27-يوليو-2022
تحول العديد من الرواديد الحسينيين إلى مطربين

تحول العديد من المنشدين الدينيين إلى مطربين ومغنين (ألترا عراق)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

تعدّدت أشكال خروج الأشخاص من أجواء التديّن ومجالاته المختلفة في العراق، لأسباب يبدو أنها تتعلّق بارتباط الفعاليات الدينية غالبًا بالأجواء السياسية، وما تسبّبت به الحكومات التي تديرها أحزاب دينية من معاناة أدّت لتشكل ردود فعل، ولا سيما الشباب منهم بالابتعاد عن الدين، والاقتراب من الفعاليات الحياتية المختلفة. وانعكست هذه التحوّلات على رجال دين وطلاب حوزات ومدارس دينية وشخصيات بقطاعات مختلفة، ولعلّ أحد أبرز هذه المظاهر هو تحوّل المنشدين الدينيين أو ما يسمى بـ"الرواديد الحسينيين" إلى مطربين، الأمر الذي قرأه مراقبون بأنه أحد تمظهرات ردود الفعل الشبابية على ما تكرّسه المنظومات والمؤسسات الدينية من "حرمان" لما يتعلّق بالحياة ومتطلباتها.

المجتمع "يسجن" الرادود.. والهرب بحثًا عن الحياة

أسماء كثيرة تحفظها الأوساط الفنية والإعلامية لمنشدين و"رواديد"، تحوّلوا إلى مطربين وفنّانين، من بينهم مصطفى الربيعي وحمزة المحمداوي وغسان الشامي ومرتضى العبودي، وغيرهم الكثير، حتى أنّ محافظة الديوانية لوحدها سجلت تحوّل 5 منشدين إلى مطربين ومغنين، بحسب أزهر العالم، وهو أحد شباب محافظة الديوانية الذي كان منشدًا وتحول إلى مطرب وفنان لديه العديد من الأعمال الغنائية والكليبات.

أزهر العالم وخلال حديثه لـ"ألترا عراق"، استعرض عدة أسباب مختلفة لهذا التحوّل سواء على صعيد تجربته الشخصية أو الفنانين الآخرين، مبينًا أنّ "أحد أسباب التحول هو المردود المادي، خصوصًا وإذا كان صوت الشخص هو مهنته الوحيدة التي يعتاش عليها"، مشيرًا إلى أنه "في الطفولة استغل صوته في الإنشاد والقصائد الحسينية، إلا أنه مع تقدم العمر والدخول لمرحلة الشباب وتزايد المتطلبات الحياتية أصبح محتمًا عليه التحول إلى ما يضمن له العيش الكريم وتطوير مستقبله المعيشي".

ويتطرّق العالم إلى نقطة رآها مهمة، تتمثل بأن كونك "رادود" سيفرض المجتمع عليك القوالب المحدودة على "طريقة عيشك ولباسك وسلوكياتك وتقيدها بشكل كبير، وستكون محط انتقاد من قبل المجتمع في أي سلوك أو طريقة لبس أو حلاقة قد تنتهجها، مشيرًا إلى أنّ "تجربته في السفر إلى خارج العراق جعلته يدرك أنه وأقرانه يتعرضون لحرمان من الكثير من التفاصيل الحياتية ولم تكن معروفة لهم من قبل".

ومن ذلك المنطلق، يرى العالم أنه "حتى بعد التحول من منشد إلى مجال الطرب والغناء، فذلك لا يعني أن الخيار الأول بالدخول إلى الإنشاد والقصائد الحسينية كان خاطئًا، بل الخطأ بالمجتمع، بحسب العالم الذي يرى أنّ "تمتع الشخص بصوت جميل يجب أن يجعله حرًا باستخدامه بمختلف المناسبات وإذا أصبح منشدًا لا يجب أن يحكم عليه بأن يعدم صوته تمامًا عن كل المجالات ويطلقه فقط في موسم شهر محرم وأن يكون له شهران فقط، أما المتبقي من العام كله يكون مستبعدًا ولا حضور له"، معتبرًا أنه "عندما أنتج اللطميات والأعمال الحزينة في شهر محرم، يحق لي بعد انتهائه أن أنتج أعمالًا للحب في عيد الحب وللأم والأخ وللوطن وجميع المناسبات، إلا أنّ المجتمع لا يسمح بهذا الشيء للمنشد والرادود".

المنبر هو الحد الفاصل

في خضم الخلط الكبير ربمّا بين الرادود والمنشد، تبرز "القدرة المنبرية" كحد فاصل على ما يبدو ونقطة مفصلية في التحوّل من الإنشاد الحسيني إلى الغناء.

حيث يرى عازف العود والمطرب عمر حنش، أنّ "التحولات الكثيرة المسجلة لمنشدين إلى الطرب والغناء، تتعلّق بالدرجة الأساس بعدم قدرة المنشدين الارتقاء إلى صفة الرادود المنبري التي يعتبرها فنًا صعبًا وله أسماؤه البارزة وعلى رأسهم باسم الكربلائي".

ويشير حنش في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أنّ "معظم المتحولين إلى الغناء هم بالأصل من المنشدين والذين تتسم أعمالهم الفنية غالبًا بإدخال المؤثرات الصوتية والعزف الذي لا يرتقي لأن تكون أناشيدًا دينية وتحولت إلى ما يشبه الأغاني، الأمر الذي يشكل قناعات لدى هؤلاء المنشدين بالتحول لغناء كلمات تناسب هذا النوع من الأعمال الفنية والموسيقى والإيقاعات".

تستخدم الآلات الموسيقية والألحان الغنائية في الأناشيد الدينية المتداولة في العراق

هذا الرأي يتوافق معه تمامًا ما تحدث به الفنان حمزة المحمداوي، وهو أحد الأسماء الشهيرة بالتحوّل من الإنشاد الحسيني للغناء، حيث يشير المحمداوي في إيضاح اطلع عليه "ألترا عراق"، إلى أنّ "هنالك محورين منفصلين لا ثالث لهما، وهو أما أن تكون رادودًا أو مطربًا"، معتبرًا أنّ "الإنشاد اتجه لمرحلة الطرب والغناء سواء بالتوزيع أو الآلات الموسيقية المستخدمة والألحان"، مبينًا أنه "ما دفعني للاتجاه إلى الطرب هو أننا لسنا أكفاء لقضية الإنشاد الحسيني بقواعده الصحيحة، وهنالك أشخاص متخصصة وأهلًا للردة الحسينية والمنبر".