28-أبريل-2021

وزارة الصحة.. مثال استباقي لشكل "الدولة الصدرية" (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يخوض التيار الصدري بمختلف أجنحته السياسية والشعبيّة والدينية، تحرّكات تحضيرية واسعة لخوض الانتخابات القادمة، واكتساح البرلمان بعدد كبير من المقاعد، وأخذ مبادرة تشكيل الحكومة وتنصيب رئيس وزراء "صدري"، في توجه صريح هو الأول من نوعه في حكومات ما بعد 2003 على مستوى التيّار الصدري ومساره السياسي.

وزارة الصحة، واحدة من الوزارات التي تدار من قبل التيار الصدري منذ عام 2005 

وبخلاف باقي الكتل السياسية، يتمتع التيار الصدري بتحفظ و"شبه سريّة" تخيّم على حصصه من الدولة العراقية، والمفاصل والمناصب المهمة والعليا التي تديرها شخصيات صدريّة في الدولة العراقية التي يسيطر عليها ما يعرف بـ"دولة الظل"، حيث يقف وزير معيّن في الواجهة، بينما تدار الوزارات وباقي الدوائر من قبل شخصيات أخرى غير معروفة مدعومة من تيّارات وأحزاب سياسية مختلفة، قادرة على اتخاذ قرارات دون الرجوع إلى الوزير، وفقًا لسياسيين.

اقرأ/ي أيضًا: تحشيد الجمهور وترميم "البيت الشيعي".. هل يحصل الصدريون على رئاسة الوزراء؟

وزارة الصحة، واحدة من الوزارات التي تدار من قبل التيار الصدري منذ عام 2005 بحسب تصريحات لسياسيين من كتل مختلفة، وشهادات من منتسبين في الوزارة، الذين يحمّلون التيار الصدري مسؤولية الرداءة التي يتمتع بها القطاع الصحي في العراق ويعدُّ واحدًا من أوضح القطاعات فشلًا وسوءًا جنبًا إلى جنب مع وزارة الكهرباء التي تدار أيضًا من قبل التيار الصدري حسب ما هو معروف في الأوساط السياسية والإعلامية.

الصحة "صدريّة".. بالأدلة

ويحاول الصدريون في مناسبات عديدة نفي المعلومة الأكثر شيوعًا في العراق، بكون وزارة الصحة تدار من قبل التيار الصدري، من بينها تصريح لصلاح العبيدي للمتحدث باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في عام 2018 بأن التيار الصدري تخلى عن الوزارات منذ 2007، وذلك في رد على تحقيق أمريكي كشف عن قيام شخصيات صدرية متنفذة في وزارة الصحة ببيع أدوية في السوق السوداء قُدمت مجانًا للعراق من قبل شركات أمريكية.

وكانت آخر محاولات التيار الصدري لـ"التبرؤ" من كون الصحة تدار من قبلهم، متمثلة بتغريدة زعيم التيار مقتدى الصدر التي بدا من خلالها "غاضبًا" من الهجمة التي تعرضت لها الوزارة على خلفيّة حادثة مستشفى الخطيب التي راح ضحيتها أكثر من 200 بين قتيل ومصاب، بفعل سوء إدارة وإهمال أنظمة السلامة.

وبالرغم من محاولات الصدريين نفي علاقتهم بإدارة وزارة الصحة، إلا أن "الغضب" الذي يعتري الصدريين حال مهاجمة أداء وزارة الصحة طوال السنوات الماضية ومحاولات الدفاع عنها، تشير بشكل واضح إلى "عائدية" الوزارة للتيار الصدري، بحسب نشطاء، وفي مثال على ذلك، رد النائب عن تحالف "سائرون" سعران الأعاجيبي بأن "الفشل موجود في كل الوزارات ولا يقتصر على الصحة"، وذلك في رد على تصريحات للنائب عن دولة القانون سعد المطلبي، الذي أكد بأن جميع مفاصل وزارة الصحة تدار من قبل أعضاء صدريين.

ويُعدُّ تصريح المطلبي مطابقًا للاراء الشعبية وشهادات منتسبين في وزارة الصحة، الذي يعتبرون أن كون وزراء الصحة ليسوا صدريين لا ينفي كون الوزارة صدريّة، حيث أن معظم المدراء العامين ووكلاء الوزارة تابعين للتيار الصدري، وعلى رأسهم الوكيل الإداري لوزارة الصحة هاني موسى، والذي كان نائبًا سابقًا ضمن كتلة الأحرار الصدرية.

الإدارة الصدرية للصحة.. إهمال وفساد و"اختطاف" أطباء!

