ألترا عراق ـ فريق التحرير
في وقت تسير فيه الكتل السياسية الخاسرة في الانتخابات المعترضة على نتائجها نحو مزيد من الضغط لما تقول إنه "حق" يجب إعادته بدعوى تزوير أصواتها، كان الصمت سائدًا في مفاصل التيار الصدري حتى رد زعيمه مقتدى الصدر بمؤتمر صحفي استعرض من خلاله شروطه المفروض على الراغبين بمشاركته في تشكيل الحكومة.
تأكيد الصدر على فقرة حل الفصائل المسلحة ستزيد من حدة التوتر بين الطرفين ومخاوف الإطار التنسيقي من تفرد الصدر بالحكومة
جرى التركيز من قبل المتلقين: الأحزاب ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، على النقطة التي ذكر فيها الصدر حل الفصائل المسلحة وتسليم أسلحتها للحشد الشعبي بإشراف القائد العام للقوات المسلحة. جاء مطلب الصدر بعد أكثر من شهر على خطاب الفوز الذي ذكر فيه سلاح "من يدعي المقاومة" وأثار حفيظة القوى السياسية ذات الأجنحة المسلحة.
اقرأ/ي أيضًا: الصدر يشترط حلّ الميليشيات للسماح بمشاركة الخاسرين في الحكومة
ويرى مراقبون أن تأكيد الصدر على فقرة حل الفصائل المسلحة ستزيد من حدة التوتر بين الطرفين ومخاوف الإطار التنسيقي من تفرد الصدر بالحكومة وإقصاء خصومه من المناصب العليا فضلًا عن السلاح.
ويذهب آخرون إلى أن المسألة تتعلق بتصعيد الصدر لخطابه بهدف "محاصره خصومه سياسيًا" وتقديم مبادرة لحكومة توافقية لن يقبل الطرف الآخر عليها، فالشروط الكثيرة للصدر تأتي ردًا على مطالبات الإطار التنسيقي فحسب.
الرد بالبيانات
بذات المزايدة في الشروط، كان المسؤول الأول لكتائب حزب الله "أبو علي العسكري" أول من ردّ على بيان الصدر بالترحيب لما لتسليم السلاح من "إسهام في تجنيب الناس شرور الاقتتال الداخلي". لكن العسكري وضع شرطين لتطبيق ذلك أولها أن يبدأ الصدر بتسليم السلاح، وبالأخص الثقيل منه وأن تنقل مسؤولية ما لديه من ألوية إلى قيادة الحشد الشعبي.
أما ثاني الشروط، هو تسليم البيشمركة لأسلحتهم إلى الدولة، والتي يقول العسكري إن عددها "يقارب 160 ألف مقاتل مجهزين بأحدث الأسلحة".
في اليوم التالي، تداولت وسائل إعلام مقربة من الفصائل المسلحة بيانًا لـ"الهيئة التنسيقية للمقاومة" جاء فيه أنها "رصدت قيام الاحتلال الأمريكي بزيادة أعداده ومعداته في قواعده المنتشرة في العراق، بل وصرنا نسمع تصريحات رسمية وشبه رسمية من مسؤوليها حول نيّتهم عدم الانسحاب من البلاد بحجة وجود طلبٍ من بغداد بذلك، في الوقت الذي لم نرَ أي رد أو نفيٍ من الحكومة العراقية حول تلك التصريحات".
وتطرق البيان إلى "سلاح المقاومة الذي كثر الكلام عنه في الأيام الماضية وعكف البعض مصرًا على زجّه في المناكفات السياسية الأخيرة" متوعدًا بأنه "سيكون حاضرًا لتقطيع أوصال الاحتلال ما أن تحين اللحظة وتنتهي المهلة بعد الساعة الثانية عشر من مساء يوم 31 كانون الأول/ديسمبر 2021".
وتأكيدًا على رفض مبادرة الصدر، قال البيان إن "شرعية المقاومة مكتسبة من أحقية الشعب بمقارعة الاحتلال"، خاتمًا بآية قرآنية تشير إلى أن المقاومين لا يستأذنون أحدًا في الجهاد.
