23-أغسطس-2020

قال ترامب إن إدارته تسعى إلى سحب القوات الأمريكية في أسرع وقت (Getty)

بينما كانت الأنظار متجهة صوب واشنطن حيث حطت طائرة الوفد العراقي برئاسة مصطفى الكاظمي، من أجل معرفة ما ستنتج عنه المرحلة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين البلدين وتحديدًا ملف التواجد العسكري الأمريكي، اهتم الوفدان في لقاءاتهما وتصريحاتهما للصحفيين بالجوانب الاقتصادية دون المزيد من الحوار والمعلومات حول الانسحاب العسكري من عدمه.

فسر مراقبون الضربات شبه اليومية، على أنها رسائل ضغط من معارضي التواجد الأمريكي 

جاء ذلك بعد تصاعد كبير في وتيرة الهجمات ضد مواقع تابعة للولايات المتحدة والتحالف الدولي، كالسفارة الأمريكية في بغداد ومعسكرات التواجد المشترك مع القوات العراقية، والأرتال العسكرية اللوجستية، في أعلى معدلات الاستهداف منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي يعلن نتائج الحوار الاستراتيجي في واشنطن: علاقة مع إيران دون هبات

فسر مراقبون الضربات شبه اليومية، إضافة إلى تلميحات من مواقع مقربة من الفصائل المسلحة، على أنه رسائل ضغط من معارضي التواجد الأمريكي على الكاظمي لحسم هذا الملف خلال رحلته إلى واشنطن.

توقعات خائبة

في أول مؤتمر صحفي بين وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين ونظيره الأمريكي مايك بومبيو رفض الأخير التعليق على جدولة الانسحاب من العراق أو إعطاء أرقام بالأعداد المتبقية من الجنود في البلاد. كما دعا إلى التركيز على الشراكة الاقتصادية بدل التركيز على هذا الملف.

بعد ذلك، وفي مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيس الأمريكي والكاظمي، قال ترامب إن بلاده لديها عدد محدود من القوات في العراق، وتتطلع إلى اليوم الذي لا تكون فيه حاجة لوجودها في هذا البلد (العراق).

جدد ترامب اعتباره خطوة إرسال قوات عسكرية إلى العراق خطأً جسيمًا، واستدرك بالقول: "لكننا ننسحب بسرعة خلال فترة 3 سنوات، والخروج ليس سهلًا فالبعض يتفق وكثيرون لا يتفقون".

في الأثناء، وصف النائب محمد كريم تصريحات ترامب بـ"المتناقضة، "بين الخروج السريع وبين مدة الثلاث سنوات"، وقال النائب عن كتلة صادقون لـ"ألترا عراق" إن "الطرف الأمريكي يريد التحكم بهذا القرار ويريد تجاوز قرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية".

أضاف: "من المفترض أن الطرف العراقي هو من يحدد المدة والحاجة لوجود تلك القوات، والكاظمي ذكر بشكل واضح وعلى لسانه بأننا لسنا بحاجة لقوات قتالية على الأراضي العراقية لانتهاء صفحة داعش".

وإذ يصف النائب كريم موقف الولايات المتحدة اتجاه الاعتداءات التركية بـ"غير المسؤول" ويعتبر عدم ردها على الأتراك دليلًا على بطلان حجة وجودها "من أجل الدفاع عن أرض وسيادة العراق"، قال ترامب في المؤتمر الصحفي إن "القوات الأمريكية موجودة في العراق للمساعدة في حال أقدمت إيران على أي شيء".

تسويف.. المدة طويلة

"كان من المفترض أن يتركز محور الزيارة على ضرورة التوقيتات المناسبة"، يقول النائب محمد كريم، مؤكدًا أن موقف كتلته "واضح في احترام سيادة العراق والحفاظ على هيبة الدولة وهذا يرتبط بشكل أساسي بإخراج القوات الأجنبية المحتلة سواء أمريكية أو تركية".

أشار في تصريح لـ"ألترا عراق"، إلى أن "السقف الزمني الذي حدده ترامب مماطلة وتسويف لبقاء قواته لصالح الكيان الصهيوني ومصالحه، لذلك فالجانب العراقي هو من يحدد السقف الزمني والحاجة".

لم تنلَ المدة "الطويلة" التي حددها ترامب للانسحاب رضا الكتل السياسية المعارضة واعتبرتها نوعًا من التسويف لحسم الملف كما قال النائب عن تحالف الفتح فاضل الفتلاوي، الذي كشف عن "موقفٍ لمجلس النواب من الحوار الاستراتيجي بعد الانتهاء من عطلة الفصل التشريعي".

ما أطلق عليه بـ"التنصل" من حكومة الكاظمي عن تنفيذ تعهداتها بإخراج القوات الأجنبية "لم يجعل أمام الشعب سوى مقاومة الاحتلال" بحسب النائب عن تحالف الفتح مختار الموسوي

بدورها، قالت كتلة السند البرلمانية إن بعض القوى السياسية لا يزال موقفها ضعيف أمام "الغطرسة الأمريكية"، وتبدو تلميحاتها موجهة لقوى صوتت على قرار إخراج القوات الأمريكية، حيث دعا النائب عن "السند" ناصر تركي هذه القوى أن "تضع دماء القادة الشهداء نصب أعينها"، في إشارة إلى سليماني والمهندس.

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي وترامب يصدران بيانًا مشتركًا بعد جولة البيت الأبيض

كان مجلس النواب قد صوت مطلع العام الحالي على قرار يُلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية كافة من العراق، بعد حادثة المطار التي نفذتها طائرة مسيرة أمريكية.