يصنّف النظام الصحي في العراق، كواحد من أفشل القطاعات في البلاد بحكومات ما بعد 2003، ويتمثل الفشل بعدة مشاكل من بينها نقص الأدوية، وعدم توفر الرعاية الكافية للمرضى وقلّة الأجهزة الطبيّة الكافية ونقص الكوادر الصحيّة، فضلًا عن الإهمال في توفير مختلف المعدات التي يحتاجها الأطباء الذين طالما تظاهروا وهددوا بالإضراب جرّاء عدم قدرتهم على توفير الخدمات الطبيّة الكافية بفعل الإهمال الكبير للمؤسسات الصحية ولوازمها، الأمر الذي يجعلهم بوجه المسؤولية أمام المرضى والمراجعين، وتحميلهم مسؤولية سلبيات لم يقترفوها.

لا يستبعد الباحث يحيى الكبيسي أن يكون وضع وزارة الصحة الحالي نموذجًا للحكومة المقبلة في حال إدارتها من قبل الصدريين

إهمال وفساد و"خطف واغتيالات" لأطباء ومنتسبين داخل الوزارة، جميعها شهدتها وزارة الصحة وبأيادٍ صدريّة، وفقًا لمنتقدي واقع وزارة الصحة التي يقولون "إنها صدرية"، إذ ما زالت حادثة دخول الدكتور علي المهداوي مدير عام صحة ديالى الأسبق إلى مقر الوزارة بعد استدعائه و"اختفاءه" منذ ذلك الحين قائمة في أذهان العراقيين، فضلًا عن اختطاف عمار الصفار، النائب الثاني لوزير الصحة وتعود الحادثتان إلى عام 2006، وعلى يد القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، حسبما تشير التقارير، وإصدار مذكرة اعتقال بحق الزاملي من قبل القضاء في عام 2014 بتهمة الإرهاب والقتل والاختطاف.

رداءة الصحة.. نموذج الحكومة الصدرية

يجري استذكار وشهود رداءة وسوء النظام الصحي، وإدارة وزارة الصحة و"الفضائح" المختلفة التي تشهدها هذه الوزارة بشكل مستمر تحت إدارة صدرية، بينما يحاول التيار الصدري العمل بحماس كبير للتصدي لمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وتنصيب رئيسها من التيار الصدري، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن إمكانية معرفة شكل الحكومة المقبلة بأيادٍ صدريّة، عند النظر إلى واقع وزارة الصحة.

اقرأ/ي أيضًا: رئيس الوزراء القادم "سائق بطة".. سجال يعيد ذكريات الاقتتال الطائفي للواجهة

المهتم بالشأن السياسي يحيى الكبيسي يقول في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "تحول الوزارات إلى إقطاعيات للفاعلين السياسيين للاستثمار المالي والسياسي حقيقة واضحة، وهذا يشمل جميع القوى السياسية دون استثناء من ضمنها التيار الصدري".

ولا يستبعد الكبيسي أن "يكون وضع وزارة الصحة الحالي نموذجًا للحكومة المقبلة في حال إدارتها من قبل الصدريين"، وبينما وصف سعي التيار الصدري لتشكيل الحكومة المقبلة بـ"الحلم أو الوهم"، إلا أنه في حال تحققه سيجعل "الدولة العراقية بالكامل إلى تابع لمقتدى الصدر شخصيًا، وسيجعل أي معارض أو ناقد لأداء الحكومة تحت سطوة تواثي القبعات الزرق"، بحسب وصفه.

من جانبه يشير الناشط والمتظاهر، أمير باسم أن "الوضع الصحي في العراق، نموذج مجاني واستباقي يوضح تمامًا شكل الحكومة العراقية في حال تشكيلها من قبل الصدريين بعد الانتخابات القادمة".

ويبيّن باسم في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "على الجماهير الصدرية المتحمسة لتشكيل حكومة مقبلة من قبل شخصيات صدرية، أن ينظروا إلى واقعهم الصحي أولًا فضلًا عن واقع الطاقة الكهربائية في البلاد، فهي نماذج صريحة عن نتائج وكفاءة الإدارة الصدرية"، معتبرًا أن "معظم مفاصل الحياة والوزارات والمؤسسات التي تمس حياة المواطن العراقي، كان الصدريون جزءًا منها، فلا جديد سيأتي به التيار الصدري في حال حكم الدولة العراقية بعد الانتخابات المقبلة، بل ربما أن انفرادهم بالحكم سيأتي بما هو أسوأ".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

صراع رئاسة الوزراء: انتزاع الاعتراف بالخوف..بالقوة

جحيم مستشفى ابن الخطيب: جثث متفحمة في ردهة إنعاش مرضى "كورونا"