26-يونيو-2020

تصاعدت تحذيرات من "الفتنة" ودعوات إلى التهدئة

الترا عراق - فريق التحرير

أجواء تشبه تلك التي شهدتها ليلة اغتيال المهندس وسليماني سادت العاصمة بغداد، بعد أن باغتت قوة خاصة من جهاز مكافحة الإرهاب مقرًا لحركة كتائب حزب الله، جنوبي العاصمة، واعتقلت مجموعة من عناصرها بينهم قياديون.

اعتقلت قوة من جهاز مكافحة الإرهاب عددصا من عناصر كتائب حزب الله في عملية مباغتة

بدأت العملية مساء الخميس 25 حزيران/يونيو، حين اقتحم ‏اللواء الركن حسين راضي العزاوي بقواته منطقة "البو عيثة" حيث عدة مقار للفصائل المسلحة، وتمكن من ضبط منصات لإطلاق الصواريخ، وفق معلومات قدمتها مصادر أمنية مسؤولة تحدث إليها "الترا عراق".

تشير المصادر، إلى أن المعتقلين كانوا "يخططون لمهاجمة مقار دبلوماسية أو قواعد تضم قوات أجنبية في العاصمة بغداد"، ضمن ما يعرف بعمليات "خلايا الكاتيوشا"، والتي تنتمي في حقيقتها إلى فصائل بارزة ككتائب حزب الله أو عصائب أهل الحق لكنها اتخذت أسماء جديدة منها "عصبة الثائرين" و"ثأر المهندس"، كما يؤكد مختصون في شؤون الجماعات المسلحة.

وتضاربت المعلومات حول عدد المعتقلين، إذ تشير بعض المصادر إلى 13 شخصًا، وتتحدث أخرى عن أعداد أكبر تصل إلى العشرات.

"هجمة مرتدة"!

إثر ذلك، ثار غضب كتائب حزب الله وفصائل بارزة من بينها عصائب أهل الحق والنجباء وأخرى موالية لإيران، حيث حاصرت مجاميع منها مقار حكومية وأمنية داخل المنطقة الخضراء، مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين.

قاد تلك المجاميع والتي استعرضت قوتها في العاصمة بغداد، فجر الجمعة 26 حزيران/يونيو، قبل أن تقتحم المنطقة الخضراء، عبد العزيز المحمداوي "أبو فدك"، والذي خلف المهندس بشكل غير رسمي على رأس هيئة الحشد الشعبي.

حشدت كتائب حزب الله وعدد من الفصائل أنصارها في العاصمة في تحركات استعراضية انتهت إلى المنطقة الخضراء

ورصد "الترا عراق" مشاهد وصور تظهر أرتالاً تحمل عناصر مدججين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وهي تدخل المنطقة الخضراء، إلى جانب عجلات تحمل شعار الحشد الشعبي، فيما ظهر "أبو فدك" وهو يؤم عددًا من الأشخاص للصلاة في ساحة داخل المنطقة الخضراء فجرًا.

"هجوم موازي"

بموازة الأحداث المتسارعة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن "العملية الأكثر جرأة" ربما، فيما شنت حسابات تابعة للفصائل المسلحة حملة ضد الحكومة وجهاز مكافحة الإرهاب، متهمة إياه بتنفيذ "أجندة أمريكية".

ووصفت تلك الحسابات، العملية بـ"المستفزة"، مؤكدة أن "قوات مكافحة الإرهاب اعتدت على مقار رسمية للحشد الشعبي"، كما نفت وجود صواريخ ضمن مقر كتائب حزب الله، أو التخطيط لشن هجمات.  

شنت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي هجومًا ضد الكاظمي وجهاز مكافحة الإرهاب دعمًا للفصائل المسلحة

بالمقابل، شهدت مجاميع إلكترونية تضم مسؤولين وقياديين في فصائل مسلحة اتهامات وتهديدات متبادلة، قبل أن تخف حدتها إثر تدخل أطراف سياسية كبيرة.



مفاوضات ووساطات..

ويقول مصدر سياسي رفيع لـ"الترا عراق"، إن منزل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، شهد قبيل الفجر، اجتماعًا ضم هادي العامري زعيم تحالف الفتح والأمين العام لمنظمة بدر، إلى جانب شخصيات سياسية أخرى.

وأضاف المصدر شريطة عدم كشف هويته، أن "أبو فدك انضم للاجتماع، الذي كان يسعى إلى تهدئة الأزمة ومنع وقوع صدام بين المجاميع المسلحة التي اقتحمت المنطقة الخضراء وقوات الأمن".

3 سيناريوهات..

الصدام المسلح كان السيناريو الأكثر "رعبًا" لأبناء العاصمة في ظل معرفة حجم القوة العسكرية والتي تمتلكها الفصائل المسلحة، لكنه كان خيارًا مستبعدًا كما يقول مراقب مقرب من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.

