31-مارس-2021

هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق (فيسبوك)

بنصف مرتب العامل العراقي يعمل العامل الأجنبي، مقدمًا خدمات تفوق نظيره العراقي، من حيث الالتزام والجودة والتفاني في العمل، بحسب تجار ورجال أعمال، وهو ما ساهم بارتفاع نسبة العمالة الأجنبية في مختلف المحافظات العراقية. وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية  قد سجلت خلال عامي 2017 و2018 وجود أكثر من 100 ألف عامل أجنبي يعملون بشكل قانوني، مقابل 13 ألف عامل عراقي، وهو ما يؤدي أيضًا إلى ارتفاع نسبة العاطلين، وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، خلال عام 2018 وصلت إلى 22.6 %، فيما أعلن صندوق النقد الدولي أن نسبة العاطلين من العمل في العراق تزيد على 40 %.

أثير النقاش مؤخرًا حول التعامل مع العمال الأجانب واحترامهم، على خلفية انتشار مقطع فيديو يوثق تعنيف صاحب صيدلية لعامل، أمام الزبائن مع هجوم لفظي عنيف

لكن الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب الموجودين في العراق غير محددة وتتضارب بشكل دائم، إذ قالت وزارة العمل العراقية في كانون الثاني/يناير الماضي إن عددهم "4 آلاف عامل" فقط، لكن بحسب آخر أرقام من جهة رسمية، قالت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي إن "هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق".

اقرأ/ي أيضًا: لجنة العمل تتحدث عن "طرق ملتوية" لدخول العمالة الأجنبية للعراق

وحاز العمال الأجانب على الأفضلية عند أصحاب العمل، وبالرغم من تكفلهم بالسكن والطعام، لكن النقاش أثير مؤخرًا حول التعامل مع العمال واحترامهم، على خلفية انتشار مقطع فيديو يوثق تعنيف صاحب صيدلية لعامل، أمام الزبائن مع هجوم لفظي عنيف، ما أدى إلى تدخل وزارة الداخلية، وإرسالها لفريق يتابع الحادثة. 

العراق.. الخليج

إنهم بنعيم ودلال، بهذه الجملة وصف حسن موسى حياة العمالة الأجنبية في العراق، وقال إنهم "يتمتعون بحرية واحترام. ينالون الأموال الإضافية كمكافآت، وهذه صفة للعراقيين في التعامل مع الغرباء، حتى أن بعضهم يتعامل بندية مع زملاءه العراقيين، والآخرين لا يميزونه بوصفه غريبًا"، لافتًا إلى أن "بعض حالات التجاوز تحدث، ولكنها ليست سياقًا، وإنما آنية نتيجة تقصير في العمل أو مشكلة صغيرة".

وعلّل موسى خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، وصفه أنهم في بنعيم بـ"الكثير منهم ترك بلدان الخليج، وجاء للعراق، نتيجة ما سمعه من أبناء بلده الذين يعملون هنا، وتحدثوا عن العنف والتنكيل الذي يلاقونه هناك، ومن خلال الروايات التي سمعتها، أكاد أجزم أن التعنيف للعمالة الأجنبية في الخليج سياق، والحالات الشاذة عنه هي التعامل باحترام، عكس الوضع العراقي"، مبينًا أن "السلطات، وأصحاب المكاتب المشغلين للعمال، يتابعون باستمرار وضعهم، ويطلعون على ظروف العمل، وأوقاته، وسكنهم وطعامهم".

ويشير موسى إلى أن "العراقيين يلتزمون بالاتفاق حول نوعية العمل، فلا يمكن أن يأتي العراقي بعامل من أجل خدمات التنظيف والضيافة، ويكلفه بمهام أخرى، كالحراسة أو التسوق، على العكس من الخليج، الذين لا يلتزمون بذلك، وقد تصل إلى أعمال شاقة، كأن يرافق الأبل في الصحراء".

من جهته، قال مدير العلاقات والإعلام في الشرطة المجتمعية، عبد الحافظ الجبوري، إن "حادثة التعنيف التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، حدثت قبل سنوات، وتمت الصلح بين رب العمل والعامل، واستمر بالعمل لأشهر وانتقل لمكان آخر، فيما رفض تقديم شكوى، بعد وصول فريق من وزارة الداخلية ولقاءه".

حالات نادرة

ويتفق الجبوري مع موسى خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "دائرته تستقبل الشكاوى عبر الخط الساخن، ومكاتبها في مراكز الشرطة، بالإضافة إلى منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتابع القضايا الواردة باهتمام كبير، وبعضها من خارج العراق، وأن الحالة الأخيرة، تمثل حدثًا نادرًا، لم نعتاد عليه، بالرغم من متابعتنا المستمرة للعمالة الأجنبية، وظروف عملهم وسكنهم".

العامل البنكالي مرشد يقول إن "أقرباءه نصحوه بالعمل في العراق، وقالوا له إن العراقيين حبابين وزينين، وأن أبوه قال له أذهب للعراق، إذ كان الوضع جيد أبقى هناك، أو غادر إلى تركيا أو السعودية"، مبينًا أنه "خريج جامعة، ويتكلم خمس لغات، وتعلم اللهجة العراقية في منزل عائلة تركمانية، ويردد الأغاني والشعر العراقي".

وما يعزّز مكانة العمالة الأجنبية، هي الأجور المخفضة مقارنة بالعمالة المحلية، بالإضافة إلى طاقة التحمل التي يمتلكونها والالتزام، بحسب مهند عبد الله، والذي يقول إن "العامل الأجنبي، يوفر له رب العمل الطعام والسكن، ما يجعله لا يصرف شيئًا من راتبه، فضلًا عن المكافأة التي يحصل عليها، وهذا المجموع الذي لا يتعدى 500$ غالبًا، يمثل مبلغًا كبيرًا بالنسبة لسوق العمل في بلدانهم، خاصة شرق آسيا".

لا ينكر عبد الله وهو عامل عراقي خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "العامل الأجنبي أكثر التزامًا من العراقي، قليل النقاش والتذمر، ولا يمتلك مساحة للتهرب من عمله، ويحاول تسخير كل إمكانياته لإثبات كفاءته"، معللًا ذلك بـ"عدم وجود مساحة للحركة والتجول بفعل اللغة وتجنب التكاليف، بالإضافة إلى المنافسة وحاجة الكثير من العمال الأجانب للعمل، خاصة الذين دخلوا العراق بصورة غير قانونية، للعمل والاستقرار، تجعلهم يتحملون الكثير".

يفضل أصحاب الأعمال في العراق العمالة الأجنبية لأجورهم المخفضة مقارنة بالعمالة المحلية

عمل عبد الله في أماكن عديدة، واختلط بالكثير من العمال الأجانب، ويشير إلى أن "حادثة الاعتداء الأخيرة، غريبة ولم يصادف مثلها، وأقصى ما شاهدته توبيخ لا يتجاوز الصوت العالي، وسرعان ما ينتهي باعتذار وندم، والأمر يرتبط بالتنشئة العراقية وطبيعة المجتمع المحبة للغرباء"، مستشهدًا بـ"تجربة العمالة العربية في العراق، والذين أمتنع الكثير منهم من العودة إلى بلدانهم".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أزمة العمالة الأجنبية: الخبرة تتفوّق على "نظرة المجتمع" وواقع التعليم!

الداخلية: أكثر من 33 ألف مخالف أجنبي تم ترحيلهم خلال 2020