قد يبدو المشهد غريبًا عند رؤية الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور، وهي تتجول في حدائق المنزل، إلا أن ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة في العراق أصبحت مألوفة، وتحديدًا في العاصمة بغداد، خلال الفترة القليلة الماضية، إذ بدأ بعض الناس باقتناء هذا النوع من الحيوانات وتربيتهم على غرار الكلاب والقطط.
بات مشهد الحيوانات المفترسة مألوفًا في شوارع بغداد
رغم أن القسم الأول من المادة (2) في قانون حماية الحيوانات البرية في العراق (رقم 17 لسنة 2010)، ينص على أن "الحيوانات البرية ثروة وطنية وعلى المواطنين والجهات الرسمية حمايتها وتجنب إيذائها أو الاعتداء عليها".
وكانت قيادة الشرطة في العاصمة بغداد دعت إلى مساعدتها في إجراءات لمنع ظاهرة الاستعراض بالحيوانات المفترسة في الشوارع والمطاعم، عبر "التعاون والإبلاغ عن هذه الحالات"، بعد رصد "فيديوات حول تواجد هذه الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور في بعض المناطق العامة في الآونة الأخيرة، من قبل يجهل خطورة تواجدها والتجوال بها، مما يضع حياة المواطنين في خطر وربما يتعرض من يقتنيها إلى ذات الخطر".
مزاد بيع الأسود في بغداد
يقول أحد بائعي الأسود، خلال حديثه لـ "ألترا عراق"، إن "هناك إقبالًا كبيرًا على شراء الأسود في بغداد وأغلبهم من قبل رجال الأعمال".
يتحدث بائع الأسود، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "أسعار هذا النوع من الحيوانات تختلف حسب العمر والنوع، لكن أغلبها تتراوح ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف دولار أمريكي إذا كان عمر الشبل يترواح ما بين الشهر و3 أشهر".
الأسد الذي يتميز باللون الأبيض يصل سعره إلى 20 ألف دولار أميركي، والكلام للبائع، الذي أشار إلى أن "أكثر الأنواع بيعًا هو الأسد الأفريقي التنزاني".
ويمتاز الأسد الأفريقي بطوله الذي يتراوح ما بين 4.5 إلى 6.5 أقدام، أي حوالي من 1.4 إلى 3 أمتار، وعادة ما يزن الأسد الأفريقي ما بين 120 إلى 191 كيلو غرامًا، وتكون كفوفه ضخمة مقارنة بالأنواع الأخرى وهو ما يجعل سعره مرتفعًا، وفقًا لبائع الأسود.
وبحسب كلامه، فأن الأسود التي يتجاوز عمرها 3 أشهر تكون رخيصة الثمن كونها تكون صعبة الترويض والتربية، وتشكل خطرًا كبيرًا على مربيها، محذرًا من تربية الأسود دون معرفة كاملة عن كيفية معاملتها خصوصًا وهي من الحيوانات التي تحقد على الإنسان بالعادة.
ومن المعروف أن الأسود تصنف على أنها من الأنواع المهددة بالانقراض بدرجة دنيا، حيث ارتفعت حدّة تراجع أعدادها من 30 إلى 50% في إفريقيا خلال العقدين الماضيين.
قانونية تربيتها
في هذا الصدد، يقول الخبير القانوني علي التميمي، إن "قانون حماية الحيوانات البرية 17 لسنة 2010 في المادة 9 منه عاقب بالحبس 3 سنوات مع غرامة 3 ملايين دينار على اقتناء الحيوانات المفترسة وتركها في الشوارع".
وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يشير التميمي، إلى "أهمية مصادرة الحيوان واعتقال مقتنية وفق هذا القانون ومنع الاستيراد لما تشكله من خطر على حياة المدنيين في بغداد والمحافظات".
ويضيف: "من حق أهالي المناطق التي يقتني أحد أفرادها حيوانًا مفترسًا إقامة دعوى في المحكمة والمطالبة بنقله منها".
ووفقًا لمقتني هذا النوع من الحيوانات، فأن عمليات بيع الأسود والنمور والحيوانات المفترسة الأخرى، لا تتم في الأماكن المخصصة لبيع الحيوانات مثل الكلاب والقطط، وإنما يتم بأماكن أكثر سرية خوفًا من الملاحقة القانونية، حسب قولهم.
حياة المدنيين في خطر
ديار التميمي، وهي متخصصة بتربية الكلاب في بغداد، تقول إن "تربية الحيوانات المفترسة تكون صعبة جدًا خصوصًا إذا تواجدت في المنازل التي تكون في الأحياء المدنية لما تشكله من خطر على حياة أصحابها بالدرجة الأساس".
وتتابع التميمي، حديثها لـ "ألترا عراق"، بالقول إن "هناك توجهًا من مربي الحيوانات المفترسة لإجراء عملية للأسود والنمور من أجل قلع الأظافر وبعض الأسنان خوفًا على حياتهم وحياة عائلاتهم".
وتشير التميمي، إلى أن "اقتناء هكذا نوع من الحيوانات يعد خطرًا خصوصًا وأن تصنيفها لا يدخل ضمن الحيوانات التي يمكن أن تعتاش في المنازل ومع الأشخاص على عكس الكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات الأخرى".
من جانبه يقول مهدي ليث، وهو ناشط بيئي، ومدير الإعلام والعلاقات العامة لمنظمة المناخ الأخضر العراقية، إن القوانين العالمية تتيح لتربية الحيوانات من خلال تقسيمها لقسمين:
- النوع الأول: الحيوانات المنزلية pets والتي يسمح المتاجرة بها قانونيًا وتربيتها في كثير من دول العالم.
- النوع الثاني: الحيوانات المنزلية الخاصة Exotic pets وهي حيوانات يتم تربيتها بكثير من بلدان العالم، لكن بشروط خاصة تفرض على المستورد والمربي.
لكن العديد من الحيوانات المفترسة مثل (الأسود والنمور والفهود)، هي حيوانات لا يسمح بتربيتها أو متاجرتها في العالم إلا في الحدائق الخاصة بالحيوانات، والكلام للناشط البيئي، مستطرداً بالقول إن "هذه الحيوانات تباع للناس العاديين بصورة غير قانونية وغير شرعية حتى بطريقة دخولها إلى البلاد".
وختم ليث حديثه بالقول إن "هذه الحيوانات بعيدًا عن الأمور القانونية تحتاج إلى مساحات واسعة لتربيتها، فضلًا عن وجود خبرة كبيرة للتعامل معها فهي خطيرة على المربين والأهالي الموجوديين في المنطقة التي يتم تربيهم فيها ولذلك فقد صدر قانون مؤخرًا من الحكومة العراقية لملاحقة وإيقاف كل من يربي هذه الأنواع من الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور والدببة في المنازل أو التباهي بهم في المناطق السكنية والشوارع".
أمراض معدية
صلاح فاضل عباس، المدير السابق لدائرة البيطرة العامة التابعة لوزارة الصحة، يقول إن "ظاهرة تربية الحيوانات سواء كانت مفترسة أو أليفة هي مصدر للأمراض المعدية".
ويشير عباس، خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى "وجود مخاطر كبيرة يتعرض لها المدنيون بسبب الحيوانات المفترسة كونها تمتاز بتغير مزاجها وبالتالي قد تهاجم حتى مدربها أو مربيها، فضلًا عن الناس المارين أو المتفرجين على هذا الحيوانات".
ويتحدث عباس، قائلاً إن "الفترة القليلة الماضية شهدت هجومًا تعرض له طبيب بيطري، من قبل حيوان مفترس عند محاولة الطبيب إجراء معالجة طبية له".
وبحسب تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، وبيانات معاهدة التجارة العالميّة لأصناف الحيوان والنبات البري المُهدّد بالانقراض (CITES)، فأن انتشار صيد الحيوانات البريّة في العراق له تأثير كبير على التنوّع الحيوي في البلاد، وأن الحيوانات التي يتمّ صيدها تُباع حيّة أو ميتة أو كأجزاء كالجلود.