14-ديسمبر-2022

لا تستحي السلطة في العراق من ذلك الشعر الأبيض (فيسبوك)

لم تعترف بِكُم سُلطة أو نظام، لن يراكم أو يُحدِث صوتكم ذلك الصَدى تحت قُبّة البرلمان، لا يشعرون بآهاتكم.

 صُمّتْ الآذان، خُرِسَتْ الألسُن، جَفّتْ الأقلام، ورُفِعَتْ الصُحف، فَلم تعد صرخات استغاثتكم تُجدي نفعًا مع هؤلاء، لأنّكم ببساطة لستم "الكُتلة الأكبر" التي تتشكّل منكم الحكومة وعناوينها، لستُم سوى مُسمّيات الفقر والبؤس الذي يُخجِل السُلطة لأنها تتذكّر فيكم قسوتها وفشلها وحتى فسادها.

 ذلك الفساد الذي يجعلها تنحني أمام الفاسدين لِتقبيل الأيادي وتُشرعِن لهم اللصوصية والنهب، بينما تتفرّعن عليكم وتغُض الطرف عن دموعكم يا فقراء الله على الأرض.

لا تشعر السلطة بالذنب وهي تبخس المتقاعدين حياتهم لكنها تنتفض عندما يتقاعد البرلماني أو الوزير أو حتى الرئيس

تغنّى الإعلام في إحدى المرات بِمسؤول وَصَفّقَ لِفاسد يرتدي حِذاء لا يتجاوز ثمنه عشرة آلاف دولار فقط لا غير، أي ما يُعادل مجموع رواتبكم حتى الممات، فهل هُناك عدالة أكثر من ذلك؟ وهل من يشُك أننا نعيش في عالم العدالة والمُساواة؟

في بلاد الكُفر والضلالة! تتكفّل تلك الدول الكافِرة بِحياة المُتقاعد وطريقة معيشته بعد خروجه من الوظيفة واستراحته في البيت عِرفانًا منها بِسنوات شبابه التي أفناها في خدمة البلد الذي ينتمي إليه، وتوفّر له كُل مُستلزمات الراحة والشعور بالامتنان للشَيّبة البيضاء التي امتزج بياضُها مع تعب السنين ورِحلة العمل المُضنّي للحياة.

 في بلدنا لا تستحي السُلطة من ذلك الشعر الأبيض كما يستحي منها الله، ولا تَخجل وهي ترى من أفنى حياته في خدمتها مُتسوّلاً في شوارع المدينة بعد أن منحته راتبًا تقاعديًا في نهاية خدمته لا يُعادل ثمن جوراب لابن أو حفيد مسؤول، ولا يكفي سوى لِوجبة واحدة في اليوم لِعائلته ومصاريف علاجه.

البؤساء الذين تحدّث عنهم (هوغو) في قُصّته ربما تكونون أكثر بؤسًا منهم، لأنكم خُدعتُم عندما ظننتم أن سنوات خدمتكم ستشفع لكم بنهايات سعيدة لدى السُلطة التي ستُشعِركم بالامتنان والعِرفان لِسنوات أعماركم التي ذابتْ تحت أنظارها وأنتم تتجرّعون ذلك الصبر العجيب الذي خَلّفته سنوات الحروب وقسوة زمن الحِصار الذي فَرض عليكم أن تأكلوا الرز المخلوط بِنوى التمر.

 لم يرحمكم السابقون وحتى اللاحقون لِتظلّوا كما كُنتم وحيث أصبحتم بؤساء، مساكين، تتصدّق عليكم السُلطة بِبضع دنانير معدودات.

 المُتقاعدون فقراء الله على الأرض، بل هم البؤساء الذين ينتظرون رحمة السماء أن تُعجّل بإنقاذهم بعد أن يأسوا من رحمة من هُم على الأرض.

لا تشعر السُلطة بالذنب وهي تبخُس المُتقاعدين حياتهم، لكنها تنتفض وبِسرعة وتهتز كرامتها عندما يتقاعد البرلماني أو الوزير أو حتى الرئيس، عندها تنحني أمامهم وهي ترفع لهم وعلى أطباق من الذهب صكوك الرواتب الخياليّة والامتيازات والمنافع وحتى الحمايات، نظير خدمة لا تتجاوز بضعة أشهر، لِمَ لا فهؤلاء مواطنون من الدرجة الأولى، أمّا أنتم فَمِنَ الدرجة الثالثة أو الرابعة أو حتى العاشرة.

 حقًا أننا نعيش في زمن العدالة والمُساواة.. أليس كذلك أيُّها المُتقاعدون؟

 

دلالات: