ألترا عراق ـ فريق التحرير
أكثر من 6 أشهر مرّت على ما سمي بـ"الانتخابات المبكرة" التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021، لكن حلًا لم يجر بعد لعملية اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة، فيما شهدت الفترات الماضية إطلاق عدّة مبادرات سياسية للخروج من "الانسداد السياسي"، أطلقت من أطراف عديدة داخل النظام السياسي في العراق.
لم تنتج المبادرات السياسية التي أطلقت من مختلف الأطراف السياسية أي حل لما سمي بـ"الانسداد السياسي"
ومنذ إجراء الانتخابات التشريعية، دخل العراق في سلسلة أزمات سياسية وأمنية بدأت برفض القوى المقربة من إيران نتائج الانتخابات، بعد حلولها متأخرة بفارق كبير عن "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر (الذي تصدر النتائج بحصوله على 73 مقعدًا في البرلمان)، مرورًا بالطعن بإجراءات عدّ وفرز الأصوات الانتخابية، وليس انتهاءً باعتصامات قامت بها قوى الإطار التنسيقي في المنطقة الخضراء وشهدت مواجهات عنيفة.
وعرقلت قوى "الإطار التنسيقي" انعقاد ثلاث جلسات برلمانية مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، من خلال مقاطعتها الجلسات التي تتطلب حضور ثلثي الأعضاء لاستكمال النصاب القانوني المطلوب لانتخاب الرئيس.
وتسعى قوى "الإطار التنسيقي" إلى دفع الصدر لقبول مشاركتها في الحكومة المقبلة، بناءً على عرف الحكومات التوافقية أو ما يسمى بـ"المحاصصة"، فيما يتمسك الصدر من جانبه بتشكيل "حكومة أغلبية" مع حلفائه في تحالف "إنقاذ وطن".
وفي إحصائية أجراها "ألترا عراق"، وصل عدد المحاولات التي جرت لحل ما يسمى بـ"الانسداد السياسي" 10 مبادرات في ظرف 5 أشهر فقط، بدأت في كانون الثاني/يناير وصولًا إلى أيار/ مايو 2022.
- 1-مبادرة مسعود بارزاني:
في 31 كانون الثاني/ يناير، أطلق زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، مبادرة لحل الخلافات والانقسامات السياسية، جاء تفصيلها عبر بيان صدر عن مكتبه، واقترح فيها أن "يقوم نيجيرفان بارزاني (رئيس إقليم كردستان) ومحمد الحلبوسي (رئيس البرلمان) بزيارة زعين التيار الصدري، مقتدى الصدر، والتشاور حول كيفية مواصلة العملية السياسية وإزالة العقبات والمشاكل".
وفي نفس اليوم الذي أطلقت فيه المبادرة، وصل رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، إلى النجف واجتمعوا مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لكن المبادرة لم تنتج شيئًا على أرض الواقع.
- 2-مبادرة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي:
في 31 كانون الثاني/ يناير أيضًا، أعلن زعيم تحالف الوطنية، وأول رئيس وزراء عراقي بعد 2003، أياد علاوي، مبادرة لحل الانسداد السياسي في العراق، اقترح فيها أن "يختار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رئيس الوزراء العراقي الجديد، واقترح على الإطار التنسيقي الشيعي القبول به"، لكنّ المبادرة لم تلق أي قبول من الأطراف السياسية.
- 3-مبادرة الإطار التنسيقي الأولى:
في 9 شباط/فبراير، أعلن الإطار التنسيقي الذي يضم عدة أحزاب وتكتلات سياسية شيعية قريبة من إيران، مبادرة للخروج من حالة الانسداد السياسي في العراق، وذلك عن طريق تشكيل "الكتلة الشيعية الأكبر" في مجلس النواب واختيار رئيس جديد للوزراء، فيما لم تجد المبادرة أي استجابة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر (73 مقعدًا).
- 4-المبادرة الأولى لمقتدى الصدر:
في 21 آذار/مارس، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مبادرة لحل حالة الانسداد السياسي أيضًا، دعا من خلالها النواب الذين يسمون بـ"المستقلين" لحضور جلسة مجلس النواب الخاصة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ومشاركتهم في "حكومة الأغلبية الوطنية"، لكن المبادرة لم تنجح بحضور كل المستقلين، حيث
يتطلب نصاب انعقاد الجلسة حضور ثلثي عدد أعضاء البرلمان، وهو ما صعب تحقيقه في ظل الخلافات السياسية الحادة بين التحالف الثلاثي (التيار الصدري، تحالف السيادة، الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذي يريد "حكومة أغلبية"، بينما يصر خصمه "الإطار التنسيقي" على حكومة توافقية.- 5- المبادرة الثانية لمقتدى الصدر:
في 31 آذار/ مارس أيضًا، أعلن مقتدى الصدر عن مبادرة أخرى للخروج من حالة الانسداد السياسي منح من خلالها مهلة 40 يومًا للإطار التنسيقي وحلفائه لـ"تشكيل حكومة عراقية جديدة بدون مشاركة الكتلة الصدرية"، فيما وجه نواب الكتلة الصدرية بـ"التزام الصمت الإعلامي".
