29-سبتمبر-2019

تحدثت تقارير صحفية عن تشكيل جبهة جديدة من الفصائل المسلحة الموالية لإيران (Getty)

الترا عراق – فريق التحرير

يوما بعد آخر تزداد حرارة الأجواء في الشرق الأوسط، المنطقة الأكثر سخونة في العالم على الرغم من اقتراب فصل الشتاء. سخونة مصحوبة بالتوتر والترقب، ترتفع درجاتها كلما تعقدت الأزمة الإيرانية الأمريكية تصريحًا وتهديدًا وعقوبات أكثر، مقسمة دول المنطقة لمحورين أساسيين، يقول العراق رسميًا إنه ينأى بنفسه عنهما.

ما يزال العراق في قلب عاصفة الأزمة التي تضرب المنطقة في ظل ارتفاع مستويات التوتر على الرغم من محاولات تجنبها رسميًا

منذ ليلة إسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة استطلاع أمريكية قرب حدود الجمهورية الإسلامية فوق مضيق هرمز، طراز "غلوبال هوك تريتون"، اشتدت حدة التوترات بين القوتين المهيمنتين في الشرق الأوسط، أعقبها استهدافات متلاحقة لأصدقاء إيران في كل من لبنان وسوريا والعراق. جميعهم اتهموا حليف واشنطن الاستراتيجي إسرائيل بتنفيذ الهجمات، خاصة التي طالت مقرات وشخصيات في الحشد الشعبي على الأراضي العراقية.

اقرأ/ي أيضًا: شبهات "أرامكو" تلاحق العراق رغم النفي الأمريكي.. والمسيرات "تصول" مجددًا!

وعلى الرغم من اتهام نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، القوات الأمريكية بإدخال طائرات إسرائيلية لأستهداف مقرات الحشد العسكرية داخل البلاد، لم يبادر الأخير بالرد رسميًا بشكل واضح على تلك الاستهدافات، ليوجه القائد العام لقوات المسلحة، عادل عبدالمهدي، أمرًا بتشكيل لجنة للتحقيق بالهجمات واتخاذ الموقف، لكن لم تعلن نتائجه حتى اليوم.

مناوشات "باردة".. و"حشد جديد"!

كانت المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، قد ضجت منتصف ليل الإثنين 24 أيلول/سبتمبر، بأصوات ‏صافرات الإنذار التي انطلقت بعد سقوط صاروخين نوع كاتيوشا، قرب السفارة ‏الأمريكية في بغداد، تلاها بدقائق، سقوط صاروخ ثالث في نهر دجلة المحيط بالمنطقة التي افتتحت ‏أمام حركة السير مؤخرًا، دون تنبي الهجوم من أي جهة.

يرجح مراقبون، أن الاستهداف يأتي في سياق الرد الحشدي - الإيراني على الضربات المنفذة بالطائرات المسيرة والعقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران، على خلفية استهداف المنشآت النفطية السعودية "أرامكو" مؤخرًا، فيما يشبه المناوشات، التي يسعى من خلالها كل طرف إلى إبقاء خط رجعة وعدم التورط بالحرب.

في ظل الأزمة الراهنة، تحدثت تقارير صحفية عن تشكيل مجلس تنسيقي محدود يضم مجموعة من فصائل الحشد، الأكثر قربًا من طهران، في مؤشر على إمكانية أن تؤدي تلك الفصائل دورًا منفصلًا عن منظومة الحشد نفسها، خارج القرار الرسمي للدولة العراقية ككل، لا سيما مع تزايد المخاوف من اندلاع صدام مسلح بين الولايات المتحدة وإيران.

يضم المجلس الجديد، وفق تلك التقارير، ممثلين وقيادات في عدة فصائل مسلحة، مثل كتائب حزب الله، كتائب سيد الشهداء، كتائب الإمام علي، عصائب أهل الحق، حركة النجباء، سرايا الخراساني، حركة الأبدال، كتائب جند الإمام، وتشكيلات أخرى، جميعها ترتبط بشكل وثيق مع الحرس الثوري الإيراني.

تحدثت تقارير صحفية عن تشكيل جبهة جديدة من الفصائل المسلحة الموالية لإيران يقودها أبو مهدي المهندس "استعدادًا" لمواجهة محتملة ضد أمريكا

لم يتم إعلان التشكيل الجديد بشكل رسمي، وفق معلومات التقارير، "على الرغم من عقده لقاءات عقدت بين أطرافه في بغداد خلال الفترة الماضية"، حيث ضم المجلس "سبعة أسماء بارزة هم أبو مهدي المهندس، قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق، أكرم الكعبي زعيم حركة النجباء،وأبو آلاء الولائي زعيم سيد الشهداء، أبو أكرم الماجدي زعيم حركة الأبدال، علي الياسري عن سرايا الخراساني، وغيرهم".

