08-ديسمبر-2017

عراقيون يحرقون أعلام إسرائيل وأمريكا اليوم في بغداد (Getty)

يكفيني ما حدث ويحدث في فلسطين والعراق، من تدمير شامل للتراث البشري والقيم الإنسانية والحضارة والكرامة وانتهاك الحقوق بلا رادع أو ندم أو تردد، لأعرف بؤس هذا العالم الذي لا يعترف إلا بالقوي الذي يستطيع أن ينتهك ويقتل ويمحو بدم بارد. فلسطين لديها الحق، هل يعترفون به ؟ قطعًا لا. فأيّ عالم نذل وحقير ومجرم هذا الذي نعيش فيه؟ عالم ترسم حدوده أمريكا وإسرائيل، أكبر قوتين إرهابيتين عرفهما التاريخ.

من المؤسف حقًا أن الموقف من القضية الفلسطينية في عراق ما بعد 2003 صارت لدى البعض موقفًا وضيقًا

في قلوبنا حسرات لا تنتهي على تدمير فلسطين، توازي حسرات تدمير العراق. ففلسطين العظيمة بتراثها وتاريخها ونضالها ومبدعيها وشعبها تنتهك من قبل قوة مجرمة، جزاؤها الوحيد هو النبذ.

اقرأ/ي أيضًا: القدس...أرملة عروبتكم

من المؤسف حقًا أن الموقف من القضية الفلسطينية في عراق ما بعد 2003 صار لدى البعض موقفًا فرديًا وضيقًا، ينظر إلى انتحاريين فلسطينيين فجروا أنفسهم في بغداد (ولكن هذا ما فعله عرب آخرون وفق إحصائيات رسمية حكومية إبان حمى الإرهاب). اعتبر هذا البعض وفق هذا المنطق بأن الفلسطينيين إرهابيون! طيب إذا هيجي الوضع فأبو بكر البغدادي همينه عراقي، هل هذا معناه كل العراقيين إرهابيين؟ 

أو يطلع من يقول لك بأن هناك فلسطينيين خَذلوا بلدهم وتعاونوا مع الإسرائيليين فلماذا أقف أنا مع القضية؟ لكن هذا يحدث في كل بقعة بالعالم تتعرض لاحتلال، وقد فعله جزء من العراقيين إبان الاحتلال الأمريكي أيضًا.

كما تجد الموقف مبنيًا على حقد تجاه الجماعات التي تكن مشاعر الود والحب للرئيس العراقي السابق صدام حسين، أو ما شابه ذلك، مع أن هذه المواقف ترسبت بفعل مخلفات الدكتاتورية البعثية وحروب أمريكا وبريطانيا في العراق، لكون الموقف من القضية الفلسطينية كان واضحًا وموحدًا قبل سقوط النظام العراقي السابق، ويقوم على الرفض التام للوجود الصهيوني، لكن المخلفات تركت لنا فئات كبيرة من المجتمع مشوهة وحاقدة وعمياء تفترس كل ما يظهر أمامها.

القبيح في أن هذه المواقف الفردية الضيقة تجعلهم يعممون بسذاجة ويقفون بكل بساطة مع ما يفعله الإرهاب الأمريكي الصهيوني ضد قضية حق شعب وأرض. وبالتالي فوفق منطقهم سنكون عديمي الإنسانية! يعني من حقك مثلًا انتقاد وجود انتحاريين فلسطينيين، لكن هذا لا يعني أن تصبح إرهابيًا إسرائيليًا يا عيني!

القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وليست قضية خاصة بالعرب والمسلمين، وإنما قضية إنسانية كبرى، الموقف منها يجب أن يكون إنسانيًا وأخلاقيًا ضد الظلم، وضد العنصريّة التي تمارس القتل والتهجير القسري للسكان، وتنتهك القيم والكرامة والأرض (القيم الإنسانية التي صدع الأوربيون رؤوسنا بها!!).

القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين، وليست قضية خاصة بالعرب والمسلمين، وإنما قضية إنسانية كبرى

إنه موقف ضد كيان مجرم انتهك حقوق الناس من أطفال وشيوخ ونساء بلا أي رادع دولي، أو إقليمي، وبلا أي تردّد أو مراعاة، فقط لأنها تحظى برعاية أمريكية بريطانية!

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة: حول القدس بإيجاز شديد

كما أن الموقف يجب أن يكون واجبًا على كل إنسان يشعر بأنه يقف ضد الظلم، وليس حكرًا على العرب والمسلمين، لأن القضية تتعلق بالوقوف ضد هذه الدول الإرهابية الرأسمالية التي قتلتْ شعوب ودمرت كيانها وحياتها على مدى التاريخ ومستمرة في ذلك إلى الآن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تغريدة عن القدس تطيح بعلا الفارس من "MBC"!

السفارة الأمريكية إلى القدس.. متابعة إعلامية وردود دولية غاضبة