الرد بالتصعيد
صباح التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2021، في اليوم التالي لدعوة الصدر، تمكنت القوات الأمنية من العثور على عجلة انفجرت فيها صواريخ وأحرقتها ضمن مقال للحصو في محافظة نينوى بحسب ما أخبرت به مصادر أمنية.
ذكرت وسائل إعلام مقربة من الفصائل أن الصواريخ كانت موجهة نحو قاعدة الحرير قرب مطار أربي الدولي؛ لكن المصادر أخبرت "ألترا عراق" أن "الصواريخ كانت موجهة لنقطة ما في محافظة نينوى".
بعد ظهر الجمعة، تزايد أعداد المتظاهرين الرافضين لنتائج الانتخابات قرب بوابات المنطقة الخضراء، وكثّفوا من تواجدهم قرب وزارة التخطيط، وتجمهرت مجموعة قرب مجلس القضاء الأعلى فضلًا عن منطقة الجسر المعلق.
ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها أن "سلاح المقاومة هو أصل من أصول الشرع والشرعية ولن يسلم إلا بيد مولانا ابن الحسن"، كما "لن يحصر أو يُحصي هذا السلاح إلا صحابته".
وكانت القوات الأمنية قد أغلقت ثلاثة جسور رئيسة في العاصمة بغداد، وهي الجمهوري والسنك والأحرار، بدءًا من ساعات الصباح الأولى تحسبًا لتصعيد المتظاهرين.
عصر الجمعة، أفاد مصدر أمني بانفجار عبوة ناسفة استهدفت رتلًا للدعم اللوجستي تابعًا للتحالف الدولي أثناء مروره قرب محافظة ذي قار دون إصابات.
الدور الدولي في الأزمة
في أثناء الخطاب والردود حول الفصائل المسلحة كان المتحدث باسم قوة المهام المشتركة في التحالف الدولي جويل هاربر يتحدث عن "عدم تغيير دور التحالف في العراق" نهاية العام الحالي. وقال في 18 تشرين الثاني/نوفمبر إن "الدور سينتقل من العمليات القتالية إلى دور الاستشارة والتمكين".
وأضاف: "لن يكون هناك تغيير ديناميكي في الأرقام أو المهمة التي لدينا هنا الآن". وهو تصريح جاء متزامنًا مع خطاب الصدر حول سلاح الفصائل ورد الأخيرة على "نوايا عدم الانسحاب".
نقل صحفيون تصريحات لمسؤول في البنتاغون يتحدث عن رسالة وزير الدفاع لويد أوستن في منتدى حوار المنامة 2021 مبينًا أن ستتضمن :عدم انسحاب أمريكي من العراق العام المقبل ودراسة واشنطن أي طلب عراقي للمساعدة خارج مهمة التدريب".
جاءت التصريحات والخطابات والأحداث المتوالية بالتزامن مع اجتماع لقادة الإطار التنسيقي الشيعي بحضور المبعوثة الأممية في العراق جينين بلاسخارت ومبادرة رئيس تيار الحكمة لتسوية الصراع بين الفائزين والخاسرين.
ومن شأن التراجع عن تنفيذ القرار الأمريكي بسحب القوات من العراق أو التصريح بذلك أن يعطي - بحسب مراقبين - الذريعة المثلى للفصائل المسلحة بالتشبث بمواقفها والتصعيد أكثر عسكريًا وسياسيًا بعد الخسارة المدوية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
فتحت "كتائب سيّد الشهداء" باب التطوّع لصفوفها في خطوة قالت إنها تحضيرًا للمواجهة الحاسمة مع الأمريكان
وفعلًا، فتحت كتائب "سيد الشهداء"، باب التطوّع لصفوفها و"رفع مستوى الجهوزية"، في خطوة قالت إنها تحضيرًا لـ"المواجهة الحاسمة والتاريخية" مع الأمريكان، وذلك بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2021.
اقرأ/ي أيضًا: