01-يوليو-2019

الشعوب العربية رافضة لصفقة القرن التي ولدت ميتة بالأصل (تويتر)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

عقدت مجموعة من الأنظمة العربية مؤتمرًا في العاصمة البحرينية المنامة، في سياق ما بات يُعرف بـ"صفقة القرن" أو "خطة السلام" التي تطرحها الولايات المتحدة، من أجل تسوية القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي حسب ما تزعم، وأوكلت مبعوثها، وهو صهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، لهذه المَهمة.

العراق لم يشارك في مؤتمر البحرين بسبب موقفه الثابت من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف

وأعلنت الولايات المتحدة والبحرين في بيان مشترك، الشهر الماضي، عقد "ورشة اقتصادية" في العاصمة البحرينية يومي 25 و26 حزيران/يونيو للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.

المشاركون في المؤتمر

شارك في المؤتمر من العرب وفد إماراتي، بحجة أن الهدف هو "رفع المعاناة عن كاهل الشعب الفلسطيني وتمكينه من العيش والاستقرار والمستقبل المزدهر"، إلى جانب مصر، والأردن، الذي عبر أمين عام وزارة المالية عن موقفه بالقول "لا طرح اقتصاديًا يُمكن أن يكون بديلًا لحل سياسي ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني"، مع ذلك، فأنه شارك في الورشة الاقتصادية.

اقرأ/ي أيضًا: ناشطون عن اقتحام السفارة البحرينية في بغداد: أول إهانة للمطبعين عراقية!

رغم التظاهرات الشعبية الرافضة للمشاركة في المؤتمر، شاركت مملكة المغرب في الورشة، وقالت إن تلك المشاركة جاءت "انطلاقًا من الموقف الثابت والدائم للمغرب من أجل حل الدولتين".

حضرت المملكة السعودية مع المشاركين في مؤتمر المنامة، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير إن "الفلسطينيين هم أصحاب القرار الأخير لأنها قضيتهم، وما يقبلونه يقبله الجميع". لكن الفلسطينيين قاطعوا ورشة المنامة، ما عدا رجل أعمال من مدينة الخليل في الضفة الغربية، وقد اعتقلته المخابرات الفلسطينية، بحسب مصادر.

رفض فلسطيني رسمي

مع ردود الفعل التي جاءت من الشارع العرب، كان للفلسطينيين موقفهم الطبيعي الرافض لصفقة القرن، التي قال وزير خارجية البحرين خالد آل خليفة إنه لا يعرف شيئًا عنها، ولا عن خطة السلام.

يزعم آل خليفة في لقاء تلفزيوني إن "ورشة المنامة ليست خطوة للتطبيع مع إسرائيل"، فيما يُشير رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إلى أن "المؤتمر المنعقد في المنامة سياسي بغطاء اقتصادي وبإغراءات مالية يهدف لتصفية القضية الفلسطينية".

يرى هنية أن مؤتمر المنامة "يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لتبسط احتلالها وسيطرتها على كل الضفة، وفتح باب التطبيع مع الدول العربية، ودمج المحتل بالمنطقة".

وفي السياق، يقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن "مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، ونحن بحاجة إلى الاقتصاد والمال والمساعدات؛ لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، وعندما نطبق حل الدولتين، ودولة فلسطينية على حدود 1967 بحسب قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا".

رفض شعبي

فيما تزعم الأنظمة العربية أنها بصدد إيجاد تسوية فلسطينية ـ إسرائيلية تأخذ بنظر الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني؛ فأن الأخير نظّم تظاهرات ومسيرات ووقفات شارك فيها مثقفون وكتاب ومؤسسات إعلامية وقوى المجتمع المدني فضلًا عن الفصائل الفلسطينية، في مدينة غزة وجنين ورام الله وغيرها، تعبيرًا عن رفضهم لمؤتمر المنامة.

ولمدة ثلاثة أيام، تزامنًا مع ورشة المنامة، تواصلت الفعاليات الغاضبة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوشحت الأخيرة بالسواد عبر مسيرات جماهيرية رافضة لمخرجات مؤتمر البحرين.

رفض من العراق

أعلنت الحكومة العراقية عدم مشاركتها في ورشة المنامة الاقتصادية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف إن "العراق لن يشارك في مؤتمر البحرين بسبب موقفه الثابت من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف"، واصفًا القضية الفلسطينية بـ "القضية المركزية في الوعي الشعبي والسياسي العراقي وخطاب وزارة الخارجية".

اقتحمت مجموعة من المتظاهرين العراقيين مقر السفارة البحرينية في بغداد، وأنزلت العلم البحريني، فيما رفعت العلمين العراقي والفلسطيني

تخطيًا لردود الفعل الرسمية والسياسية العراقية، اقتحمت مجموعة من المتظاهرين في السابع والعشرين من حزيران/يونيو 2019 مقر السفارة البحرينية في بغداد، وأنزلت العلم البحريني، فيما رفعت العلمين العراقي والفلسطيني، تعبيرًا عن رفضها لصفقة القرن.

اقرأ/ي أيضًا: ورشة المنامة.. أوهام كوشنر المبددة في الشرق الأوسط

ورغم موقف الحكومة العراقية من مؤتمر المنامة، إلا أن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء سارع لإصدار بيان عبّر فيه عن أسفه الشديد لقيام عدد من المتظاهرين بالتجاوز على مبنى سفارة مملكة البحرين والقيام بأعمال تخريبية، حسب وصف مكتب عبد المهدي. كما عبّر العديد من السياسيين والنواب والمسؤولين العراقيين عن رفضهم لهذه العملية.

عراقيون رفعوا علم فلسطين أمام سفارة البحرين في بغداد

حادثة السفارة  تُعيد النقاش

على الصعيد الشعبي، وكعادة المواقف التي ينقسم حولها العراقيون، عبّر مدونون عن رفضهم التام لمؤتمر المنامة، فيما يرى آخرون أن العراق لا شأن له في مثل هذه القضايا.

لعل حادثة السفارة البحرينية، كونها حصلت في العراق، قد أعادت طرح المسألة الفلسطينية بالنسبة للعراقيين، إذ يُعبر ياسر ناظم عن أسفه بأن يستضيف بلد عمره 60 عامًا مؤتمرًا يُحدد فيه مصير أرض وشعب عمره آلاف السنين.

وفي الوقت الذي أبدى بعض الناشطين والمدونين سعادتهم بحادثة السفارة البحرينية بغض النظر عن الجهة التي قامت بالعمل، اعترض آخرون على الحادثة بدعوى أنها تمس أمن البعثات الدبلوماسية، وتضر بعلاقات العراق مع بقية الدول.

كتب علي صبيح "الأهم كانت ردة فعل الشعب العراقي الغاضبة رائعة جدًا لتصل للمطبعين على أنها وقفة رافضة للمؤتمر وصفقة القرن وسيسجلها التاريخ"، مضيفًا أن "التظاهرات خرجت في أغلب البلدان العربية ورفضت صفقة القرن ولم تُقابل بجلد ذات وتخوين وسب واتهامات من شعوب تلك البلدان كما يحدث في العراق".

تساءل المدون حسن الخرسان عن أصحاب صفقة القرن، ولماذا لا يتم التظاهر أمام سفارتهم بمقابل التظاهر على سفارة الدولة المستضيفة التي تناقش ماهية هذه الصفقة.

فيما يتحفظ الكاتب علاء اللامي على إنزال العلم البحريني من السفارة بدعوى أنه لا يرمز لنظام آل خليفة، مشيرًا إلى أنه يتمنى لو كانت هناك تظاهرة شعبية تشارك في مختلف الاتجاهات السياسية وتعتصم لدقائق أمام السفارات البحرينية والأميركية والبريطانية لكان ذلك رائعًا.

نحن وفلسطين

كان على الجانب الآخر، عددًا من المدونين الداعين إلى الاهتمام بالشأن المحلي وترك القضية الفلسطينية للفلسطينيين، بعضهم بدعوى عدم استفادة العراق من وقوفه إلى جانب فلسطين في الحقبة السابقة، وبعضهم بدعوى حب الفلسطينيين لصدام حسين.

يكتب محمد رياض على صفحته في "فيسبوك"، "عندما تقرأ يوميًا مئات المنشورات والتعليقات التي تدعو لترك القضية الفلسطينية وعدم الاهتمام بها لأن في كل البلدان العربية مشاكل وأزمات أولى بالاهتمام، لا يمكن لك إلا أن تتسائل عن الأيادي التي أوصلت البلدان العربية إلى هذا الحال. احتلالات وانقلابات وثورات مضادة وحكومات عميلة ليبقى العربية رهينة لأزماته ممنوعًا من التفكير أبعد من ذلك".

يقول الناشط علاء ستار إن "أقصى ما يُمكن أن يذهب له العراق في وضعه الحالي هو الثبات على المواقف السابقة، ولا أظن أنه يستطيع أن يذهب أبعد من ذلك، وحسنًا كان موقف الدولة العراقية من مؤتمر البحرين، رغم التخوفات والاستفهامات التي نطرحها حول الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة مع الأردن ومصر، حول إذا ما كانت جزءًا من صفقة القرن أو أنها ستخدم الاحتلال ولو بمقدار دولار واحد".

يرى ستار في حديثه لـ"ألترا عراق" أن "أي تسوية لا يكون أطرافها الفلسطينيون أنفسهم لن تمضي بالنتيجة، ثم أن الاحتلال أثبت أنه لا يلتزم بأي مواثيق للسلام، وأوسلو شاهدة على ذلك".

أقصى ما يُمكن أن يذهب له العراق في وضعه الحالي هو الثبات على المواقف السابقة من القضية الفلسطينية ولا يستطيع أن يذهب أبعد من ذلك

ويتساءل "كل هذا التهافت والرضوخ والـ50 مليار دولار التي تريد أن تقدمها أنظمة عربية، هل ستدفع الاحتلال الإسرائيلي نحو جدية في السلام وتقديم التنازلات للفلسطينيين؟ أم أن صواريخ غزة ذات الألف دولار لها الصوت الأعلى في تحقيق معادلات جديدة؟".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مؤتمر البحرين في انطلاقته.. مشروع كوشنر الذي ولد ميتًا

ورشة البحرين.. خطوة في مسار التطبيع الخليجي وقفزة أمريكية في الهواء