17-يونيو-2019

متظاهرون يطالبون بتوفير الكهرباء في صيف العراق الحار (فيسبوك)

غوبلز هو وزير الدعاية الألماني في زمن هتلر والذي اشتهر عبر التاريخ بمقولته المشهورة "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". وهي كلمات تدل على معنى من معاني تبرير الفشل ورسم صورة وردية تجمل الهزائم والانكسارات على أنها انتصارات وبطولات. ويبدو أن وزارة الكهرباء "الوطنية جدًا" أدام الله سالبها وموجبها قد أخذت قول غوبلز بالتطبيق قولًا وفعلًا، حيث ما أن يبدأ المناخ العراقي بالاعتدال حتى تبدأ تصريحات وتغريدات غوبلز "صاحبنا" بوعود تحسين تجهيز الكهرباء في موسم الصيف اللاهب. وهكذا يبدأ غوبلز "يسويلنا الشط مرك والزور خواشيك"، على حد تعبير المثل العراقي.

منذ عام 2003 لم تتحسن منظومة الطاقة الكهربائية "الوطنية"، ولا أدري لم أطلق عليها تسمية "الوطنية"، مع العلم بأنها من أكبر أفعال الخيانات العظمى التي أجرمت بحق المواطن العراقي

ومنذ عام ٢٠٠٣ ولغاية كتابة هذه السطور، لم تتحسن منظومة الطاقة الكهربائية "الوطنية"، ولا أدري لم أطلق عليها تسمية "الوطنية"، مع العلم بأنها من أكبر أفعال الخيانات العظمى التي أجرمت بحق المواطن العراقي.

منظومة الكهرباء عندنا أصبحت تحوي مافيات تتحكم بها ابتداءً من أصحاب المولدات الذين تحول بعضهم إلى وحوش كاسرة تتحكم في مصائر العباد وتنهش من قوتهم، وصولًا إلى بعض أصحاب القرار الذين لا يريدون أن ينعم المواطن العراقي بـ"الوطنية". وماذا سيبقى له من مطالبات إذا استحصل على هذه النعمة التي هي من أبسط حقوق البشر، وبماذا يفكر لاحقًا؟

اقرأ/ي أيضًا: القطاع العام في العراق.. اسأل الكهرباء

أزمة الكهرباء قضية غير قابلة للحل وكارثة أبدية يجري ترحيلها من حكومة إلى أخرى دون حلول، وعلى ما يبدو "فالركعة صغيرة والشك جبير"، فاطمئنوا أيها الموعودون خيرًا بتحسن الكهرباء، أن النفق طويل ولا يوجد ضوء في نهاية النفق. اطمئنوا أيها المساكين فالكهرباء ستبقى على ماهي عليه بانتظار فرج السماء أو قرار دولي يخرج من الأمم المتحدة يقضي بتحسن "الوطنية"، ودون أن يسلم ملف الطاقة إلى خبراء أو جهابذة تعهدوا بتصدير الفائض من الطاقة الكهربائية إلى خارج العراق في خدعة كانت أضحوكة أو نكتة مبكية جعلتهم مهزلة للغير.

أتعلم يا وزير "الوطنية" أن وزير الطاقة الياباني انحنى لمدة 20 دقيقة ندمًا وأسفًا اعتذارًا للشعب الياباني لانقطاع الكهرباء 20 دقيقة، فكم من الوقت والزمن يتطلب منك أنت ومن سبقك من وزراء الكهرباء الانحناء اعتذارًا للشعب؟

 أما بالنسبة للسيد رئيس الوزراء الذي اعتبر حرق المحاصيل الزراعية شيئًا عاديًا، والكهرباء تجهز بشكل طبيعي، واعتقد أنه حتى لو احترق العراق فهذا بالنسبة لهم شيء "كلّش عادي"، فأني أوجه له دعوة باسم أي مواطن فقير معدوم لاستضافته ووزيره "للوطنية" لقضاء ليلة واحدة في أي حي فقير معدوم من أحياء بغداد "والله لتجعلك هذه الليلة اللاهبة تكفر بكل الوطنية يا سيادة رئيس الوزراء". أو ادعوك بإصدار أمر ديواني ببرمجة التيار الكهربائي لجميع دوائر ومؤسسات المنطقة الخضراء ومن ضمنها مكاتبك ومكاتب وزرائك وحاشيتهم وقصورهم أسوة بباقي مناطق العراق كما فعلت بمكافئة العيد حين منعتها عن الجميع اعتقادًا منك بمبدأ المساواة.

كفى استخفافًا واستهتارًا بعقول الناس، كفى تلويحًا بأنكم تتحكمون بمجانين. الكهرباء سيظل وضعها على ما هو عليه الآن لسبب أن لا أحد يريد إنقاذها.

وزير الطاقة الياباني انحنى معتذرًا للشعب الياباني لانقطاع الكهرباء 20 دقيقة.. كم من الوقت والزمن يتطلب من وزير الكهرباء ومن سبقه الانحناء اعتذارًا للشعب العراقي؟

اصمتوا واسكتوا يا وزارة الكهرباء، لا أحد يريد تصريحاتكم، ولا أحد بات يتقبل فقاعاتكم الهوائية التي تتلاشى عند قدوم لهيب الصيف، اصمتوا فالصمت من ذهب. ألم تتعلموا أن السكوت خير من الكلام وأن الانجاز هو الذي يتكلم، اصمتوا ولا تجعلوا تصريحاتكم مثالًا للسخرية.

أما عندما يكذب غوبلز ويريد أن يستمر بالكذب، فدعوه يكذب فلم يعد يصدقه أحد، ولكنه يكذب ليصدق نفسه!

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بلد المليون مولّد.. أزمة كهرباء "بلا انقطاع" في العراق!

بعد اتفاق بـ 14.6 مليار يورو.. هل أزاحت سيمنز واشنطن عن كهرباء العراق؟