05-يوليو-2023
البرلمان رئاسة مجلس النواب

خلاف بين الحكومة والبرلمان (فيسبوك)

في مطلع تموز/يوليو، قدمت الحكومة العراقية، طعنًا ضد رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، شمل 12 مادة أو جزءًا منها في قانون الموازنة المالية العامة للسنوات الثلاث.

يعود سبب الطعن بقانون الموازنة إلى إدراج مواد لم تكن موجودة في مشروع القانون الذي قدمته الحكومة

3 أبعاد للطعن 

المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، حدّد 3 أبعاد للطعون المقدمة بشأن قانون الموازنة المالية الاتحادي، لافتًا إلى أنّ هذه "الحزمة الأولى من الطعون".

ويقول العوادي لـ"ألترا عراق"، إن "المواد المطعون بها تفرض على الدولة التزامات مالية غير واردة في الموازنة، وهي: 

  • أولًا: هو سن فقرات تعتبر من نوع التداخل بعمل السلطة التنفيذية
  • ثانيًا: يتمثل بمنح صلاحيات تعاقد أو استثمار لمؤسسات ومحافظين خارج الاختصاص
  • ثالثًا: التضارب مع رؤية الحكومة بالتنفيذ والرقابة".

ولذلك، وبحسب العوادي "طلبت الحكومة أمرًا ولائيًا من المحكمة الاتحادية، بمعنى أن الحكومة طالبت المحكمة الاتحادية بإيقاف هذه الفقرات فورًا، وقبل البدء بتنفيذها".

والموازنة أقرّت وهي وفق العوادي "سارية المفعول ولن يتوقف تنفيذ بنودها على هذه الحزمة الأولى من الطعون"، كما أنّ "كل البنود ستطبق باستثناء المطعون بها، والحكومة طالبت بإلغاء هذه المواد وفقًا للأسباب التي شرحتها في مضبطة الطعن المقدم"، لافتًا إلى أنّ "ما يؤثر هو هذه الفقرات التي حددنا تأثيراتها الثلاثة أعلاه".

ليلة التصويت

وبحسب عضو اللجنة المالية، معين الكاظمي، فإنّ بعض المواد المطعون بها، أضيفت في ليلة التصويت على قانون الموازنة، ولم تقدمها اللجنة المالية ضمن المواد الأخرى. 

وأجرت اللجنة المالية، تعديلات على 9 مواد فقط من المطعون بها، أما المضافة، وهي 3، بحسب الكاظمي الذي قال إنّ "لجنته ليس لها علاقة بها، كما أن هناك أكثر من نصف المواد المطعون بها غير واجبة الطعن باعتبارها طبيعية، ومن شأنها تطوير الوضع المالي والاقتصادي للبلد".

والمواد التي من الممكن الطعن بها، كما يرى الكاظمي "هي المادة 70 التي أضافت تخصيصات للذرعات المنجزة للمحافظات خارج الموازنة ويجب إضافتها، وما يتعلّق بالقرار 315 الذي يشمل المتعاقدين والذي مدد فترته البرلمان من 2 تشرين الأول/أكتوبر 2019 ولغاية 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 وهو ليس من اختصاصه، بل قضية تنفيذية للحكومة".

قال المتحدث باسم الحكومة إنّ المواد المطعون بها تفرض على الدولة التزامات مالية غير واردة في الموازنة

ووفقًا للكاظمي، فإنّ "هناك استثناء لعدد 150 منتسبًا من مجلس النواب للتثبيت على الملاك الدائم والمحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى أيضًا يمكن للحكومة الطعن به، بينما المادة 2 المطعون بها وتخص تعاقد المحافظين مع المطورين هي مذكورة في موازنة 2021، كما تم تعديل المادة 16 إلى ضرورة تقديم المدير العام لطلب بنفسه بحال رغبته في إجازة الخمس سنوات لا بفرضها عليه، أما المادة 20 وتتعلق بإنجاز معاملات تعويض الأضرار المادية خلال 30 يومًا".

