19-فبراير-2023
أطباء

تعد الوصفات الطبية "المشفرة" ظاهرة مرتبطة بالفساد في العراق (Getty)

على الرغم من إجراءات مشددة قالت الجهات المعنية إنّها ستحرص على تطبيقها، ما يزال العراقيون يعانون ظاهرة "الوصفات الطبية المشفرة"، حيث يجبر بعض الأطباء المرضى على شراء الدواء من صيدليات معينة بأسعار مرتفعة.

أصدرت نقابة الأطباء أمرًا بطباعة الوصفات الطبية للمرضى منذ كانون الأول 2018 إلاّ أنّ الأمر ظل حبرًا على ورق

نقابة الأطباء كانت ألزمت في 3 كانون الأول/ديسمبر 2018 الأطباء بطباعة الوصفات الطبية بواسطة الآلة الطابعة وعدم كتابتها باليد، لوضع حد لتلاعب الأطباء، إلاّ أنّ هذا الإجراء لم يطبق بشكل حقيقي رغم مرور سنوات.

2

 

معاناة مستمرة

مرضى تحدث إليهم "الترا عراق"، أكّدوا ظاهرة "الوصفات المشفرة" ما تزال متفشية في أغلب العيادات "حيث ينسق الأطباء مع الصيادلة للاستحواذ على أكبر قدر من الأموال، مستغلين حاجة المرضى".

أبو أحمد، 62 عامًا، بيّن أثناء انتظار دوره في عيادة طبية في منطقة الحارثية، وسط بغداد، أنّ "الأطباء يكتبون الوصفة الطبية بلغة ورموز وحتى أرقام لا يفهمها سوى القائمون على صيدليات محددة، وبالتالي يجبر المرضى للذهاب إليها"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الصيدليات دائمًا ما تبيع الأدوية بأسعار مرتفعة".

اتهامات كبيرة توجه إلى أطباء بما يتعلق بالوصفات الطبية بعضها يتعلق بصفقات مشبوهة لتمرير أدوية معينة أو أخرى من صناعة شركات محددة

يوضح أبو لـ "الترا عراق"، أنّ "بعض الأطباء تحولوا إلى سماسرة يعملون همهم جني الأموال دون الاهتمام بحياة المرضى أو ظروفهم القاسية، في وقت تغيب فيه إجراءات الرقابة والمحاسبة وفرض القانون".

بعض الصيدليات مملوكة في الأساس للأطباء ذاتهم، كما يشير مرضى من بينهم باسم الشمري المراجع في عيادة تقع في شارع المغرب من العاصمة بغداد.

الشمري يقول لـ "الترا عراق"، إنّ "الجهات المعنية فشلت على مدار سنوات طوال في محاسبة مثل هؤلاء الأطباء، أو إيجاد الحلول الكفيلة للحد من هذه الظاهرة".

 

"الأطباء في مرمى النار"

في المقابل، يقول علي طاهر الطبيب المختص في الصحة العامة والتغذية السريرية لـ "الترا عراق"، إنّ "وزارة الصحة ليس لديها صلاحية لإجبار هؤلاء الأطباء على الرضوخ لشروط معينة تحد من انتشار هذه الظاهرة، كونهم مرتبطون بشكل مباشر بنقابة الأطباء والصيادلة"، مبينًا أنّ "الأطباء هم من يتحمل المسؤولية المباشرة عن انتشار هذه الظاهرة الخطيرة والمسيئة".

ويضيف الطبيب، أنّ "نقابتي الأطباء والصيادلة مسؤولتان عن مراقبة مثل هذه الحالات ومنعها".

في العام 2017 أصدرت نقابة الصيادلة قرارًا يقضي بمحاسبة ومنع كل وصفة تحمل "شفرة خاصة" بين الطبيب والصيدلية، متوعدة بحساب شديد للمخالفين.

كما أشارت إلى أنّ مخاطر الظاهرة لا تتعلق فقط بتحميل المرضى مبالغ إضافية، بل تتعدى إلى تمرير شحنات أدوية غير سليمة.

 

تعليق نقابي

في هذا الجانب، يقول عقيل شاكر نقيب الأطباء، إنّ "نقابته ترفض كتابة الوصفات الطبية بخط غير واضح ومفهوم"، مؤكدًا أنّ "جميع الأطباء تلقوا إشعارات لاعتماد الطباعة كطريقة وحيدة في كتابة الوصفات".

شاكر أكّد في ذات الوقت، أنّ "النقابة لم تسجل أي شكوى خلال الفترة الماضية بشأن هذا الموضوع"، مشيرًا إلى أنّ "وجود شكوى هو العامل الرئيس لاتخاذ إجراءات من قبل النقابة بحق الأطباء".

العقوبات بحق المخالفين من الأطباء، كما يوضح شاكر لـ "الترا عراق"، تصل إلى الإيقاف عن العمل.

فيما ينفي نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي "تواطؤ أطباء مع صيادلة باستخدام رموز في الوصفات".

يقول الهيتي لـ "الترا عراق"، إنّ "ما يجري هو أنّ بعض الصيدليات يجدون صعوبة في قراءة خط الطبيب كونه يكتب بطريقة سريعة ممزوجة، وبالتالي انتشر هذا المفهوم الذي يتحدث عنه الإعلام".

قانون نقابة الصيادلة يفرض، بحسب الهيتي، كتابة الوصفات الطبية بخط واضح ليتسنى للصيدلي أن يحدد الدواء بالشكل الصحيح، مبينًا أنّ "المسؤولية في هذه القضية تقع بشكل مباشر على نقابة الأطباء".