجنبي يعمل في العراق"، مستدركًا "لكن 62 ألف و503 عامل فقط يحمل رخصة قانونية للعمل".

لماذا يتعرض السوريون إلى الاستغلال؟

في المقابل، يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، إنّ "هناك العديد من الجنسيات العاملة في العراق، لكن أبرزها العمالة السورية والبنغلاديشية"، مضيفًا أنّ "الحكومة في وقت سابق حظرت عمل البنغلادش والفلبينيين لأسباب عديدة".

وفي حديث مقتضب لـ"ألترا عراق"، يشير المحنا، إلى أنّ "القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية ترحل أي عامل أجنبي تجد مدة إقامته منتهية"، مؤكدًا أنّ "هناك العديد من الفرق المختصة بهذا الملف منتشرة في جميع مناطق العاصمة والمحافظات".

لم يشرّع العراق أي قانون خاص بالعمالة الأجنبية والقانون المطبق حاليًا هو قانون العمل 37 لسنة 2015

ووفقًا لحديث سابق مطلع العام الجاري، لوزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، فإنّ هناك 800 إلى مليون عامل أجنبي في العراق، لم يسجل منهم في دائرة الضمان الاجتماعي سوى ما بين 160 إلى 170 ألفًا فقط. 

ومن ضمن العمالة الأجنبية المتواجدة في العراق، فإنّ 300 ألف منهم، هم "عمال سوريون يعملون من دون رخصة ودخلوا العراق عبر وسائل التهريب"، وهو ما يجعل العديد منهم  عرضة للاستغلال، كونهم يهددون بعدم امتلاكهم الأوراق الرسمية. 

ويقول فؤاد محمد، وهو مهتم بحقوق الإنسان، إنّ "السوريين يعملون في بلادهم، كوننا بلدان واحدة وهم هاربون بسبب فشل النظام السوري في توفير أدنى سبل الحياة، مستدركًا "لكن ما يحصل للسوريين في المطاعم وبعض الأعمال يعتبر مخزيًا بسبب الاستغلال الواضح والعمل لساعات طوال، فضلًا عن التعامل المهين". 

ويقترح محمد أن يتم التعامل مع السوريين بشكل استثنائي، و"تشكيل لجان حكومية لتوفير تعامل إنساني معهم"، فضلًا عن "محاولة الحفاظ على حقوق الإنسان مع الجنسيات الأخرى من العاملين في العراق". 

إهمال رسمي

وأصدرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، العام الماضي، توجيهًا رسميًا بإيقاف ترويج طلبات العمالة الخاصة، بهدف فتح الباب أمام العاطلين عن العمل من العراقيين.

أصوات من تحت الركام

ويعمل أكثر من 250 ألف عامل أجنبي في قطاع النفط بينهم 5% فقط  من يمتلك خبرة وشهادة في هذا المجال، بحسب الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، الذي أشار إلى أنّ "جولات التراخيص هي من فرضت منح هذه الأعمال إلى الأجانب رغم أنها أعمال سهلة بالنسبة للعراقيين".

ووفقًا لحديث الخبير الاقتصادي، فإنّ قانون العمل يفرض 50% كأقل نسبة عمالة أجنبية عن أي مشروع، لكن "يوجد ما يقارب 350 ألف عامل أجنبي برواتب مجزية تصل إلى آلاف الدولارات على حساب آلاف الشباب المهندسين والعاطلين عن العمل في المحافظات النفطية". 

ويصف حنتوش خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، ملف العمالة بـ"الفوضى الكبيرة"، مشيرًا إلى أنّ "وزارة العمل أهملت ملف العمالة الأجنبية وركزت على شبكة الحماية وغيرها من المواضيع التي لا تمنح فرص العمل للعراقيين"، مشيرًا إلى أنّ "العراق بحاجة إلى قوانين جديدة متخصصة لتنظيم سوق العمل في البلاد".

لا يوجد قانون

وفي الجوانب القانونية، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، إنّ "العراق لم يشرع أي قانون خاص بالعمالة الأجنبية والقانون المطبق حاليًا هو قانون العمل 37 لسنة 2015، وقانون إقامة الأجانب 118 لسنة 1978"، مبينًا لـ"ألترا عراق"، أن "هذه القوانين اشترطت حصول العامل على إجازة العمل كشرط للتواجد وجواز سفر وسمة دخول وشروط أمنية أخرى".

ط

ويغرم المخالف لشروط الإقامة بمبلغ لا يزيد عن 500 دولار ثم يرحل وحسب قرار محكمة التحقيق، وفقًا للتميمي الذي أشار إلى أنّ "وجود هؤلاء العمال الذين يقدر عددهم بمليون عامل دون خطط يشبه كثرة السيارات المستوردة حيث أن وجودهم له آثار سلبية على الاقتصاد من ناحية البطالة".

 

العمالة الأجنبية في العراق

 

والعراق ـ والكلام للتميمي ـ بحاجة إلى "تشريع قانون خاص بذلك يفصل لهم جوانبهم ووجودهم وترحيلهم وبالتفصيل، مشيرًا إلى أنّ "المعلومات تؤكد أن إعدادًا كبيرة منهم يعملون بلا إقامة".

وتنص المادة 30 من قانون العمل أعلاه على "حظر الإدارات وأصحاب العمل من تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلًا على إجازة العمل التي تصدرها وزارة العمل مقابل رسم يحدد بتعليمات يصدرها الوزير".