23-أغسطس-2020

تحتاج الاستثمارات الأجنبية إلى بيئة آمنة للعمل (Getty)

أخيرًا، اختتم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي زيارته إلى واشنطن، لكن بقي موضوع الفصائل المسلحة في العراق غامضًا للآن، حيث كان النقاش قبل الزيارة، حول موقف الكاظمي في البيت الأبيض من مسألة الفصائل المسلحة وتحييدها وضبط السلاح في الداخل، وهو ما تنتظر الفصائل نفسها نتائجه من الزيارة، وفقًا لمراقبين، وبالوقت الذي تتساقط صواريخ الكاتيوشا على المصالح الأمريكية بشكل دوري ومستمر، يعود ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق للواجهة، وبإصرار من الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة في مجلس النواب العراقي.

حديث مقتضب.. عقود بمليارات

بمؤتمر مقتضب، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ضيفه مصطفى الكاظمي، عن مجريات الزيارة، ولم يتطرقا لملف الفصائل المسلحة، فيما تحدث ترامب عن ضرورة سحب قواته بسرعة خلال 3 سنوات، مضيفًا أن "شركات أمريكية تشارك في العديد من مشاريع التنقيب عن النفط بالعراق"، مشيدًا بـ"الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها حكومة الكاظمي".

بدوره قال الكاظمي خلال المؤتمر الصحفي، "اتفقنا مع الولايات المتحدة على التعاون المشترك"، مضيفًا "نرحب بالشركات والاستثمارات الأمريكية".

يعتبر الأكاديمي ياسين البكري أن الفائدة الأمريكية من العقود المبرمة مع العراق مرهونة بالعمل، فهي استثمارية، وتحتاج إلى توفير البيئة الآمنة

وكانت في وقت سابق قد وقعت الحكومة العراقية سلسلة اتفاقيات مع شركات أمريكية، أبرزها في قطاع النفط والغاز، وقالت الخارجية العراقية في بيان، إن "وفد الحكومة العراقية برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين، ووفد الإدارة الأمريكية برئاسة وزير الخارجية مايك بومبيو، عقدا اجتماعًا للجنة التنسيق العليا في واشنطن وفقًا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008 من أجل علاقة صداقة وتعاون بين الولايات المتحدة والعراق".

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي يعلن نتائج الحوار الاستراتيجي في واشنطن: علاقة مع إيران دون هبات

وعلى هامش الاجتماع، تم توقيع اتفاقيات للطاقة المستدامة مع شركات أمريكية، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم لإقامة شركة جديدة للطاقة في محافظة ذي قار (جنوب شرق)، وتتضمن أيضًا إدارة ملف الطاقة بالكامل في المحافظة القريبة من الحدود الإيرانية، ويبلغ إجمالي قيمة الاتفاقيات الموقعة بين العراق والشركات الأمريكية 8 مليارات دولار، وفقًا لبيان صدر عن وزارة الطاقة الأمريكية.

حديث الكواليس

ووسط التصعيد الإعلامي الذي تمارسه الفصائل المسلحة حول إخراج القوات الأجنبية، وعمليات الاستهداف للمصالح الأمريكية، يثار السؤال بعد سلسلة الاتفاقات الاقتصادية بين واشنطن وبغداد، حول إمكانية تطبيقها عمليًا على أرض الوقع بوضع أمني مُربك، خاصة مع إمكانية تحوّلها إلى أهداف إضافية للجماعات المسلحة، بالوقت الذي يرجح فيه مراقبون أن الحديث في الكواليس تطرق إلى ملف الفصائل المسلحة وتحييدها.

يعتبر الأكاديمي ياسين البكري أن الفائدة الأمريكية من العقود المبرمة مع العراق مرهونة بالعمل، فهي استثمارية، وتحتاج إلى توفير البيئة الآمنة، ويقول إن "هذه الاستثمارات موعودة من أطراف داخلية تضمن لها السلامة وحرية العمل، وهذا ما يجري في البصرة حاليًا مع شركات أمريكية تعمل بنظام الاستثمار منذ زمن طويل".

ويضيف البكري لـ"ألترا عراق"، أن "المؤتمر الصحفي لبث رسائل أمريكية تستهدف الجهود الانتخابية لترامب في الداخل، وحتى الكاظمي كان حديثه مقتضبًا"، مبينًا أن "الحصول على تصور كامل عن المشهد يعتمد على محتوى الاجتماعات المغلقة، ولاحظنا أنهم ابتعدوا عن المحور الأمني بشكل واضح خلال المؤتمر الصحفي، حتى أن ترامب تحدث عن ارتباط وجود قواته بإيران وليس محاربة داعش".

من جهته، يعتبر رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث، منقذ داغر، أن "الاتفاقات الأمريكية مهمة جدًا لمستقبل البلاد على مختلف المحاور، لكنها لم تطبق إذا لم يحسم ملف السلاح وتستعاد ولاية الحكومة العراقية على الدولة، مشيرًا إلى أن "الكاظمي ماض بالاستعادة من خلال عدة خطوات".

ويقول داغر لـ"ألترا عراق"، إن "الأمريكان ليس لهم علاقة بوضع سقف زمني أو الضغط على العراق بهذا الملف، لأنهم يقدرون الظروف والضغوط الموجودة في الواقع، مبينًا أن "الكاظمي لو أراد فعلًا النجاح بحكومته، عليه حسم ملف الجماعات المسلحة، للظفر بدعم دولي، من خلال استعادة الدولة وفرض هيبتها، وإن لم يحصل، فكل الاتفاقات حبر على ورق".

مجاهرة وهمية

وبعد أن اتضح موقف واشنطن بشكل واضح من وجود قواتها في البلاد، تحتاج القوى الرافضة للوجود الأجنبي في الإعلام إلى خطوات عملية للرفض، وسط آراء تفيد بأن مواقف العلن غير الكواليس.

يعتقد الباحث منقذ داغر إن الفصائل المسلحة التي تمتلك تمثيلًا سياسيًا تدرك ضرورة الوجود الأمريكي

يعتقد البكري، أن "أطرافًا عديدة تفهم ضرورات الوجود الأمريكي، من حيث محاربة داعش والتوازنات الدولية، مستدركًا "لكنها تجهر بالعداء للوجود الأمريكي لمحددات تتعلق بقاعدتها الشعبية وتماهيها مع خطابها العام، بالوقت الذي تعقد اتفاقات وتتساهل إجرائيًا مع بقاء تلك القوات، لكنها إعلاميًا تصعد".

اقرأ/ي أيضًا: رسائل صواريخ الكاتيوشا واستهداف الأمريكان.. هل ستزداد في الفترة المقبلة؟

يتفق داغر مع البكري، لكنه يضع "التبويب" للفصائل من حيث الموقف من الوجود الأمريكي، ويقول إن "الفصائل التي تمتلك تمثيلًا سياسيًا تدرك ضرورة الوجود الأمريكي، وتعمل على الحوار، مستدركًا "لكن الفصائل المسلحة التي ليس لها تمثيل سياسي، خطابهم المعلن هو الحقيقي، إذ ترتبط هذه الفصائل بالدوائر المتشددة إزاء التعامل مع أمريكا، خاصة مع وجود تيار في داخل إيران يعمل على التهدئة وتمرير المرحلة لحين إجراء الانتخابات الأمريكية".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اجتماع البيت الأبيض.. ترامب يتحدث عن الانسحاب والكاظمي يرحب بالشركات

ما هو أهم ما تمخضت عنه الزيارة العراقية لأمريكا حتى الآن؟