وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ الاختطاف الذي تعرّض له الناشط البيئي، جاسم الأسدي، هو "الحلقة الأحدث" ضمن سلسلة مضايقات واحتجاز تعسفي سواء من قبل الحكومة العراقية أو الجماعات المسلحة.
اعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أنّ النظام القضائي في العراق يتمّ توظيفه للانتقام من النشطاء البيئيين
وبحسب المنظمة في تقرير أخير لها، فإنّ السلطات، وبدل أن تلجأ فعليًا إلى حل المشاكل البيئية في البلاد، تهاجم وتؤذي من يكشف ما تتعرض له البيئة في العراق، حيث قال آدم كوغل، وهو نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة الإنسانية، إنّ "إقصاء الناشطين البيئيين سيؤدي إلى تدهور قدرة العراق على معالجة أزماته البيئية".
واختطف الأسدي، في مطلع شباط/فبراير، في الطريق السريع من الحلة إلى بغداد، فيما أطلق سراحه بعد نحو 15 يومًا، ليكشف عن تعرّضه لـ"أشد أنواع التعذيب بالكهرباء والعصي".
ولا يعرف شقيق الأسدي ـ بحسب المنظمة ـ الدافع وراء اختطافه، مستدركًا "لكن كان العديد من مؤيدي الحكومة غير راضين عن أنشطته البيئية".
وليس الأسدي وحده من تعرّض لهذا المصير، حيث كشفت "رايتس ووتش" عن ملاحقة ناشطين آخرين لمجرد أنهم تحدثوا بمشاكل البيئة في العراق، فيما تريد الجماعات المسلحة مع المسؤوليين العراقيين "إسكات هذا النشاط البيئي"، وفقًا لما نقلته المنظمة عن المؤسس المشارك لجمعية "حماة دجلة" سلمان خير الله.
ودعت المنظمة محاسبة المسؤولين عن الاختطاف الأسدي، فضلًا عن مطالبتها بالتوقف عن ما وصفته بـ"توظيف النظام القضائي للانتقام من النشطاء البيئيين"، مؤكدةً على "إسقاط جميع القضايا القانونية ضدهم".
واعتبرت المنظمة أنّ السلطات مسؤولة أيضًا عن "الانتقام من النشطاء البيئيين، معلّلة ذلك بسبب "جهودهم لجذب الانتباه إلى الانتهاكات الحقوقية المرتبطة ببيئة البلاد ومناخها".
وبالنسبة لآدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في "رايتس ووتش"، فإنّ إقدام السلطات على "تكميم أفواه النشطاء البيئيين الذين يحاولون التوعية بشأن التحديات الخطيرة للبلاد هو جزء من موقف أوسع ترى فيه أن منظمات المجتمع المدني تشكل تهديدًا وليست شريكة".
وتعرّض الناشط البيئي سلمان خير الله، على سبيل المثال، إلى الاحتجاز في العام 2019، وبعد إطلاق سراحه بتدخل مقرر الأمم المتحدة المعني بشؤون البيئة، غادر خيرالله العاصمة بغداد.
أما الناشط الآخر، رعد حبيب الأسدي، وهو رئيس منظمة "الجبايش"، نقلت عنه المنظمة بأنه نشر معلومات حول الجفاف في أهوار الناصرية خلال عامي 2019 و2020، كما اعتبر وقتها أنّ "استجابة وزارة الموارد المائية لهذا الوضع المتفاقم ضعيفة"، وبسبب هذا الأمر، انتقمت الوزارة منه عبر رفع دعوى ضده.
ومثل الأسدي أمام محكمة استئناف ذي قار بموجب بموجب المادة 434 من قانون العقوبات، التي تنص على أنّ "من رمي الغیر بما يخدش شرفه أو اعتباره أو يجرح شعوره بما يصل إلى عام واحد في السجن و/ أو غرامة".
قالت "رايتس ووتش" إنّ الأسدي حصل على البراءة في شباط/فبراير 2021، لكنّ الوزارة رفعت دعوى ثانية ضده بـ"المادة 229 التي تجرم إهانة أو تهديد موظف أو أي شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلس أو هيئة رسمية في أثناء تأدية واجباتهم"، وهي مادة تستدعي عقوبة السجن لعامين أو غرامة.
ورغم البراءة الثانية التي حصل عليها في كانون الأول/ديسمبر 2022، لكن حبيب يقول "إنني مجبر على حضور جلسات الاستئناف لتفادي السَّجن، مؤكدًا أنّ "مسؤولي الوزارة رفعوا القضية بهدف عقابه".
ويذهب الأسدي كل اثنين وخميس إلى المحكمة، وفقًا لـ"رايتس ووتش"، التي نقلت عنه، قوله "أحضر ثم يؤجل الاستئناف لأسبوع أو 10 أيام أو 14 يومًا، مستدركًا "وإذا لم أحضر، فيمكن للسلطات إصدار مذكرة اعتقال".
قالت "رايتس ووتش" إن السلطات تريد إسكات الناشطين البيئيين في العراق
ويقول الأسدي إن "مسؤولي الوزارة عرضوا إسقاط القضية ضده إذا تعهد بالتوقف عن انتقاد الوزارة، لكنه رفض"، مبينًا "عاملوني كمجرم فقط لأنني شاركت معلومات حول الجفاف في المستنقعات. لا يمكنني السفر أو فعل أي شيء لأن عليّ المثول أمام المحكمة كل اثنين وخميس".
وقال مسؤولو وزارة الموارد المائية للأسدي: "نريد أن نسكتك"، وفق "هيومن رايتس ووتش".