يستعد الملايين من المسلمين الشيعة في العراق لإحياء الزيارة الشعبانية، ابتداءً من مساء يوم غد الأحد 25 شباط فبراير، حيث أعلنت حكومات محلية عدة عطلة رسمية في محافظاتها، وأعلن قسم الشعائر والمواكب والهيئات الحسينية دخول 750 موكبًا إلى مدينة كربلاء للمشاركة في مراسم الزيارة.
يحتفل الملايين من المسلمين الشيعة سنويًا في النصف من شعبان بما يعرف بالزيارة الشعبانية احتفالًا بمناسبات عدة أبرزها ولادة "الإمام المهدي"
ويقصد المسلمون الشيعة مدينة كربلاء لإحياء الزيارة الشعبانية، في 15 شعبان من كلّ عام، وهو تاريخ يرتبط بمناسبات عدة، أهمها في العراق ذكرى ولادة الإمام المهدي المنتظر "محمد بن الحسن العسكري"، الإمام الثاني عشر بالنسبة للشيعة الإثني عشرية.
لليلة الزيارة الشعبانية أو النصف من شعبان، خصوصية ومراسم مستوحاة من أحاديث وروايات دينية، تحث على صيام نهارها وقيام ليلها بالصلاة وقراءة القرآن، ومنها عرفت بين شريحة من العراقيين بـ "ليلة القضاء".
كما يربط بعض المحتفلين هذه الليلة بحوادث أخرى فضلاً عن ولادة الإمام المهدي، منها تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة، استنادًا إلى بعض الروايات.
احتفالات وحلوى
وعلى خلاف معظم الطقوس المليونية الشيعية، لا يخيم الحزن والسواد وصوت المراثي على أجواء الزيارة الشعبانية، بل على العكس، حيث تشهد المدنية مراسم احتفالية وتتزين مدينة كربلاء، مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس تحديدًا، بلافتات ملونة تحمل بعض أسماء الأئمة وأحاديث مروية في فضلهم، خاصة الإمام المهدي.
وارتفعت أعداد المشاركين في الزيارة الشعبانية بشكل هائل بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وباتت واحدة من أبرز المناسبات السنوية للشيعة.
وعلى الرغم من أنّ المشاركة في هذه الزيارة لا يتطلب المسير على الأقدام، كما في زيارة الأربعين، إلاّ أنّ كثافة أعداد المشاركين تجبر السلطات كلّ عام على قطع طريق السيارات من مسافة بعيدة عن مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس، حيث يسير المشاركون على الأقدام لمسافات تصل أحيانًا إلى أكثر من 20 كيلومترًا.
ويقول أحد فاضل مصطفى، أحد أهالي مدينة كربلاء لـ "الترا عراق"، إنّ هذه الليلة تعرف أيضًا بـ "ليلة المحيا"، ولها خصوصية كبيرة في المدينة، وكذلك في مناطق وسط وجنوب العراق.
ويضيف مصطفى، أنّ "ليلة النصف من شعبان تعتبر عيدًا في كربلاء وهذه المناطق، حيث تملأ الزينة الشوارع ويلعب الأطفال بالدفوف على وقع الأناشيد والابتهالات، ويحرص المشاركون في المناسبة على شراء الحلوى وتوزيعها حتى لا تفوتهم بركة السنة القادمة".
ووفقًا لباحثين، فإنّ الاحتفال بالشعبانية لا يقتصر على العراق، بل يمتد إلى معظم دول الخليج مع اختلاف المسميات.
أحداث دامية
سياسيًا، ترتبط الشعبانية بواحدة من أكبر الأحداث مطلع تسعينيات القرن الماضي، والمعروفة بـ "الانتفاضة الشعبانية" ضد نظام صدام حسين، والتي اندلعت إثر هزيمة الجيش العراقي بعد اجتياح الكويت، وانتهت بقمع المحتجين ومطاردتهم وإعدام الآلاف من سكان المناطق المنتفضة على يد سلطات النظام السابق.
شهدت الزيارة الشعبانية عام 2007 اشتباكات مسلحة قرب ضريح الإمام الحسين خلفت عشرات الضحايا
كما ترتبط المناسبة باشتباكات مسلحة دارت وسط مدينة كربلاء القديمة أسفرت عن مقتل العشرات مع محاصرة مرقد الإمام الحسين أثناء الزيارة الشعبانية عام 2007، حيث وجهت الاتهامات إلى بعض أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بمحاولة السيطرة على المرقد.
فيما قال التيار الصدري آنذاك، إنّ الأحداث وقعت "نتيجة معاملة الزوار بطريقة أغضبت الصدريين في كربلاء، وأثارت أعمالًا انتقامية ضد قوات الأمن" المرتبطة بجماعة سياسية شيعية أخرى هي المجلس الأعلى الإسلامي العراقي.
وأمر الصدر إثر تلك الأحداث بـ "تجميد جيش المهدي وإغلاق مكاتبه في عموم العراق ولبس السواد وإقامة مجالس العزاء"، ودعا حينها الحكومة برئاسة نوري المالكي إلى إجراء تحقيق فيما حدث، "على أن يكون تحقيقًا عادلًا ومحايدًا، لكي لا تتكرر المأساة".
ويوم الأحد الماضي، 18 شباط/فبراير، أعلن قائد عمليات كربلاء الفريق الركن علي الهاشمي "وضع خطة أمنية شاملة بمناسبة الزيارة الشعبانية"، مشيرًا إلى أنّ "قيادة العمليات باشرت تنفيذ الخطة بوقت مبكر، بالتنسيق مع العتبات المقدسة بشأن تأمين الزيارة".
وأكّد الهاشمي، خلال مؤتمر صحفي، أنّ "خطة الزيارة لا تتضمن أي قطوعات، فضلاً عن تقليل نقاط التفتيش الرئيسة، وإلغاء نقاط التفتيش الفرعية"، فيما قال قائد الشرطة اللواء أحمد زويني، خلال المؤتمر إنّ "خطة الزيارة الشعبانية تم استعراضها وتوزيع المهام الخاصة بها"، مبينًا أنّ "هناك وحدات إضافية من وزارة الدفاع ستصل الى محافظة كربلاء لإسناد الزيارة".
