13-مايو-2022
الصدر ومسعود

عامل مؤثر بولادة الحكومة ومسؤولية مبكرة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

ينتظر "عاتق" الحكومة المقبلة، مسؤولية لاتخاذ قرارٍ عمره 12 عامًا، في الوقت الذي تواجه هذه الحكومة ولادة متعسرة بالفعل، ما يجعل هذا القرار المتعلّق بملف "نفط إقليم كردستان"، عاملًا مؤثرًا في مسار هذه الولادة.

 تحظى قضية تصدير إقليم كردستان للنفط بمعزل عن الحكومة الاتحادية واستمرارها باستلام الأموال من بغداد بمتابعة واهتمام كبيرين من قبل الأوساط الشعبية في العراق

وفي 2009، بدأ إقليم كردستان تصدير النفط بشكل منفرد عن بغداد وحتى الآن، وتخللت هذه الفترة الزمنية خلافات كبيرة بين بغداد والإقليم مع استمرار تجاهل "قانون النفط والغاز" الذي سيحل هذه الأزمة، لكن مع صدور قرار المحكمة الاتحادية ببطلان تصدير الإقليم للنفط بمعزلٍ عن بغداد ووزارة النفط الاتحادية، فإنّ الحزب الديمقراطي الكردستاني المسيطر على أماكن وسياسة تصدير النفط الخام في الإقليم سيجد نفسه مضطرًا لمناقشة هذا الملف مع شركائه، خصوصًا وأنه يستعد لأن يكون أحد الأعمدة الثلاثة التي ستشكل الحكومة المقبلة، والحصول على ضمانات بعدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية الذي ترفضه حكومة الإقليم متمثلة بالحزب الديمقراطي الكردستاني.

الصدر.. المغامرة بالشركاء أم فتح أبواب المتربصين؟

وتحظى قضية تصدير إقليم كردستان للنفط بمعزل عن الحكومة الاتحادية، واستمرارها باستلام الأموال من بغداد بوصفها "رواتب موظفي الاقليم"، بمتابعة واهتمام كبيرين من قبل الأوساط الشعبية في العراق، ما يجعل المتصدي لتشكيل الحكومة المقبلة متمثلًا بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في موقف محرج، ومطالبًا باتخاذ موقف من تطبيق قرار المحكمة الاتحادية على "شركائه" الكرد.

ولم يصدر التيار الصدري موقفًا واضحًا حتى الآن من هذا القرار، ما يطرح تساؤلًا عن موقف الصدر ما بعد تشكيل الحكومة تجاه نفط الإقليم، وما إذا كان الديمقراطي الكردستاني قد وضع "تجاهل تطبيق قرار المحكمة الاتحادية" شرطًا إضافيًا على الطاولة، للمضي بتشكيل الحكومة مع الصدر وتحالف السيادة.

المخاوف المحتملة للصدر من "التورط" بتجاهل قرار المحكمة الاتحادية والإرادة الشعبية والذهاب مع الديمقراطي الكردستاني لإبقاء هذا الملف معلقًا، تثير احتمالات استغلال الإطار التنسيقي الفرصة لاستمالة "شريكه القديم" الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتقديم ضمانات بعدم فتح هذا الملف مقابل فك الشراكة مع الصدر.

لا خوف على "الثلاثي".. والاتحاد في طريقه للانضمام

لكنّ المتحدث السابق باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، بدا منزعجًا بشدة تجاه كل من الإطار التنسيقي الذي يستمر بـ"عرقلة المسار السياسي والمشروع الكبير للتحالف ثلاثي، فضلًا عن قرارات للمحكمة الاتحادية التي جاءت بصالح الطرف المعرقل"، بحسب عبد الكريم.

ويشير عبد الكريم خلال حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أنّ "قرار المحكمة الاتحادية المتعلق بنفط إقليم كردستان بهذا التوقيت، يأتي في سياق قراراته السابقة ضدّ ترشيح هوشيار زيباري وقرار أغلبية الثلثين الذي وضع كشرط لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وجميعها قرارات ذات دوافع سياسية لصالح الإطار التنسيقي".

وأوضح أنّ "الصدر على علم تام بخلفيات هذه القرارات وكذلك المواد الدستورية التي تعارض وتنقض قرار المحكمة الاتحادية الخاص بإنتاج وتصدير النفط، ولا سيما المادة 112 من الدستور التي حكمت بضرورة تشارك حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية لإدارة الحقول الحالية في حينها، ولا يشترط إدارة بغداد للحقول المكتشفة والمنتجة فيما بعد".

من هنا، يؤكد عبد الكريم أنّ الصدر يشارك حليفه الديمقراطي الكردستاني الرؤية تجاه قرار المحكمة الاتحادية الخاص بتصدير النفط، فيما اعتبر أنّ الأزمة برمتها لن تكون معلّقة، بل ستحل تمامًا عبر تشريع قانون النفط والغاز خلال الدورة البرلمانية الحالية، ولن يكون رأينا أو قرار المحكمة الاتحادية هو الحاكم في المسألة، بل القانون المشرّع.

وبعيدًا عن جميع المبادرات، ولا سيما مبادرة "حكومة المستقلين"، التي يبدو أن التحالف الثلاثي لا يعوّل على نجاحها كثيرًا، تجري تحركات لاستمالة أحد أهم الأطراف بملف رئاسة الجمهورية، وهو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث يشير عبد الكريم إلى رسائل اتفاق بين الديمقراطي والاتحاد الوطني، وعدم وجود مشاكل "جوهرية" بين  الحزبين سوى مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، إلا أنها في طريقها للحل بالاشتراك مع الاتحاد بحسب عبد الكريم، الذي يشير إلى أنّ "اسوأ الاحتمالات التي من الممكن أن تحدث هو الذهاب بمرشحين اثنين والفوز لمن يكسب أعلى الأصوات".

قرار بات قضائيًا.. قابل للتسوية سياسيًا

بالرغم من "تجاهل" زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حتى الآن لقرار المحكمة الاتحادية الذي "يزعج" شريكه الديمقراطي الكردستاني، إلا أنّ المحلل السياسي أحمد الياسري يرى عدم إمكانية تجاهل هذا القرار من قبل الحكومة المقبلة.

ويوضح الياسري في حديث لـ"ألترا عراق"، أنّ "القرار بات قضائيًا ولا يمكن تجاهل تطبيقه، إلا أنه ممكن الخضوع لتسويات سياسية تتماشى مع القرار القضائي ولا تخرج عنه كثيرًا"، من قبيل عدم تطبيق القرار بأثر رجعي على الأقل، بحسب الياسري.

ويعتبر الياسري قرار المحكمة الاتحادية، ورقة لدفع القوى الكردية لـ"تحسين قدراتها التفاوضية مع القوى الشيعية والسنية، لأنّ إقليم كردستان لا يستطيع أن يطعن بالقرار في المحاكم الدولية لأنها قضية خاصة وليست عامة"، وبينما تجاهل الصدر هذا القرار للحفاظ على تحالفه، لكن الحكومة القادمة ستكون مسؤولة عن تطبيق هذا القرار دون هروب، وسيكون التطبيق "سياسيًا" وفق صيغة معينة لا تغادر فحوى قرار المحكمة الاتحادية.