الترا عراق - فريق التحرير
على مدى أعوام والبصريون ينتظرون مشروع معالة معضلة المياه المالحة في مياه شط العرب، والتي تسببت بتسمم أكثر من 100 ألف مواطن في 2018، فيما يراوح الملف بين أروقة مكاتب المسؤولين في بغداد والحكومة المحلية.
يقول مسؤول في الوزارة إنّ المشروع قد يتطلب "تفاهمات مع إيران"
محافظة البصرة، والتي تشكل المياه فيها أهمية بالغة للزراعة ومشاريع التغذية، بلغت نسبة الأملاح الذائبة في مياهها (7500 وحدة) خلال عام 2018، بحسب بيانات رسمية، أي أكثر بخمسة أضعاف النسبة المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية (1200 وحدة)، ما دعا وزارة الموارد المائية إلى طرح مشاريع من شأنها معالجة الملوحة في مياه شط العرب، ومن بينها زيادة الإطلاقات المائية لدفع الأملاح صوب البحر وإقامة سد على شط العرب.
ويقول علاء البدران، متخصص بشؤون الزراعة والمياه من محافظة البصرة، لـ "الترا عراق"، إن "مشروع إقامة سد على شط العرب خطط له منذ عام 2015 ضمن الخطة الاستراتيجية للمياه والأراضي التي أصدرتها وزارة الموارد المائية، وكان عبارة عن خطط وتصور للمياه والأراضي من عام 2015 إلى عام 2035، وقد سبقته دراسات كثيرة من أهمها دراسة شركة إيطالية أوصت فيها بضرورة إقامة سد على شط العرب في حالة عدم تحقق وجود تصاريف مائية إلى شط العرب في نقطة منطقة العشار لاتقل عن 50 (م3/ث)".
اقرأ/ي أيضًا: "كابوس جرثومي" يخيم على البصرة.. أسماك تختفي ونهر "ميت"
وأضاف البدران، أن "الشركة الإيطالية أوصت أيضًا بتصريف مياه إلى شط العرب من ناظم قلعة صالح دخولاً للبصرة بكميات لا تقل عن 75 (م3/ث)، حتى يحقق جريانًا ثابتًا يحافظ على الكتلة المائية العذبة الموجودة في شط العرب، حيث تحل المياه المالحة كلما انخفضت الكتلة العذبة كما حصل في عامي 2015 و2018".
وصوت مجلس محافظة البصرة في 17 آب/أغسطس 2012، على إنشاء سد على شط العرب في منطقة أبو فلوس ضمن قضاء أبي الخصيب لمعالجة مشكلة ملوحة المياه، والتي بسببها قرر المجلس بعد ثلاث سنوات اعتبار المحافظة منكوبة، إلا أن وزارة الموارد المائية أبدت اعتراضها على الموقع الذي حدده مجلس المحافظة، وطالبت بإنشاء السد في منطقة رأس البيشة في قضاء الفاو.
وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2015 قالت الحكومة المحلية، إن "إنشاء السد في موقع آخر غير منطقة أبو فلوس قد يتسبب بأضرار"، وطالبت الوزارة بعدم "فرض رأيها على الحكومة المحلية"، فيما لوحت بـ "بموقف آخر".
السجال بين الوزارة والحكومية المحلية حول مقترح الشركة الإيطالية استمر حتى عام 2021، فما بين الأزمة المالية والخلافات حول المشروع وزيادة الإطلاقات المائية لشط العرب، فقد المشروع أهميتة التي كانت تتصدر الاجتماعات الحكومية ووسائل الإعلام، في ظل مخاوف من تكرار سيناريو الأزمة التي تعرضت لها البصرة خلال الأعوام الماضية.
ويقول مدير دائرة الموارد المائية جمعة شياع، إن "المشروع أحيل إلى مكتب استشاري هندسي عالمي لغرض الدراسة".
ويضيف شياع في حديث لـ "الترا عراق"، أن "وزارة الموارد المائية هي المعنية بالمشروع حيث أحالته لأحد المكاتب الهندسية العالمية ومازال حتى الآن قيد الدراسة، ولا نعلم موعد الانتهاء من تلك الدراسة".
فيما تنفي وزارة الموارد المائية إحالة المشروع إلى مكتب استشاري هندسي عالمي، موضحة أن المشروع بصدد الإحالة لكنه "لم يحرك حتى الآن".
وتحدث مستشار الوزارة عون ذياب لـ "الترا عراق" عن آخر تفاصيل المشروع، قائلاً إن "المشروع بصدد الإحالة لأحد الشركات الرصينة لدراسة موقع إنشاء السد وضرورة إنشائه من عدمه"، موضحًا أن "المشروع قد ينفذ في منطقة رأس البيشة، مما يستدعي اتفاقات مع إيران".
ويضيف ذياب، أن "تأخير حسم الموضوع يأتي بسبب الحاجة إلى تخصيصات نقدية كبيرة"، لافتًا إلى أن "الوزارة إذا استمرت بإطلاق كميات كافية من المياه فإن المد الملحي لن يصعد مجددًا، وبالفعل منذ عام 2018 والمد الملحي لم يصعد مرة أخرى في مناطق أعلى شط العرب، وحالياً الوضع المائي مستقر".
اقرأ/ي أيضًا: أهل الميليشيات وضحاياها.. صورة من "محرقة" احتجاجات العراق
ويؤكد المسؤول في الوزارة، أهمية استمرار الإطلاقات المائية إلى البصرة حتى في حال تنفيذ مشروع السد لـ "لإنعاش مياه شط العرب ومنع تحوله إلى بركة رديئة وأسنة"، مبينًا أن الوزارة تسعى إلى "استمرار تدفق المياه بشكل كامل إلى البصرة وهي نقطة مهمة جدًا".
ويوضح، أن توقف حصة البصرة المائية والتي لا تقل عن 75 (م3/ث) يعني "فشل أي إنشاء هندسي في معالجة المشكلة".
وشكلت الحكومة المحلية في البصرة، لجنة مختصة برئاسة النائب الأول للمحافظ محمد طاهر التميمي وعضوية عدد من المختصين، لكن الأزمة المالية دفعت ملف السد عن قائمة الأولويات، بحسب المتخصص بشؤون الزراعة والمياه علاء البدران.
ويقول البدران، إن "المتطلبات الاستشارية والفنية لإنشاء السد متوفرة، لكن الوزارة تصر على تحديد الموقع من قبل شركة استشارية متخصصة جديدة".
وعن أهمية المشروع، يوضح البدران، أن "ملف المياه بات مقلقًا ومحرجًا خلال السنوات الأخيرة مع زيادة معدلات الاحتباس الحراري، وتدفق السيول، وهو تحدٍ لاستقرار البصرة وتهديد حقيقي لوجود السكان".
وتعد مشكلة ملوحة المياه ظاهرة طبيعية كانت تعتبر نادرة الحدوث، إلا أن البصرة أخذت تتعرض لها فصليًا منذ عام 2007، بتقدم اللسان الملحي (الجبهة الملحية) القادم من الخليج في مجرى شط العرب نتيجة قلة الإيرادات المائية الواردة عبر نهري دجلة والفرات.
اقرأ/ي أيضًا: