31-مارس-2019

لا تزال الدوائر والمؤسسات الرسمية عالقة في القرن التاسع عشر (Getty)

كانت الحكومات ومؤسساتها الرسمية في السابق تعتمد بشكل كلي في عملها على المستندات والوثائق الورقية، وكان إنجاز المعاملات يتطلب مراحل عديدة على المواطن تحملها في كافة تعاملاته الرسمية، إلا أن التطور التقني والتكنولوجي والحاجة المتزايدة إلى السرعة في العمل وحاجة المواطن لخدمات عديدة بصورة دقيقة وسريعة، دفع الحكومات إلى إعادة النظر في أساليبها الإدارية التقليدية، منذ القرن الماضي.

دخلت التقنيات والتكنولوجيا إلى المؤسسات في العالم منذ القرن الماضي لتبسيط الإجراءات وإنجاز المعاملات بسرعة فائقة وتوفير الجهد والكلفة، لكن دوائر العراق لا زالت عالقة في القرن التاسع عشر

توجهت معظم الدول نحو الاعتماد على الوسائل التقنية الحديثة لإنجاز المعاملات بصورة سريعة وخفض تكاليف الإنتاج، فظهرت العديد من البرامج والتطبيقات التي ألغت الكثير من مظاهر البيروقراطية الإدارية المعقدة، فباتت المؤسسات الحكومية أشبه بالدائرة الواحدة المصغرة، تنتقل فيها البيانات والكتب الرسمية والخطابات بصورة إلكترونية وبشكل فوري، موفرة الجهد والوقت والمال.

ومع التطور أكثر، باتت التطبيقات أسهل واكثر مرونة وفاعلية وباتت توفر خيارات أوسع وأسهل للمواطنين، لكن في العراق الذي شهد انفتاحًا على التكنولوجيا بعد عام 2003، لازالت الأساليب الإدارية التقليدية المعقدة تسري في المؤسسات والدوائر الرسمية وكأنك في القرن التاسع عشر، حيث تكلف بعض المعاملات المواطن أشهرًا أو حتى سنوات، فضلًا عن التكلفة المالية وما يتيحه الاحتكاك المباشر بالموظفين من فرص للرشوة والفساد في الدوائر والمؤسسات.

وعلى الرغم من تعهد الحكومات المتعاقبة بتبسيط الإجراءات وتفعيل التكنولوجيا الحديثة في مؤسساتها وإطلاق مواقع وتطبيقات بكلف عالية، كالحكومة الإلكترونية على سبيل المثال، لكن ذلك لم يعدو إجراءً شكليًا، فلا يزال هناك موظفون يفتقرون إلى مهارات العمل على الحاسوب، فضلًا عن الأجهزة والتطبيقات الذكية، خاصة كبار السن منهم والذين قضوا أعمارهم الوظيفية بالعمل الورقي الروتيني.

بل إن مؤسسات الدولة لم تنجح حتى الآن باعتماد البريد الإلكتروني، ولا زال موظف البريد او المعتمد حلقة مهمة فيها، حيث يستغرق وصول المراسلات والكتب الرسمية بين دوائر الدولة في المحافظة الواحد، عشرة أيام أحيانًا، أما إن كانت تلك المخاطبات بين محافظة وأخرى فقد يستغرق وصولها أكثر من شهر، ما يضطر مواطنين إلى دفع رشاوى إلى المعتمدين لضمان وصول معاملاتهم سريعًا، كما تختلف القرارات والنظم الإدارية من دائرة ومؤسسة إلى أخرى، ما يسبب إرباكًا ضحيته المواطن دائمًا.

يتطلب إنجاز معاملة في العراق أو وصول كتب ومخاطبات رسمية أشهرًا وربما سنوات، وقد تلتهم النار وثائق ومعلومات حساسة في أي لحظة

إهمال الوسائل والتقنيات الحديثة، تسبب كذلك بضياع المستندات والأوراق نتيجة الإهمال أو حوداث مفتعلة، كالحرائق التي تنشب بين فترة وأخرى في الدوائر والوزارات، وتأتي غالبًا على وثائق وخاصة المهمة والحساسة منها، فضلًا عن اتاحة الفرص لعمليات الفساد، دون نية حقيقة للحكومات لتلافي تلك المشاكل عبر إعادة بلورة عملها بإدخال التقنية الحديثة وتطوير قدرات الموظفين للتعامل مع التقنيات ومواكبة دول العالم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

متسولون في بلاد النفط!

في العراق فقط.. مكافأة "الفاسد" إقالته!