الترا عراق - فريق التحرير
علقت وزارة الخارجية الأمريكية، على تقارير صحفية أشارت إلى نية واشنطن إغلاق السفارة في العاصمة العراقية بغداد، على خلفية هجمات مستمرة بالصواريخ.
قالت متحدثة عن الخارجية الأمريكية إن الجماعات المدعومة من إيران التي تطلق الصواريخ على السفارة تشكل خطرًا على حكومة العراق والبعثات المجاورة
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في تصريح، فجر الإثنين 28 أيلول/سبتمبر، إن "واشنطن أوضحت من قبل أن الجماعات المدعومة من إيران التي تطلق الصواريخ على السفارة الأمريكية في بغداد تشكل خطرًا على حكومة العراق والبعثات الدبلوماسية المجاورة وسكان المنطقة الدولية والمناطق المحيطة بها".
"الاستعدادات بدأت"!
ورفضت المتحدثة باسم الوزارة، الرد على هذه التقارير الصحفية، مضيفة "لا نعلق أبدًا على المحادثات الدبلوماسية الخاصة للوزير مع القادة الأجانب".
وتابعت المتحدثة، "بينما تعمل الولايات المتحدة على تأمين الدعم المالي للعراق من المجتمع الدولي ومختلف شركات القطاع الخاص يظل وجود الميليشيات الخارجة عن القانون والمدعومة من إيران أكبر رادع منفرد أمام الاستثمار الإضافي في العراق".
اقرأ/ي أيضًا: اجتماع الرئاسات: طلب دعم أمريكي لمواجهة الفصائل.. وموقف حول السيستاني
وأشارت تقارير صحافية متعددة، في وقت سابق، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، حذر رئيس الوزراء العراقي من أن واشنطن قد تغلق سفارتها في بغداد وتسحب موظفيها بسبب تكرار الهجمات على السفارة.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين عراقيين لم تسمهم تأكيدهم بأن "الاستعدادات بدأت بالفعل لإغلاق السفارة".
فيما قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن الولايات المتحدة أبلغت الحكومة العراقية وشركائها الدبلوماسيين أنها تخطط لانسحاب كامل من سفارتها في بغداد ما لم يكبح العراق الهجمات على الأفراد المرتبطين بالوجود الأمريكي هناك - وهي خطوة قال مسؤولون عراقيون إنها فاجأتهم.
إغلاق خلال 90 يومًا!
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أحمد ملا طلال قوله، "نأمل أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في القرار"، مبينًا أن "هناك جماعات خارجة عن القانون تحاول زعزعة هذه العلاقة، وإغلاق السفارة سيبعث برسالة سلبية في صالحهم".
قال ملا طلال إن الحكومة العراقية تأمل أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في قرار إغلاق السفارة في بغداد
وأبلغ وزير الخارجية مايك بومبيو الكاظمي بالخطط ليلة السبت، وفقًا لمسؤول مطلع على الأمر. وقال مسؤولان غربيان في بغداد إن البعثات الدبلوماسية لبلادهما أُبلغت بالخطة، وفق تقرير "واشنطن بوست".
وذكر التقرير، "لم يتضح يوم الأحد 27 أيلول/سبتمبر، ما إذا كان البيت الأبيض قد وافق على رحيل محتمل وما الذي قد يدفع إدارة ترامب إلى تعليق الخطة".
ونقل التقرير عن دبلوماسي مطلع على الوضع قوله، "إذا تحركت الإدارة الآن، فمن المتوقع أن يستغرق إغلاق السفارة 90 يومًا، وهي مدة ستمنح إدارة ترامب الفرصة لإعادة تقييم القرار".
الكاظمي يطلب "وساطة أوروبية"!
وقال مسؤول كبير في مكتب الكاظمي، وفق التقرير، إن "الحكومة الأمريكية طلبت اتخاذ إجراءات أقوى ضد الميليشيات، مما يشير إلى أنه يمكن تجنب إغلاق إذا حدث ذلك"، مبينًا أن "رئيس الوزراء يضغط على الشركاء الأوروبيين لمحاولة إقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها"، فيما أشار إلى "العواقب السلبية" التي قد تترتب على استقرار البلاد في حال انسحاب البعثة الأمريكية من بغداد.
