ألترا عراق ـ فريق التحرير
معركة إعلامية يُمكن وصفها بذلك، ما شهدته وسائل الإعلام ومواقع التواصل بين رئيس حزب "تقدم" ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وبين رئيس تحالف عزم خميس الخنجر.
مسألة جرف الصخر كانت النقطة الأبرز التي فجّرت الخلافات إلى العلن وبات الحديثُ بهذه الشدّة والعلنية بين محمد الحلبوسي وخميس الخنجر
تبرز الخلافات لكل متابع من خلال التصريحات المبطنة التي تحمل الكثير من الإشارات بين الطرفين وقد تصاعدت حدتها رويدًا رويدًا مع اقتراب الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في 10 تشرين الأول/أكتوبر الأول.
اقرأ/ي أيضًا: سؤال برلماني للمفوضية: هل هناك مراكز انتخابية في جرف الصخر؟
ولعل مسألة جرف الصخر كانت النقطة الأبرز التي فجّرت الخلافات إلى العلن وبات الحديثُ بهذه الشدّة والعلنية بين الطرفين.
وكانت ناحية جرف الصخر (شمالي بابل) التي تبعد نحو 60 كيلو مترًا عن بغداد سقطت بيد تنظيم الدولة "داعش" عام 2014 قبل أن تستعيدها القوات العراقية وأبرزها الحشد الشعبي الذي غيّر أسمها إلى "جرف النصر"، ومنذ التحرير لم يستطع أهالي المنطقة وأغلبهم من قبيلة الجنابيين الذين نزحوا خارجها من العودة إلى ديارهم رغم الدعوات المستمرة من القوى السُنية لإعادتهم، والتي طالما تُواجه بالرفض لـ"دواعٍ أمنية".
ليلة المعركة
قبل أسبوع، قال رئيس مجلس النواب و"تقدم" محمد الحلبوسي في مقابلة تلفزيونية تابعها "ألترا عراق" إن "قضية جرف الصخر إنسانية أخلاقية" معربًا عن أسفه لتحولها إلى "ملف انتخابي".
تحدث الحلبوسي عن عقبات اصطدم بها في مسألة الجرف وإعادة النازحين وهي بتقسيم ما أسماه "الجهات المعنية" الأهالي إلى ثلاث فئات: فئة أكبر ترفض تلك الجهات عودتها، وفئة أخرى تعود الآن، وفئة ثالثة يسمح لها بالعودة بعد حين.
وذكر الحلبوسي أنه استشار أهالي المنطقة ورفضوا هذه التقسيمات وأصروا على عودتهم جميعًا إلى مناطقهم "دون التنازل عن شبر من أرضهم مقابل العودة"، وأكد أن قرار عودتهم هو "بيد القوى الشيعية".
في سياق الحديث لمّح الحلبوسي إلى المشكلة التي برزت مؤخرًا بالقول، إن "البعض يعطي ملك مناطق عراقية لجهات خارجية"، وأضاف: "التنازل عن أراضِ في جرف الصخر سيفتح علينا بابًا لن يُغلق".
في ليلة 23 إلى 24 تموز/يوليو كانت الأزمة قد خرجت إلى السطح، حيث أصدر رئيس تحالف "عزم" خميس الخنجر، بيانًا يتحدث عن "خطوة منضبطة وبتخطيط محكم" لعودة نازحي جرف الصخر إلى منازلهم.
كشف الخنجر عن دخول "فريق من الأعيان والوجهاء إلى جرف الصخر تمهيدًا لانطلاق قوافل أهلها وعودتهم إلى منازلهم". وتحدث الخنجر عن "أبواق وصغار حاولوا عبثًا عرقلة هذه الخطوة التاريخية لحسابات انتخابية مريضة وطمعًا بكرسي سيزول قريبًا عنهم".
تفجّر الأزمة
مع الحراك الذي جرى في ناحية جرف الصخر تداولت مجموعات سياسية وإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة شديدة اللهجة نُسبت إلى محمد الحلبوسي مرسلة إلى خميس الخنجر قالت فيها نصًا: "لن نسمح لك بالتنازل عن الأراضي، وحاولت مرارًا وتكرارًا أن أُغلّب المصلحة الوطنية وقضية أهلنا السنة عن الخلافات وصغائر الأمور التي لا تجدي نفعًا. حاولت أن أصدقك أكثر من مرة وأغض النظر عن نباح كلابك ومغامراتك بأهلنا عسى ولعل أن ينصلح حالك وقررت ولست مترددًا أن أتصدى لك ومؤامراتك الرخيصة ولن أسمح لك ببيع ما لا تملك".
وتابع الحلبوسي: "تأكد بأنك لو ملكت مال قارون ستبقى تابعًا ذليلًا صغيرًا وسأعيدك بإذن الله الى حجمك الذي تستحقه".
بالمقابل، رد خميس الخنجر برسالة نُسبت إليه تناقلتها وسائل إعلام أبرزها تلك التابعة لقوى تحالف الفتح والفصائل المسلحة، قال فيها نصًا: "أنا من دعمك لتسنم منصبك الزائل وسوف أعيدك الى حجمك الصغير الذي يليق بك كمترجم ودليل للأجنبي على بلدك وأهلك. لست بحجمك ووزنك حتى استخدم نفس الألفاظ التي لا أدري كيف وأين تعلمتها. ضيعت حقوق المكون خوفًا على منصبك الذي أورثك ذلًا".
صفقة انتخابية؟
في أعقاب الانتخابات التي جرت عام 2018 وأُختير محمد الحلبوسي رئيسًا لمجلس النواب كان الأخير ضمن تحالف البناء الذي تزعمه تحالف الفتح بقيادة هادي العامري، مقابل تحالف الإصلاح بزعامة سائرون والنصر والحكمة. وقد حُسب الحلبوسي على محور البناء. وفي تصريح لرئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في نيسان/أبريل الماضي قال إن "لو لا تحالف البناء والدعم الإيراني لهذا الخيار وفق رؤية معينة لما كان الحلبوسي رئيسًا لمجلس النواب".
فيما بعد، تقول مصادر مطّلعة إن الفصائل المسلحة الموجودة في منطقة جرف الصخر تعمل على إعادة جزء من النازحين إلى المنطقة وتحديدًا في مركز الناحية لأسباب عدّة من بينها دعم الخنجر ضد الحلبوسي في الانتخابات المقبلة.
وذكرت مصادر لـ"ألترا عراق" طلبت عدم الكشف عن أسمها لحساسية الموضوع أن جزءًا من النازحين سيعودون إلى بعض المناطق في مركز المدينة مع بقاء الفصائل عند أطراف الناحية.
تقول مصادر إن الفصائل في جرف الصخر تعمل على إعادة جزء من النازحين إلى المنطقة لأسباب عدّة من بينها دعم الخنجر ضد الحلبوسي في الانتخابات المقبلة
وكان الخنجر وقيادات من المشروع العربي استقبلوا وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في 26 نيسان 2021 خلال زيارة الأخير إلى العراق. وبحسب بيان رسمي للخنجر ذكر أن الأخير "أكد على ضرورة حل الأزمة الكبيرة التي يواجهها عشرات الآلاف من أهالي جرف الصخر ومحافظة صلاح الدين وديالى وحسم عودة أهلها لها ولغيرها من المناطق التي يمنع أهلها من دخولها دون وجه حق".
اقرأ/ي أيضًا:
غيّبتهم "الميليشيات" وينكرهم القانون.. "ألترا عراق" يفتح ملف المختفين قسرًا