وجاءت هذه المبادرة بعد يوم واحد من فشل البرلمان العراقي، للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من أسبوع، في المضي بجلسة التصويت على رئيس الجمهورية، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقدها.
وانتهت مهلة الصدر للإطار التنسيقي بـ"الفشل" دون أي مخرج للانسداد السياسي أو عملية تأخير تشكيل الحكومة العراقية.
- 6-مبادرة عادل عبد المهدي:
في 4 نيسان/أبريل، أعلن رئيس الوزراء السابق الذي استقال على إثر تظاهرات تشرين في العام 2019، عادل عبد المهدي، مبادرة للخروج من الانسداد السياسي، قال فيها: "الحل الأول: الاتفاق بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي، أما الحل الثاني: اختيار رئيس الوزراء من خارج البرلمان ومن جانب النواب الشيعة، مع وجود كتل الأغلبية والأقلية ومنح سلطات واسعة للمعارضة في اللجان النيابية لتتولى مهمة مراقبة الأداء الحكومي، كما أنّ الحل الأخير: تشكيل أغلبية وطنية في مجلس النواب"، لكن المبادرة أيضًا ذهبت مع المبادرات التي انتهت بـ"الفشل" دون تحقيق أي شيء.
- 7-مبادرة عمار الحكيم:
في 8 نيسان/أبريل، طرح رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، مبادرة لحل الانسداد السياسي، بتشكيل "الكتلة الشيعية الأكبر" وقيام كل مكون بحسم مسألة المنصب الرئاسي (الذي يمثل حصته بالرئاسات الثلاث)، كما دعا إلى انضمام كل المشاركين في الحكومة إلى الأغلبية ويساندوا الحكومة، ويذهب غير المشاركين إلى المعارضة وتسند إليهم مناصب في اللجان النيابية.
لكنّ مبادرة الحكيم، لم تتلق أي استجابة أيضًا، وبقيت الأزمة مفتوحة إلى الآن.
- 8-مبادرة تحالف من أجل الشعب (حركة امتداد و الجيل الجديد):
في 24 نيسان/أبريل، أعلن تحالف من أجل الشعب بين (حركة امتداد والجيل الجديد)، وقال فيها: "إذا لم يعقد مجلس النواب جلسته حتى 7 أيار/مايو 2022 سيتبع تحالفنا "السبل القانونية والدستورية لحل مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية جديدة، لأن مجلس النواب الحالي عاجز عن حل المشاكل وليس ملتزمًا بالدستور وأداء واجباته"، لكن المبادرة لم تنجح أيضًا ولم تعقد جلسة في 7 أيار/مايو، فضلًا عن عدم تقدم تحالف "من أجل الشعب" على أي خطوة مما هدّد به.
- 9-مبادرة الإطار التنسيقي الثانية:
في 4 أيار/مايو، أعلن الإطار التنسيقي مبادرته الثانية، للخروج من الانسداد السياسي، اقترح فيها على الأحزاب الكردستانية حسم أمرها بخصوص المرشح لرئاسة الجمهورية، كما على الكتل الشيعية أن "تتحد لتشكل الكتلة الشيعية الأكبر في مجلس النواب، ثم يتفقوا فيما بينهم على المرشح لرئاسة الوزراء، أو أن يقدم النواب المستقلون مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء وتدعمه الكتل الشيعية كلها".
لكنّ المبادرة أيضًا فشلت ومضى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر بمادرة أخرى دون أن يلتفت للمبادرة.
- 10-المبادرة الثالثة لمقتدى الصدر:
في 4 أيار/ مايو، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مبادرته الثانية لحل الانسداد السياسي، بمنح النواب المستقلين فرصة لتشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة 15 يومًا من إعلان مبادرته، بالاتفاق بينهم بعيدًا عن الإطار التنسيقي، ويشكلوا كتلة مستقلة من أجل تشكيل حكومة مستقلة مع تحالف إنقاذ وطن، دون أن يكون للتيار الصدري وزراء في تلك الحكومة، لكن وحسب ما وصل إليه "ألترا عراق"، فإن المبادرة ليس في طريقها للنجاح، مع انقسام كبير داخل ما يسمى بـ"القوى المستقلة"، وأنهم لن يتجاوزا 30 مقعدًا بالأصل، فيما يعول الصدر على 40 مقعدًا.
وبعد عشر مبادرات تم إطلاقها، لم تسفر أي واحدة منها عن انفراجة بالمشهد السياسي حيث لا يزال الانقسام حاضرًا بصفوف الأحزاب السياسية جميعها، وعلى ما يبدو، فإنّ تشكيل الحكومة سيطول ويتعثر فترة أخرى، وينتظر المشهد السياسي مبادرات جديدة لا يعرف مصيرها حتى الآن.