09-مايو-2022

الترا عراق - فريق التحرير

كشف رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري، الإثنين، عن رفض بعض النواب المستقلين مبادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، على الرغم من عدم انتهاء المهلة.

وقال العذاري في بيان عقب اجتماع أطراف التحالف الثلاثي في أربيل، "بعد أن أثبتنا أننا غير متمسكين بالسلطة وأعطينا فرصة ذهبية للمستقلين لتشكيل الحكومة ورئاسة الوزراء، جاء الرد من بعضهم بالرفض".

أكّد العذاري المضي بمشروع "حكومة الأغلبية" في أول تعليق بعد اجتماع أربيل 

وأضاف، "لكننا ماضون بالإصلاح، وما صراعنا السياسي إلاّ صراعًا من أجل الإصلاح لا من أجل تقاسم مغانم السلطة".

وتابع بالقول، "من أهم بوادر الإصلاح هي مطالبتنا التي لا تزول بتشكيل حكومة أغلبية وطنية بعيدًا عن تقاسم السلطات والتوافقات التي أضرت بالبلاد والعباد".

وعقد أكثر من 45 نائبًا "مستقلاً"، فجر الإثنين، اجتماعًا هو الأول من نوعه لمناقشة المبادرتين التي طرحهما الإطار التنسيقي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والتي تتمحور حول منح المستقلين فرصة لتشكيل الحكومة المقبلة.

وقال مصدر سياسي مطلع لـ "الترا عراق"، إنّ "الاجتماع هو الأول والأكبر للنواب المستقلين منذ التئام مجلس النواب الجديد، حيث ضم أكثر من 45 نائبًا من المستقلين".

وأضاف المصدر مشترطًا عدم كشف هويته، أنّ "الاجتماع عقد في منزل النائب حيدر طارق الشمخي في العاصمة بغداد، للتباحث حول المبادرات الأخيرة والمستجدات السياسية في البلاد".

ولم يشر المصدر إلى نتائج واضحة للاجتماع، حيث يحاول النواب المستقلون تجاوز حالة الانقسام، واستثمار فرصة لعب دور حقيقي في المرحلة المقبلة.

بدورها، قالت حركة امتداد بزعامة علاء الركابي، إنّ تحالف "من أجل الشعب" الذي يضم الحركة ونواب "الجيل الجديد"، سيصدر، الإثنين، بيانًا مشتركًا حول "الوضع السياسي الراهن والمبادرات السياسية المطروحة".

وتترقب الأوساط السياسية، موقف النواب المستقلين بعد أن عرض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر منح الحكومة المقبلة لهم مقابل تشكيل كتلة من 40 مقعدًا، لضمان التغلب على الثلث المعطل الذي فرضه زعماء الإطار التنسيقي.

ويعد اجتماع فجر الإثنين، الحراك الحقيقي الأول للنواب المستقلين، على أمل الخروج بموقف موحد، قد يضع حدًا لأزمة الانسداد السياسي في البلاد.

وتعهد الصدر، في مبادرته، بمنح أصوات "التحالف الأكبر" للحكومة المستقلة وبالتوافق مع سنة وأكراد التحالف، والتنازل عن حصة التيار الصدري في الكابينة، في حال نجح المستقلون في التحالف ضمن كتلة من 40 نائبًا خلال 15 يومًا.

ولم يتبق من المهلة التي اشترطها الصدر سوى أقلّ من 10 أيام، في وقت يشير فيه نواب مستقلون إلى صعوبة تحقيق شرط الصدر في ظل الاستقطاب الذي يمارسه الإطار التنسيقي.

واستبق الإطار، دعوة الصدر، بطرح مبادرة أيضًا، اقترح فيها على المستقلين، تقديم مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة، على أن "ينال دعم جميع الكتل الشيعية".

وتقوم المبادرة على تحديد كتلة أكبر من القوى الشيعية، فيما يتولى المستقلون تقديم المرشح لرئاسة الحكومة ليدعم من أطراف الكتلة الأكثر عددًا.

كما أشارت المبادرة، إلى ضرورة ترشيح رئيس جمهورية باتفاق الأطراف الكردية، وفق شروط محددة، ليمرر الرئيسان دفعة واحدة.

