15-أكتوبر-2015

مؤيدو الأسد يشكرون التدخل العسكري الروسي، قرب السفارة الروسية في دمشق (Getty)

يُذكر هذا المثل الشعبي المتداول في بلاد الشام، الذي آثرت جعله عنوانا لهذا المقال، لبيان السخرية من وثوق أحدهم من فعل شيء قبل البدء به، إلا أنه عند الشروع بالعمل لا يلبث إلا أن يترنح في مواجهة صعوبات لم يكن قد أحاطها بحسبانه، والحنجلة هي طريقة مشي طائر الحجل المثيرة للضحك بالمناسبة، وهذا ما أظنه قد ألمَّ بالرئيس الروسي فلادمير بوتين في حربه الجديدة.

يعمل الروس على إرساء أركان ما يسمى بسورية المفيدة التي تضم حماة وحمص ودمشق واللاذقية

لم تكد تمضي الأيام الأولى للحرب الروسية على الأراضي السورية حتى تبينت نوايا "الدببة" تجاه الأزمة السورية، فقد سقط قناع حرب تنظيم الدولة الإسلامية فور بدء أولى عملياتها هناك، ليس هذا فحسب، بل إن تصريحات بوتين نفسه أكدت أن التواجد العسكري في دمشق هو أساسًا لضمان بقاء الأسد ونظامه. وبتركيز الضربات التي نفذتها طائرات "السوخوي" على ريف حماة وإدلب واللاذقية موجهة قنابلها على رؤوس ما يسمى بالمعارضة المعتدلة، تكون روسيا قد وضَحت أن مهمتها تكمن في استعادة أكبر قدر ممكن من الأراضي التي خسرها النظام في السابق، والعمل على إرساء أركان ما يسمى بسورية المفيدة التي تضم كلًا من حماة وحمص ودمشق واللاذقية في أقل القليل.

لكن ما حدث طيلة أيام القصف الجوي، والبحري كذلك، حيث استخدمت القوات الروسية صواريخ من نوع "كروز" أُطلقت من بحر قزوين، أثبت أنه لا تقدم يُحسب للقوات السورية على الأرض في استعادة تلك المناطق، ويعود ذلك إلى عدة عوامل سنأتي على ذكر أهمها.

تبدأ مشاكل التدخل الروسي بالضعف الاستخباراتي للمناطق المشمولة بالضربات الجوية، ويشمل هذا الضعف عدم معرفة الأعداد والعتاد الذي تملكه فصائل المعارضة، ففي ريف حماة الشمالي وتحديدًا على محور قرية عطشان وكفر نبودة، دمّرت المعارضة ما يقارب 35 دبابة ومدرعة عسكرية باستخدام صواريخ "تاو" الأمريكية التي يمتلكها الجيش الحر بكميات جيدة قادرة على صد أي هجوم بري من قبل قوات النظام. ناهيك عن المعلومات التي صرحّ بها قادة المعارضة عن معرفة الفصائل في ما يخص تحركات الجيش النظامي السوري، وأماكن توجيه الضربات الجوية، حيث أحبطت المعارضة إنزالًا للمظليين في منطقة ريف حماة بناء على معلومات مسبقة بهذا الإنزال. ما يعني أن التعاون الاستخباراتي والعسكري بين المعارضة "المعتدلة" وغرفة "الموك" ما زالت تعمل بكفاءة، وأن التخبط السياسي للإدارة الأمريكية لم ينسحب على الوضع الميداني.

تتوالى مصاعب موسكو في حملتها العسكرية "الآنية" بضعف أطراف التحالف الجديد المكوّن من سورية والعراق وإيران وروسيا، فعلى صعيد العراق وسورية لا تمتلك الدولتان -إن صحّت تسميتهما بذلك- أية مفاتيح واقعية للحل، ذلك أن كلاهما لا يسيطر إلا على جزء بسيط من أراضيهما، بالإضافة إلى عدم الاعتماد على قواتهم البرية التي خسرتا الكثير منها، إمّا في ساحات القتال أو عبر الهروب من الخدمة. أضف إلى ذلك عدم تعاون بوتين مع جهات فاعلة على المستوى المخابراتي كالأردن، وتكلؤ الأخيرة نظرًا للعلاقات التحالفية الوثيقة التي تجمعها بالسعودية والولايات المتحدة.

هل ستبقى روسيا تستهدف المعارضة المتواجدة في القلب السوري، حتى تُنهي وجودها وتُثبّت الأسد ضمن الخارطة القادمة؟

أما على صعيد منفصل فقد بدأت أصوات قوية من أوروبا، تخرج عن صمتها حيال تلك الضربات لما تشكّله من كوارث على قادة القارة العجوز، كوارث تبدأ بالمشاكل الاقتصادية وتكاد لا تنتهي بأفواج اللاجئين الذين يهددون أمن واستقرار أوروبا كما يروج ويضغط اليمين المتطرف هناك. فها هي فرنسا وألمانيا بدأتا بالحديث عن انحراف بوصلة التدخل الروسي عن هدفه المعلن، وانتقادهما لضرب المعارضة المعتدلة وحماية الأسد، ما يعقّد موقف موسكو أمام المجتمع الدولي.

لن يكف بوتين عن حملته العسكرية قريبًا، مع أنَ تصريحاته تؤكد أنها لن تتجاوز الأربعة أشهر، حتى تحقق أهدافها كما يرى، سواء كانت على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي. إلى ذلك الحين، هل ستبقى روسيا تستهدف المعارضة المتواجدة في القلب السوري، حتى تُنهي وجودها وتُثبّت وجود الأسد ضمن الخارطة السياسية القادمة؟ وماذا عن الرد الأمريكي المُتمثل بإدارة الصراع وعدم تغليب فئة على أخرى، هل سنشهد تسليحًا نوعيًا للفصائل المعتدلة  -حسب المنظور الأميركي- وغير المعتدلة، أم سنرى تفاهمًا سياسيًا دوليًا يُنهي قتل المدنين وتدافع أسراب اللاجئين وتدمير الدولة السورية؟

اقرأ/ي أيضًا:

موسم الحج إلى موسكو