وأشار التقرير، إلى تصريحات مسؤولون من ثلاث سفارات أوروبية في بغداد، قالوا إن "بعثاتهم ستبقى حتى لو غادرت الولايات المتحدة"، فيما رأى محللون أن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية "قد يدفع الكاظمي إلى القتال ضد الفصائل المسلحة".
وتقول لهيب هيجل، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها واشنطن، إن "الاتجاه هنا هو أن الولايات المتحدة تنسحب، إذا لم يفعلوا ذلك الآن، فإنهم يفعلون ذلك في النهاية"، مبينة أن الجماعات المسلحة في العراق "ستعيد تشكيل بعضها البعض بطريقة أو بأخرى؛ كونهم جزء من المشهد السياسي في العراق "، لكنها رأت أن "الخروج بضجة كهذه لن يساعد العراق".
وأشارت معلومات تداولتها وسائل إعلام محلية، فجر الإثنين 27 أيلول/سبتمبر، أن السفير الأمريكي في بغداد قد حزم حقائبه لمغادرة العاصمة بغداد نحو القنصلية الأمريكية في أربيل، تمهيدًا لمغادرة بقية أعضاء البعثة ثم إغلاق مبنى السفارة الضخم في قلب العاصمة العراقية.
"انتصار أسطوري" للفصائل!
ويحذر مراقبون، من الخطوة الأمريكية المحتملة والتي ستعد "انتصارًا أسطوريًا" للفصائل المسلحة، حيث يقول الباحث في معهد واشنطن للدراسات مايكل نايتس في مقال، إن "إغلاق السفارة، ومهما كانت دوافع التهديد، يمثل خيارًا سياسيًّا مثيرًا للجدل للغاية، على الرغم من فائدته الفورية في إثارة انتباه العراق بشأن قضايا الميليشيات".
رأى محللون أن انسحاب البعثة الأمريكية من بغداد قد يدفع الكاظمي إلى إعلان الحرب على الفصائل المسلحة
ويرى نايتس، إن "إغلاق السفارة هو بالذات النتيجة التي تحلم كل ميليشيا مدعومة من إيران بتحقيقها، وسيكون ذلك انتصارًا دعائيًا ذو أبعاد أسطورية لطهران ووكلائها، مما يقوّض كل التقدم المحرز في العراق منذ مقتل سليماني والمهندس، كما سيمثل أيضًا انسحابًا كاملاً من العراق حتى أكثر من الانسحاب الذي قامت به إدارة أوباما في عام 2011، مما ساعد على تمهيد الطريق لعودة ظهور تنظيم القاعدة تحت اسم تنظيم الدولة الإسلامية، وبعد ذلك سيطرة الميليشيات على مساحات واسعة من الدولة العراقية".
اقرأ/ي أيضًا: أذرع الفصائل تتلطخ بدماء قوات الأمن.. هل يجرؤ الكاظمي على فتح النار؟
ويؤكدالباحث الأمريكي، أن إغلاق السفارة "لن يؤدي إلى انتهاء كافة العمليات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية في العراق فحسب، بل إلى توقّف جميع عمليات التحالف الأخرى أيضًا، نظرًا لاعتمادها على الوجود الأمريكي"، مرجحًا أن "تقوم العديد من القوى الأجنبية بخطوات مشابهة لرحيل واشنطن الكامل - باستثناء إيران وروسيا والصين، ولن تخدم هذه النتيجة المصالح الأمريكية بأي سيناريو".
ويشير نايتس، إلى أن "على واشنطن أن تتجنب اللجوء إلى مثل هذا الإجراء المتطرف في المستقبل، وأن تعمل بدلاً من ذلك مع حكومة الكاظمي على أنواع أخرى من خيارات الرد المشدد، وعلى وجه الخصوص، عندما تشير تحذيرات التهديد التي توفّرها الولايات المتحدة إلى تنفيذ هجمات وشيكة، حيث بإمكان القوات العراقية إغلاق أجزاء من المنطقة الدولية مؤقتًا وتعزيز الحماية هناك من أجل حماية السفارة الأمريكية بشكل أفضل".
"الحرب تبدأ من المنطقة الخضراء"!