ويشير المراقب الذي تحدث إلى "الترا عراق"، إلى أن "مفاوضات حل الأزمة كانت تدور ضمن خيارين، الأول تسليم المعتقلين إلى مديرية أمن الحشد الشعبي، أو بقائهم بيد قوات مكافحة الإرهاب مع إعلان عدم ارتباطهم بكتائب حزب الله".

شهد فجر الجمعة مفاوضات ووساطات لحل الأزمة ومنع وقوع صدام بين الفصائل وقوات الأمن 

لكن المحمداوي رفض أي من الخيارين، وطالب بإطلاق سراح المعتقلين كشرط وحيد لسحب قواته من المنطقة الخضراء، لكنه انسحب لاحقًا، وسط تسريبات عن إطلاق سراح المعتقلين، باستثناء ثلاثة أشخاص يعتقد أنهم قادة بارزون.

وتابع "الترا عراق"، مقاطع مصورة تظهر مجموعات من الأشخاص وهم يرددون "أهازيج" داخل المنطقة الخضراء، وأخرى تظهر انسحاب عجلات ومسلحين منها.

"العذاب قادم.."!

وهاجم "أبو علي العسكري"، المتحدث الأمني باسم كتائب حزب الله العراق، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، ووصفه بـ"المسخ العميل"، فيما هدده بـ"العذاب".

وزعم العسكري، أن أنصار الفصائل المسلحة، الذين جابوا شوارع العاصمة فجرًا، مستعرضين قوتهم وسلاحهم، أطلقوا سراح العناصر الذين اعتقلوا ليل الخميس.

"لم يطلق سراح أحد"

لكن الخبير في المجال الأمني وشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، أكد أن "أحدًا من المعتقلين لم يطلق سراحه، ولم يحاصر أحد مقر جهاز مكافحة الإرهاب"، مؤكدًا أن المعتقلين "ما زالوا تحت التحقيق القضائي".

وكتب الهاشمي، صباح الجمعة، "إلى هذه الساعة لم يطلق سراح أحد من الذين اعتقلوا، ومحاولات قيادات في الحشد وقيادات سياسية في تحالف الفتح تسوية الموضوع رفضها القاضي حتى ينتهي التحقيق".

كما أكد، أن "الكاظمي لم يعتذر من أحد، واستعراض من 30-34 عجلة في شارع الجادرية والشارع الموازي لشارع المطار من جهة حي العامل استمر لنحو 30 دقيقة فقط"، فيما ختم بالقول "بغداد بخير، واتفق الجميع على انتظار قرار القاضي".

أكد الهاشمي أن القوات العراقية لم تطلق سراح أي من المعتقلين بانتظار قرار قضائي 

بدورها، أشارت وكالة "رويترز" إلى أن متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق ومصادر من الفصائل شبه العسكرية العراقية، نفت تسليم بعض المعتقلين إلى الجيش الأمريكي.

"مساندة إلكترونية.."

واحتلت الحادثة صدارة اهتمامات العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أثارت حملة لدعم جهاز مكافحة الإرهاب ودعوات إلى الوقوف إلى جانب القوات الرسمية لضبط السلاح.

ودشن العراقيون وسم "مع جهاز المكافحه ضد الاحزاب"، حيث كتبوا تحته آلاف التدوينات الرافضة لنفوذ الفصائل المسلحة، والداعية إلى مساعدة الدولة في مساعيها إلى فرض القانون.


"الفتنة.."

ومع صباح الجمعة، حذر سياسيون من بينهم المالكي، من وقوع "الفتنة"، داعيًا إلى "ضبط النفس".

وقال المالكي إن "الحشد الشعبي قائد النصر وعنوان لقوة الشعب والدولة وعلينا احترامه وحفظ هيبته ولا يجوز الاعتداء عليه أو الانتقاص منه".

وأضاف، أن "الدولة دولتنا وقوات مكافحة الإرهاب أبناؤنا الذين نعتز بجهادهم وبسالتهم ولا يجوز الانتقاص منه ومن كل قوة وطنية للدولة".  

أطلق سياسيون دعوات إلى التهدئة وحذروا مما وصفوه بـ"الفتنة"

ودعا المالكي، الجميع إلى "ضبط النفس والحرص على حل المشاكل بنفس وطني مسؤول بعيد عن الأحقاد والتدخلات الخارجية"، محذرًا "المقاتلين والحكومة من الذين يريدون الإيقاع بين شركاء الهم والوطن".  

 كما أطلق القيادي في كتلة صادقون الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق، نعيم العبودي، تحذيرًا مماثلاً، داعيًا إلى تجنب "الفتنة".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

"كواليس" صعود رجل المخابرات.. كيف قاد مقتل سليماني الكاظمي إلى القصر؟

الكاظمي يلمّح إلى تهديدات تطاله ويرد بـ"آية قرآنية": لابد من كشف ما يجري