تشهد الأسواق في العراق تراجعًا ملحوظًا في الإقبال على شراء اللحوم الحمراء بالتزامن مع تفشي مرض الحمى النزفية في البلاد، وسط تباين كبير في الأسعار، حيث أن العديدين وصلوا إلى أن يستغلوا فحص لحومهم مختبريًا لرفع الأسعار، بحسب مواطنين.
أهمل العراق رش الحيوانات بالمبيدات لمدة 3 سنوات وهو ما تسبب بانتشار مرض الحمى النزفية
والحمى النزفية، من الأمراض المعدية التي تهدد حياة الإنسان، حيث تسبب بتلف جدران الأوعية الدموية الصغيرة، كما يمكن أن تعوق قدرة الدم على التجلط، وبحسب موقع "مايو كلينيك" الطبي، فأنّ أعراض الحمى النزفية المبكرة تكون عبارة عن حُمّى وتعب أو ضعف عام أو الشعور بالتوعك، والدوار وآلام العضلات أو العظام أو المفاصل والغثيان والقيء والإسهال.
أسباب الانتشار في العراق
ويرى المدير العام السابق لدائرة البيطرة، صلاح فاضل، إنّ أبرز الطرق للحد من انتشار الحمى النزفية في العراق، هو جزر المواشي داخل المجازر التي تحتوي على أطباء من أجل فحص الحيوانات قبل الذبح وبعد الذبح، فضلًا عن أهمية التخلص من الفضلات الخاصة بها.
والفيروس يكون موجود في دم الحيوانات المصابة وتنتقل إلى الإنسان عبر الدم عند الذبح، وفقًا لفاضل الذي أشار إلى أنّ "عند ملامسة دم المواشي المصابة ينتقل المرض إلى الإنسان الذي يمتلك جروحًا في جسمه، وهكذا يتغلل الفيروس وينتشر".
وكان العراق سابقًا يسيطر على هذا المرض من خلال رش الحيوانات وأماكن تربيتهم وحتى المجازر بمواد خاصة (مبيدات) لمنع الإصابات، لكن السبب الرئيسي وراء انتشار الحمى النزفية الآن ـ والكلام لفاضل ـ هو "عدم رش هذه المبيدات على الحيوانات وأماكنهم لـ 3 سنوات متتالية، بحجة عدم وجود تخصيصات مالية لشراء هذه المواد".
وبحسب المسؤول الحكومي السابق، فأنّ العراق يحتاج إلى أكثر من 4500 طبيب بيطري، في حين يمتلك الآن 800 طبيب فقط، محذراً في الوقت نفسه من "ظهور مرضيين جديدين في البلاد خلال الفترة المقبلة وهما (داء الكلب، حمى مالطا)".
ويسجل العراق طفرة كبيرة بعدد الإصابات بالحمى النزفية، حيث أعلنت وزارة الصحة ارتفاع الإصابات بالحمى النزفية منذ بداية العام الجاري إلى 230 حالة منها 38 حالة وفاة، كما تصدرت محافظة ذي قار القائمة بتسجيل 93 إصابة و21 وفاة.
انخفاض ملحوظ
هدى جبار، وهي من سكنة بغداد، تقول لـ"ألترا عراق"، إنّ "الفترة الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا في إقبال المواطنين على شراء اللحوم الحمراء في العاصمة، وذلك بسبب تخوفهم من فيروس الحمى النزفية".
ووفقًا لجبار، فأنّ انتشار الحمى النزفية أجبر العديد من البغداديين على التوجه نحو اللحوم البيضاء الدجاج والأسماك، مشيرةً إلى أنّ "عائلتها على سبيل المثال قاطعت اللحوم الحمراء لنفس السبب واتجهوا نحو اللحوم البيضاء".
فيما يقول أبو جاسم، وهو من سكنة الشعب، إنّ "الإقبال على اللحوم الحمراء تراجع بعد ازدياد أعداد المصابين بالحمى النزفية، الأمر الذي أسفر عن انخفاض أسعار بيع اللحوم في العديد من المحال".
ويستطرد أبو أحمد صاحب الـ 49 عامًا لـ"ألترا عراق"، بالقول إنّ "الحكومة والجهات المعنية مطالبة بمراقبة محال بيع اللحوم الذين يقومون بذبح المواشي خارج المذابح المخصصة".
الأسعار الرسمية
من جانبه يتحدث مدير مذابح منطقة الشعلة، زيدان خلف، عن "لجان طبية تشرف على عمليات الذبح في عموم مجازر العراق من أجل فحص اللحوم قبيل توزيعها على التجار".
وبحسب حديث خلف، لـ"ألترا عراق"، فأنّ المحال الخاصة ببيع اللحوم تبيعها بأسعار مرتفعة، مطالبًا بـ"تشيكل لجان من الأجهزة الأمنية والجهات الطبية لمتابعة المحال والمجازر الصغيرة التي تقدم على ذبح المواشي بعيدًا عن المجازر الحكومية".
ووفقًا لخلف، فأنّ الأسعار الرسمية للحوم هي:
- 1 - سعر كيلو العجل بـ 11.500 دينار
- 2 - سعر كيلو العجل مع العظم بـ 11.000 دينار
- 3 - سعر كيلو شرح من دون عظم بـ 12.500 دينار
ويرى أحمد علي، وهو من سكنة الأعظمية، أن "هناك استغلالًا واضحًا من قبل بعض أصحاب محلات بيع اللحوم ممن قاموا بذبح مواشيهم في المجازر وفحصها من قبل اللجان البيطرية حيث رفعوا أسعار اللحوم بطريقة مبالغ فيها ولا تمت للواقع المعيشي بصلة".
رُفعت أسعار اللحوم المفحوصة مختبريًا في المجازر
ولـ "ألتر عراق"، يقول علي إنّ "هؤلاء التجار يستغلون المواطنين رغم الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تجتاح العراق خلال السنوات الماضية، مع عدم وجود محاسبة قانونية لهم من قبل الحكومة"، مبينًا أن "هناك محال لم تفحص مواشيها لأسباب غير معروفة لازالت تبيع بنفس الأسعار القديمة لكنها تشهد عزوفًا من قبل المواطنين".