ويبين الكاتب الأمريكي، أن ذلك يمكن أن يطبق "في مطار بغداد الدولي وعلى طريق المطار الرئيسي في ظل ظروف معينة"، موضحًا أن "وقف الهجمات الصاروخية بشكلٍ كاملٍ ليس أمرًا واقعيّاً في أي وقت قريب، ولكن تم بناء السفارة الأمريكية للصمود أمام مثل هذه الهجمات وهي محمية بالنظام الفعال المضاد للصواريخ وقذائف المدفعية وقذائف الهاون، الذي يسمح للحكومة العراقية بتشغيله فوق العاصمة رغم الضجة الهائلة التي يُحدثها والقذائف الطائشة االتي يُطلقها في بعض الأحيان".
كما يلفت، إلى ضرورة "قيام المسؤولين الأمريكيين في حال امتلاك معلومات استخباراتية محددة حول أي تهديد جديد تطرحه إحدى الميليشيات - على سبيل المثال، إدخال أنظمة صواريخ دقيقة متقدمة - بنقل هذه البيانات إلى المسؤولين العراقيين بشرط أن ينفّذ العراق بسرعة عملية ضدّ هذا التهديد، خاصة وأن رئيس الوزراء الكاظمي هو الرئيس الفخري لجهاز المخابرات الوطني العراقي ذي القدرات العالية، وأن الدول الشريكة تثق به باستمرار وكذلك بدائرة المقرّبين منه (معظمهم من أفراد "جهاز المخابرات الوطني")، فيما يتعلق بالمعلومات الحساسة".
ويقول الباحث الأمريكي، إن "النهج الأذكى يتمثل في مساعدة واشنطن للمسؤولين في العراق على استعادة المنطقة الدولية (المنطقة الخضراء)". ويرى أن "إزالة الميليشيات بشكل تدريجي من هذه القطعة العقارية الرئيسية ستكون رمزية جدًّا على المستوى الوطني، والأهم من ذلك، ستساعد على حماية المنشآت العراقية والأمريكية ومنشآت التحالف الأكثر حساسية".
لكنه يبّين في الوقت ذاته، أن "التخلص التدريجي من آلاف رجال الميليشيات والأسلحة الثقيلة من المنطقة فقد يتّسم بمجابهة كبيرة، لكنه على الأقل يستحق المخاطرة، على عكس اعتقال عدد قليل من قادة الميليشيات، الذي سيكون له تأثير محدود، خاصة وأن الكاظمي يقوم فعليًا بإجراء العديد من التغييرات الإيجابية على الترتيبات الأمنية في المنطقة بمساعدة الولايات المتحدة".
حذر مراقبون من أن إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد سيكون ذلك انتصارًا دعائيًا ذو أبعاد أسطورية لطهران ووكلائها
ويختم نايتس بالقول، "لذا فقد حان الوقت لبذل جهود الانتقال من حيٍّ إلى آخر لإزالة المقاتلين والأسلحة، ويجب على واشنطن حشد الدعم الصريح لمثل هذه الخطوة، ليس فقط بين الجهات الفاعلة الدولية التي لديها سفارات في المنطقة، بل أيضًا بين الكتل السياسية الشيعية والعلمانية والكردية والسنية المعتدلة في العراق، وخلال انتظار تنفيذ هذه الإجراءات وغيرها، فإن السفارة قادرة تمامًا على حماية نفسها، كما فعلت خلال المواجهة في كانون الأول/ديسمبر الماضي".
وأعلنت غالبية الأطراف السياسية، حتى تلك الموالية لطهران والتي يملك بعضها فصائل مسلحة، رفض الهجمات ضد مقار البعثات والمصالح الأجنبية في العراق، وقد دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى تشكيل لجنة للتحقيق والكشف عن مرتكبي تلك الهجمات، وهو ما أيده الكاظمي، إلا أن الفصائل واصلت هجماتها وتوعدت بالمزيد من التصعيد.
اقرأ/ي أيضًا:
الكاظمي يترأس اجتماعًا أمنيًا استثنائيًا لمواجهة هجمات الفصائل المسلحة
"براءة كاملة".. الحشد الشعبي يعلن موقفه من هجمات الفصائل في العراق