والمادة 28 و57 هي حول استقطاع نسبة 1 بالألف من الرواتب لصندوق شهداء الشرطة ومؤسسة الشهداء، وهي ـ بالنسبة للكاظمي ـ "قضية طبيعية تم اتباعها سابقًا لدعم الحشد الشعبي في الحرب ضد داعش لكن الحكومة اعترضت عليها الآن".

واعترضت الحكومة أيضًا على المادة 65، وهي وفق عضو اللجنة المالية، "أعطت لمجالس الجامعات مساحة في التعاقد والتعامل مع القطاع الخاص لتطوير الجانب التعليمي وبناء المستشفيات، فضلًا عن المادة 71 التي رفضتها الحكومة، وهي موجودة في برنامجها الحكومي من الأساس التي تتعلق بإنهاء إدارة دوائر الدولة بالوكالة لكن تراجعت الحكومة عنها".

أما المادة 72، تتعلق باستيفاء نسبة 2 % من أموال جباية دوائر التنفيذ لتوزع لموظفيها كحوافز وأيضًا طعنت بها الحكومة. 

لكنّ عضو اللجنة المالية، معين الكاظمي، يستغرب من "عدم اعتراض الحكومة على زيادة 150 ألف درجة وظيفية، أو إلغاء  البرلمان للرسوم التي تريد الحكومة فرضها على الشركات النفطية، والتي تؤدي لإيرادات بمبلغ 500 مليار دينار".

أسباب انتخابية

كما أن الحكومة ـ والكلام للكاظمي ـ طعنت بمواد هي أساسًا موجودة بمنهاجها الوزاري "وتعود لأسباب سياسية وانتخابية لا تريد الخوض بها، لأنها ستصبح محاصصة قبل الدخول في الانتخابات المحلية، ولذلك هي طعنت بمادة تثبيت مدراء الدوائر والمؤسسات أصالة كي لا تستثمر سياسيًا".

وفي الأثناء، اعتبر النائب عن تحالف الفتح، رفيق الصالحي، طعن الحكومة ببعض فقرات قانون الموازنة المالية "حق دستوري لوجود التزامات فرضها البرلمان إضافة لما اقترحته الحكومة بنسختها المرسلة". 

ويقول الصالحي لـ"ألترا عراق"، إنّ "البرلمان قام بإضافة بعض المواد في الموازنة، وهي بجنبات مالية خارجة عن ضوابط الموازنة للسنوات الثلاث، ما يعطي الحق لرئيس الحكومة الطعن بالمواد التي لم يرسلها وفرضها البرلمان بالنسخة المقرة".

ويفترض بالحكومة ـ والكلام للصالحي ـ التجاوز او القبول بالمواد المضافة، لأنّ "البرلمان هو الأقرب للشارع واحتياجاته، وعلى أساس ذلك، أضيف ما تم إضافته ولو بتخصيصات مالية والتزامات مهمة يجب المضي بها".

وبالنسبة للصالحي، فإنّ في أضعف الأمور، هناك "عدة مواد يمكن الطعن بها من قبل الحكومة، لكن بنفس الوقت يوجد ما يجب تطبيقه لتلبية طلبات الشارع من تعيينات ومشاريع وتخصيصات أخرى". 

هل يمكن حصول التفاهم؟

وتحدث النائب عن حزب "تقدم"، وعضو لجنة النزاهة النيابية، فهد الراشد، عن إمكانية حصول تفاهمات بين الحكومة ومجلس النواب  لإنتاج "حلول مناسبة بشأن الموازنة المالية وتطبيقها".

ويقول الراشد لـ"ألترا عراق"، إنّ "رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ومجلس النواب لديهم هدف واحد هو إنجاح الحكومة وتنفيذ برنامجها على أتم وجه، ولا يستطيع السوداني تنفيذ برنامجه بغياب التعاون والانسجام بينه وبين مجلس النواب".