واعتبر النائب عن صادقون أن الجانب الأمريكي "يحاول إطالة الوجود بحجة تدريب القوات العراقية أو تحالف دولي بالرغم من وضع سقف زمني لكنه عالٍ"، معتقدًا أن "القوات الأمريكية تحاول تبرير وجودها من خلال هكذا اتفاقيات. وجود القوات الأمريكية يهدد أمن وسيادة العراق والمنطقة" كما ذكر النائب، ويضيف : "لا فائدة من تواجد القوات غير استمرار ماكنة قتل القيادات وضرب معسكرات الحشد أو إفساح المجال للطائرات الصهيونية بضرب معسكرات الحشد والقطعات الأمنية".

رد عسكري أم سياسي؟

بعد الإشارة المختصرة من الجانب الأمريكي لملف التواجد العسكري، تداولت منصات إعلامية وقنوات تلفزيونية مقربة من القوى السياسية ذات الأجنحة العسكرية بيانًا حمل اسم فصائل المقاومة العراقية، أعربت فيه عن "مفاجئتها" من عدم تنفيذ قرار إخراج "القوات المحتلة".

قالت الفصائل بحسب البيان: "في حال لم يتفق على الانسحاب فلنا الحق بالانتقال إلى التصعيد واستهداف المصالح الأمريكية".

هذا "التنصل" من حكومة الكاظمي عن تنفيذ تعهداتها بإخراج القوات الأجنبية "لم يجعل أمام الشعب سوى مقاومة الاحتلال" بحسب النائب عن تحالف الفتح مختار الموسوي الذي اعتبر أن "تنصل الحكومة يعطي الشرعية القانونية لفصائل المقاومة".

في ذات السياق، ترى بعض الكتل ضرورة المرور بسلسلة من الإجراءات قبل كل شيء. ويقول النائب عن كتلة صادقون المنضوية كذلك في تحالف الفتح محمد كريم لـ "ألتر عراق" إن "أدواتنا للمواجهة هي سياسية من خلال الحوار والمناقشة مع الكاظمي وسماعه عن ما تحقق خلال زيارته ومن ثم الانتقال للمرحلة الثانية لتحدد اللجان المعنية الحاجة والتوقيتات المطلوبة، وتليها خطوات أخرى في التباحث مع الجانب الأمريكي بضرورة إخراج هذه القوات بأسرع وقت ممكن".

وفي السياق، أعلن التحالف الدولي في 23 آب/أغسطس، انسحابه من معسكر التاجي، شمالي بغداد، والذي طالما تعرض لاستهداف بصواريخ الكاتيوشا.

شراكة اقتصادية أم هيمنة؟

قبل عودته إلى بغداد تحدث الكاظمي عن ضرورة التعامل مع القرار وفق مبدأ السيادة، ورفض اقتصار التعاون بين بغداد وواشنطن على الجانب الأمني والعسكري فقط، بل مجالات "تتضمن إعمار العراق وبناء شراكات اقتصادية مع الولايات المتحدة".

تنتظر كتلة صادقون نتائج الزيارة لناحية الملف الاقتصادي والخدمي "من خلال استضافة الكاظمي للإجابة عن الأسئلة" بحسب النائب عنها محمد كريم الذي قال إن "التصريحات الامريكية كثيرة، وكثيرًا ما تحدثوا عن دعم الحكومة العراقية ولكن لا جدوى منها بالرغم من حديثهم عن دعم منذ 2003".

يضيف كريم لـ"ألترا عراق": "كل شركاتهم كانت معوقة مثل ملف الكهرباء حيث وقفت بوجه الحكومة العراقية في التعاقد مع الشركات العالمية ووقوفها بوجه الاتفاقية الصينية، بالإضافة الى ملف التسليح ومنظومة الدفاع الجوي من روسيا أو غيرها".

من جانبها، قالت "فصائل المقاومة العراقية" في بيانها ذاته إنها "لم تتوقع أن يعود الكاظمي بمشاريع للتوسع الجديد للهيمنة الأميركية على مقدرات العراق".

وفي الوقت الذي تعاني البلاد من أزمة اقتصادية نشأت بسبب تراجع أسعار النفط العالمية جراء تفشي فيروس كورونا، ولجوء الحكومة للاقتراض المشرعن من البرلمان، يعتقد متخصصون أن لقاء الكاظمي مديرة صندوق النقد الدولي كراستالينا جوروجيفا يمكن أن يغير وجهة نظر الصندوق الذي رفض مؤخرًا منح العراق قرضًا بقيمة 5 مليارات دولار، مشترطًا ورقة إصلاح اقتصادي جذري وشامل بإشراف المؤسسات الدولية الموثوقة.

 يعتقد متخصصون أن لقاء الكاظمي مديرة صندوق النقد الدولي يمكن أن يغير وجهة نظر الصندوق الذي رفض مؤخرًا منح العراق قرضًا بقيمة 5 مليارات دولار

واعتبرت الرئيس التنفيذي ورئيسة الباحثين في منتدى صنع السياسات رنا خالد، هذا اللقاء، الأهم من ضمن اللقاءات التي استقبل فيها الكاظمي رؤساء الشركات الكبرى والمسؤولين الاقتصاديين الدوليين.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اجتماع البيت الأبيض.. ترامب يتحدث عن الانسحاب والكاظمي يرحب بالشركات

ما هو أهم ما تمخضت عنه الزيارة العراقية لأمريكا حتى الآن؟