22-نوفمبر-2021

مطالبة بـ"مقاعد تعويضية" (فيسبوك)

تستمر الأحزاب والكيانات السياسية الخاسرة في العراق بمحاولات إيجاد حل لأزمة ما بعد نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، حيث تسعى بعض الأطراف إلى تحقيق مكاسب تضمن لها البقاء في مجلس النواب العراقي أو في الأروقة التنفيذية، رغم خسارتها الكبيرة وفقدانها العدد غير القليل من مقاعدها النيابية سوى من ما يسمى بـ"قوى الدولة" أو الأجنحة السياسية للميليشيات المقرّبة من إيران في العراق.
 

طالب أياد علاوي بتعويض الخاسرين في الانتخابات ومنحهم المقاعد في مجلس النواب بعد عقد مؤتمر مصغر

وبالوقت الذي ذكرت فيه المفوضية، أن نتائج الانتخابات المعلنة سابقًا تأثرت "بشكل قوي"، بعد مراجعة الطعون التي قدمتها القوى المعترضة على نتائج الانتخابات، وإشارة الأطراف السياسية الفائزة إلى أن القضاء والمفوضية يتعرضان للضغوط من قبل القوى الخاسرة، لا تزال المبادرات تطرح لـ"صنع ترضية" بعيدًا عن ما فرضته النتائج، وآخرها كان ما صرّح رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، من محافظة دهوك، بدعوته جميع القوى السياسية بوضع "صيغة تفاهم" لإعادة التوازن للعملية السياسية، فيما تضمنت المبادرة، تقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان القادم من حيث تمكين الفائزين في الحكومة، كما المعارضين والممتنعين في البرلمان، لإيجاد حالة من "التوازن السياسي"، بالإضافة إلى التصويت على (ورقة الاتفاق الوطني) كقرار برلماني في أولى جلساته الرسمية.

اقرأ/ي أيضًا: الطعون "تغيّر" نتائج الانتخابات والمفوضية تحدد موعد الحسم

وعلى غرار ذلك، لا تختلف مبادرة أخرى أعلنها رئيس ائتلاف الوطنية، ورئيس الوزراء الأسبق، أياد علاوي، الذي أثار بها جملة من ردود الأفعال الشعبية والسياسية، طالب فيها بتعويض الخاسرين في الانتخابات، و"منحهم مقاعد في مجلس النواب بعد عقد مؤتمر مصغر".

وقال علاوي، في مقابلة متلفزة، إن "الانتخابات تركت العراق على كف عفريت، وأن من بين الحلول التي يقترحها إجراء انتخابات أخرى بعد 9 أشهر، أو إضافة نواب آخرين لكتل خاسرة في بعض المناطق، والهدف من ذلك هو الابتعاد عن الحرب الأهلية".

والحلول التي قدمها الخاسرون في الانتخابات الأخيرة، كشفت عن وجود أزمة أعمق من التفكير الناجم عن صدمة الخسارة، بحسب الأكاديمي والمحلّل السياسي، مسلم عقيل، والذي يؤكد أن "الأزمة متمثلة بتصدع التفكير السياسي لديها، وطرحها لمبادرات الترضية كجزء من هذا الخواء الفكري الذي تعيشه".

ويقول عقيل لـ"ألترا عراق"، إن "هناك من يذهب إلى أبعد من معادلات الترضية، بطرح إلغاء الانتخابات برمتها، مضيفًا أن "كل من تبنى هذا الطرح يؤكد مرة أخرى أنه يسبح ضد خيارات الشعب عبر تأزيم المواقف والتطرف في الخطاب والتهديد باستخدام أساليب غير ديمقراطية لتحصيل المكاسب السياسية".

وأمس، أكّد زعيم تحالف الفتح هادي العامري، تقديم تحالفه أدلّة كافية لـ"إلغاء نتائج الانتخابات"، في لقاء مع حيدر العبادي وإياد علاوي.

أما عن أسباب خسارة الأحزاب التي تطرح مبادرات خارجة عن "سياق الفعل الديمقراطي"، يعتبر عقيل أنها تعود لسببين، "الأول جرّاء الصراعات الداخلية فيما بينها والتي جعلتها تدفع بمرشحين يتنافسون على نفس الجمهور، ما شتّت أصواتهم ليستفيد منها من كان أكثر تنظيمًا، فيما كان السبب الثاني يكمن بضعف الماكينات الإعلامية والخطاب الانتخابي الذي أهدر نسبة كبيرة من أصوات الناخبين".

الصدر، وهو الفائز الأعلى في الانتخابات بـ73 مقعدًا، أعلن في 21 تشرين الثاني/نوفمبر رفضه التدخل في عمل مفوضية الانتخابات، فيما أشار إلى أن "البعض يريد تغيير نتائج الانتخابات"، لكن المفوضية أعلنت مساء اليوم نفسه من حديث الصدر، وعلى لسان  عضو فريقها الإعلامي عماد جميل محسن، أنّ "الطعون كان لها تأثير قوي على النتائج، إذ أنّ المحطات التي ألغتها الهيئة القضائية غيرت عدد المقاعد، إلّا النتائج النهائية لا تحسم إلّا عند إعلانها".