تأتي تلك المعلومات بعد أيام قليلة من إعلان المصادقة على هيكلية جديدة للحشد الشعبي، تم بموجبها إلغاء منصب المهندس، وسط تضارب في تفسيرات تلك الهيكلية وإشاراتها، حيث قالت مصادر إنها تعني "عقوبة" للمهندس و"سحبًا للبساط" من تحت أرجل سليماني، لكن أخرى قالت إن الأخير كان فاعلًا في مفاوضات الهيكلية الجديدة و"جنب" المهندس العقوبة بانتظار منصب كبير سيناله.

حملت المعلومات الجديدة، تحذيرات من "إمكانية انفلات القرار العسكري في بغداد في حال اندلاع صدام بين الولايات المتحدة وإيران، في وقت تسعى فيه الحكومة العراقية إلى تجنيب البلاد حالة الاصطفاف مع أي من المعسكرين الحاليين في المنطقة، بعد تصريحات السفير الإيراني لدى بغداد والتي لم يتورع فيها من التهديد الصريح بضرب المصالح الأمريكية في العراق".

"ولاء إيران يطغى.. لاشيء مستبعد!"

لا يستبعد المختص في الشؤون العسكرية والأمنية، مؤيد الجحيشي صحة تلك المعلومات، مبينًا أن "الفصائل الولاية في الحشد الشعبي موجودة قبل تأسيس الحشد الشعبي وقد اتسعت بعد الفتوى، حيث أعلن الكثير من أطرافها عن أنفسهم كقوات مقاومة وانضموا للحشد من أجل القتال تحت غطاء الحكومة، لكن ولائهم لإيران بحسب تصريح قادتهم".

يقول الجحيشي في حديث لـ "الترا عراق"، إن "قادة فصائل (حزب الله النجباء العصائب الخراساني وغيرهم) معروفون بولائهم السياسي والديني لإيران، وهم الآن يتبعون الدولة من جهة ويتحركون لتحقيق مصالح إيران من جهة أخرى، ولا أحد يستطيع منعهم لأنهم داخل الحشد الشعبي".

اقرأ/ي أيضًا: هل سحب عبد المهدي الحشد من يد قاسم سليماني.. ما دور الصدر ومصير المهندس؟

كما يرجح، أن "تلتقي الكثر من الفصائل المرتبطة بإيران وولاية الفقيه، في هذا المجلس، دون استبعد تشكيل مثل هكذا جهة استعدادًا لأي تصعيد قد يكون عسكريًا، من قبل الولايات المتحدة ضد إيران، لتكون أطراف هذه الجبهة في مقدمة الرد الإيراني داخل العراق، مع الانفصال حينها عن الحشد الشعبي والانخراط الكامل في المحور الإيراني، بعيدًا عن الحكومة التي تفشل بالسيطرة عليهم وتوحيد تحركاتهم وردود أفعالهم مع موقفها الرسمي".

الحشد الشعبي يرد..

لكن قياديًا بارزًا في الحشد الشعبي، نفى أنباء تشكيل "مجلس عسكر"ي من مجموعة قيادات لفصائل منضوية داخله، فيما أكد رفضه استخدم الأراضي العراقية كمنطلق لأي هجمات أو ساحة لتصفية الحسابات.

لا يستبعد مختصون انخراط "الفصائل الولائية" في جبهة لتحقيق أهداف إيرانية فيما تنفي أطراف ضمن الحشد الشعبي تلك المعلومات 

وقال القيادي في الحشد الشعبي، عادل الكرعاوي، في حديث لـ "الترا عراق"، إن "الأنباء التي تحدثت عن تشكيل قوة جديدة لا ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، كلام غير صحيح جملة وتفصيلًا، ويهدف إلى خلط الأوراق وإرباك الحكومة وإفساد العملية السياسية، وتشويه صورة الحشد الشعبي".

وعن اتهام فصائل مرتبطة بالحشد الشعبي، بضرب السفارة الأمريكية مؤخراً بصواريخ الكاتيوشا، نفى الكرعاوي تلك الاتهمات أيضًا، فيما جدد تأكيده على أن "قوات الحشد الشعبي ملتزمة بقرارات القائد العام للقوات المسلحة، عادل عبدالمهدي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

أسلحة الحشد الشعبي "تحت يد" وزارة الدفاع.. كيف نمسك الطائرات المسيرة؟

ليلة البيانات "النارية".. "انشقاق" داخل الحشد الشعبي عشية التهديد بـ "الحرب"!