ومنذ عقد البرلمان الجديد، برزت مشكلة تشتت النواب المستقلين، إذ لم يخض أكثرهم تجربة النيابة سابقًا، ومنهم مَن يخوض في السياسة للمرة الأولى، وقد جاء كثير منهم من خلفيات بعيدة عن السياسة، ووصلوا إلى مقاعدهم في أجواء مُرتبكة فرضتها حملات القمع والاغتيالات أثناء تظاهرات تشرين وصولاً إلى ما قبل الانتخابات.

وفي أول تجربة لإعلان تحالف مستقلين، وهو "تحالف من أجل الشعب" أخفق المستقلون في الالتئام ضمن تحالف واحد، واقتصر التحالف الوليد على حركتين هما "امتداد" والجيل الجديد"، بينما بقي معظم المستقلين متفرقين أو منضوين في تكتلات صغيرة لا يتجاوز عدد أعضاء بعضها أصابع اليد.

كما أن أجواء الثقة بينهم في مستويات متدنية وفق ما تكشفه أحاديثهم الخاصة للصحافة، فيما تهدد أجواء المنافسة والرغبة في التصدر، أي إمكانية لتفاهمات هادئة، تنتج مواقف واضحة إزاء التحديات والاختبارات، ومن بينها العرضان الصدري والإطاري.

ويُمكن القول إنّ كثيرًا من المستقلين، لم يكونوا متهيئين لأجواء المسؤوليات السياسية، خاصة وأنهم وُضِعوا أمام اختبارات صعبة، كالموقف من المشاركة في جلسات انتخاب الرئيس، حيث تشير مشاركة المستقل أو مقاطعته إلى انحيازه نحو أحد طرفي النزاع، الإطار والتيار الصدري.

وأثقلت بعض الحركات كاهلها بتصريحات مُتعجلة، وتعهدات مبكرة لجمهورها، كما في إعلان التوجه للمعارضة منذ الساعات الأولى لإعلان النتائج، وقبل أن يتضح مسار الأحداث.

وأظهرت قوى جديدة، كحركة امتداد، ارتباكًا في تسويق مواقفها، حيث شارك بعض أعضاء الحركة في انتخاب رئيس البرلمان، دون الإعلان عن ذلك، وهو ما تسبب لاحقًا بانشقاق قائمة طويلة من أعضاء الحركة، الذين اتهموا رئيسها بالانقلاب على تصريحاته السابقة.

ولم تُفلح القوى المستقلة، التي تبعثرت بين الإطار والتيار، بإبرام تفاهم واضح ومعلن وندّي مع أي من القوى الرئيسية المتصارعة، واكتفت باتخاذ خطوات مجانية، اكتشفت لاحقًا أنّها صبّت في صالح أحد الطرفين المتصارعين.

ومع عدم وضوح عبارة "المستقلين"، سيكون متوقعًا أن تنشغل الأوساط في جدل اصطلاحي، قد يستمر طويلاً، حول التفريق بين النواب والقوى "المستقلة" عن السلطة، والنواب "الذين ترشحوا بشكل فردي".

وكما في السباق بين الإطار والتيار لتحقيق نصاب الجلسات، لن يكون مُستبعدًا أن تخوض عدة أقطاب من داخل القوى المستقلة، سباقًا لكسب زملائهم وتشكيل كتلة الأربعين التي اشترطها الصدر، مهرًا لتنازله عن رئاسة الحكومة.

وعلى الأرجح، ستتحول فكرة التفاهم مع الجمهور، إلى واحدة من أهم التحديات التي ستواجه المستقلين، نظرًا لبيئتهم الانتخابية الاحتجاجية، والتي تنزع نحو أدوار المعارضة، ولا تتقبل فكرة إبرام صفقات مع الأحزاب الحاكمة.

ومنذ إعلان المبادرتين، تشكك أوساط كثيرة قريبة من المستقلين، بمدى جدية الفكرتين، وتعتبرهما فصلاً جديدًا من المناورات بين التيار الصدري والإطار، وتطالب تلك الأوساط بتنحية المستقلين عن التحوّل إلى ورقة مساومات بين كبار قوى السلطة والمال والسلاح، لكن دعوات أخرى تركز على اعتبار المبادرتين، فرصة لتمرين المستقلين على العمل الجماعي، بغض النظر عن الموقف النهائي من العرضين.