وكل الطروحات والمبادرات المقدمة من قبل خاسرين، والتي تأتي "باسم الوحدة والمصلحة الوطنية والتوافق"، هي بحسب الكاتب والصحافي سامان نوح، للحصول على مواقع في الحكومة المقبلة سواء عبر إضافة مقاعد للخاسرين أو الركون للنظرية العجيبة المتمثلة بـ"الأصوات مقابل المقاعد"، مضيفًا أنها "تكشف بوضوح مدى تشبث تلك القوى بالمكاسب والامتيازات لضمان بقائها في دائرة صنع القرار وبما يضمن مصالحها".

ويعتقد نوح في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "الأحزاب الخاسرة تريد مكاسبها رغمًا عن المصلحة الوطنية وعملية التغيير الإيجابي في البلاد، إذ أن طروحاتها تمثل انتهاكًا للديمقراطية وللدستور وللقوانين وحتى لمدونة السلوك الانتخابي، مضيفًا أن "حقيقة تلك الأحزاب ظهرت بوضوح بأنها ليست قوى دولة ولا قوى قانون، بل هي قوى مصالح ومغانم بمطالبتها بأشياء خارج الاستحقاق الانتخابي وتغليفها بغلاف التوافق والمصلحة الوطنية، ما يعني أنها مستعدة لإلغاء العملية الديمقراطية ونتائج الصناديق وتخريب المسار المدني للوصول والبقاء في السلطة".

ويستهجن نوح دعوات إلغاء الانتخابات، قائلًا إنها "غريبة وفقًا لكل منطق سليم، لكونها جرت بحسب قانون هم أقرّوه ووفق مفوضية هم صوّتوا عليها وتم إدارة العملية فعليًا من قبل حكومة تعتبر حكومتهم، مبينًا أن "الأحزاب الخاسرة تتبادل الاتهامات فيما بينها خلال اجتماعاتها الخاصة حول الخسارة الكبيرة، وتراجع شعبيتها مقارنة بالانتخابات السابقة 2018، ما يؤشر قوة الانقسام الحاصل في صفوفها".

وبينما يفترض نوح، إمكانية الركون لعدد الأصوات وليس المقاعد، أشار إلى أن "القوى الشيعية التقليدية وحتى الكردية التقليدية خسرت الكثير من أصواتها في ظل مقاطعة جماهيرية كبيرة، فنسبة المشاركة لم تتعدى 30% وهذه توضح أن كل الأحزاب التقليدية في وضع انتخابي حرج، كما أن الناخبين ينتظرون ولادة أحزاب بديلة تشجعهم على الذهاب للانتخابات بكثافة والتصويت لها".

وفي ظل تسارع الأحداث والطروحات، تبنى رؤساء الجمهورية والوزراء والقضاء، بحسب بيان مشترك أعقب اجتماعًا ثلاثيًا في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وثيقة مبادئ لحل الأزمة الراهنة بتشكيل حكومة تحمي مصالح البلاد وتستجيب للتحديات والاستحقاقات الوطنية، كما دعا المجتمعون إلى "ضرورة حماية المسار الديمقراطي والالتزام بالسياقات القانونية والدستورية وحسم الشكاوى والطعون الانتخابية وفق القانون".

قانونيًا، لا يمكن إلغاء الانتخابات أو نتائجها، إلا بصدور قانون من مجلس النواب الجديد بعد إكمال الإجراءات، وهو "أمر غير متوقع حصوله من البرلمان الجديد"، وفقًا للخبير القانوني طارق حرب. 

ويقول حرب في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "أي خطوة لإلغاء الانتخابات ونتائجها تتطلب المضي بعقد جلسة للبرلمان بمرشحيه الحاصلين على عضويته الجديدة، لكون إجراء عملية وقانون جديدين يتطلب جهة تشريعية وليس أي جهة أخرى، مبينًا أن "ذلك يتمّ بعد المصادقة من المحكمة العليا على النتائج، ليقوم رئيس الجمهورية الحالي بإصدار مرسوم جمهوري يدعو الفائزين في الانتخابات لعقد الجلسة الأولى برئاسة الفائز الأكبر سنًا وانتخاب رئيسًا للمجلس ونائبيه".

ويتابع الخبير القانوني، أنه "بعد ذلك يمكن للمجلس تشريع قانون جديد للانتخابات يتضمن إلغاء الانتخابات السابقة ونتائجها مع حل البرلمان وتحديد مواعيد الانتخابات الجديدة، فضلًا عن تصديق قانون الحل وإجراء انتخابات جديدة من رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية ليصبح بهذا أمر الانتخابات التي جرت من الماضي كما تحاول الكتل السياسية طرح تهميشها حاليًا ولكن بطرق غير قانونية".

لا يمكن إلغاء الانتخابات أو نتائجها إلا بصدور قانون من مجلس النواب الجديد بعد إكمال الإجراءات، وهو "أمر غير متوقع"

ويشير حرب إلى أن "كل ذلك المتمثل بإلغاء الانتخابات ونتائجها، مرهون بإرادة البرلمان القادم وأعضاءه، متسائلًا "من سيوافق على التخلي عن عضويته وفوزه؟ هذا لا يعقل"، لافتًا إلى أن "أعضاء مجلس النواب الجديد من المؤكد عدم رغبتهم بحل نفسهم وإجراء انتخابات جديدة، بل يميلون إلى البقاء بالسلطة والحكم وعد تضييع فرصة فوزهم بهذه الانتخابات الشفافة والعادلة بكل المقاييس".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هادي العامري: قدمنا "أدلة كافية" لإلغاء نتائج الانتخابات

الصدر يشترط حلّ الميليشيات للسماح بمشاركة الخاسرين في الحكومة