صدور الأمر الولائي سيوقف العمل بتطبيق المواد لحين البت فيها من قبل المحكمة

والتوصل إلى حلول، سيكون كما يرى الراشد "بسبب وجود اتفاق سياسي وتعهدات تضمن حقوق كل المكونات، وأيضًا لكون جميع القوانين وقانون الموازنة بشكل خاص تم إعداده لخدمة المواطن بالدرجة الأولى".

قانونيًا

 الخبير القانوني، علي التميمي، يفصل آليات الطعن من قبل الحكومة الاتحادية، قائلًا لـ"ألترا عراق"، إنّ "الحكومة طلبت من المحكمة الاتحادية عبر ممثلها القانوني أصدار أمر ولائي لإيقاف العمل في 12 مادة من قانون الموازنة لسنوات 2023 و2024 و2025"، مبينًا أنّ "صدور الأمر الولائي سيوقف العمل بتطبيق المواد لحين البت فيها من قبل المحكمة لتكون معلقة لغاية تأييدها أو رد الدعوى".د

وينصب الطعن ـ بحسب التميمي ـ على الجانب المالي المخالف لمبدأ الفصل بين السلطات والسياسة العامة للدولة، والمادة 62 من الدستور المتعلقة بالمناقلة، وسيكون القول الفصل بهذه كلها للمحكمة الاتحادية"، مبينًا أنّ "الطعن جاء وفقًا للمواد 22 و19 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية رقم 1 لسنة 2022".

وبيّن أنّ "المواد غير المطعون بها لن يتوقف تنفيذها، أما المواد المقدم بها الطعن فتعلّق لحين القرار النهائي بشأنها". 

لكن الخبير القانوني، محمد السامرائي، يعتقد أن مجلس النواب خالف بعض مواد الدستور وتجاوز على صلاحيات الحكومة بما يخص موازنة الأعوام الثلاثة.

رأى خبراء قانونيون أن البرلمان تجاوز حدوده الدستورية عندما ضمن في قانون الموازنة التزامات مالية لم ترسلها الحكومة 

ويقول السامرائي لـ"ألترا عراق"، إنّ "قانون الموازنة العامة باعتباره قانونًا مشرعًا من قبل مجلس النواب، يكون خاضعًا للطعن من قبل الجهة المتضررة والمعنية بتنفيذه سواء الحكومة أو أية جهة أخرى"، مضيفًا أنّ "الحكومة هي من أعدت مشروع قانون الموازنة بناء على برنامجها الحكومي وحسب رؤيتها في الانفاق وتنفيذ التزاماتها المالية، وبالتالي لها الحق في تقديم الطعن في القانون أو مواد معينة فيه، عندما تجد مخالفات لأحكام الدستور قد شابت هذا القانون".

ومجلس النواب تجاوز حدوده الدستورية بحسب  السامرائي "عندما عمل على تضمين قانون الموازنة التزامات مالية إضافية لم ترسلها الحكومة أساسًا وتؤثر سلبًا على عملها، وبذلك قد خالف أحكام المادة 49 والمادة 62 من الدستور، فضلًا عن مخالفة قرارات سابقة صادرة من المحكمة الاتحادية".

وبالنسبة للسامرائي، فإنّ "البرلمان قد تدخل  في تقييد عمل الحكومة بإطار منحه صلاحيات حصرية للمحافظين بإبرام العقود، في حين أنها تتعارض مع السياسة العامة للدوله التي هي صلاحية الحكومة فقط"، مشيرًا إلى "وقوع البرلمان في تناقض بقانون الموازنة عندما استثنى نفسه من المنع الوارد بنفس القانون فيما يتعلّق بالتعيينات".

وفي حال قبلت المحكمة الطعون المقدمة ـ والكلام للخبير القانوني ـ فإنّ "مجلس النواب سيكون ملزمًا بإجراء التعديلات اللازمة على القانون من خلال التصويت على المواد التي يجري تعديلها مجددًا، وهذا يعني أن "المواد المطعون بها التي يتم نقضها من المحكمة الاتحادية سيتم إيقاف تنفيذها فقط لحين إجراء التعديل عليها، أما بقية المواد الأخرى تبقى نافذة وصحيحة".