12-يوليو-2022
مراكز التجميل في العراق

تحولت مراكز التجميل في العراق إلى مشاريع ربحية كبيرة (فيسبوك)

أصبحت عمليات التجميل موضة رائجة في العراق بالآونة الأخيرة، لكنّ نسب الفشل باتت ترتفع يومًا بعد آخر داخل مراكز التجميل في العراق، الوهمية وغير الوهمية، ويظهر منها ما يسبّب تشوهات تؤدي إلى الوفاة أحيانًا، أو خلل كبير يذهب بعض الناس لإصلاحه خارج العراق. 

بين فترة وأخرى يتم رصد العديد من مراكز التجميل المخالفة وغير المرخصة من قبل وزارة الصحة العراقية

وفي مطلع العام 2022، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بخبر فرار طبيب من عيادته في بغداد عقب التسبب بوفاة فتاة تبلغ من العمر 25 عامًا، أثناء إجراء عملية تجميل لها، وتسببت هذه الحادثة بفتح النار على أطباء التجميل وإعادة طرح ملف مراكز التجميل وخصوصًا غير المرخصة من قبل وزارة الصحة.

ويعاني العراق وعلى مدار 19 عامًا من تراجع كبير في قطاع الصحة على كافة المستويات، فيما تسجل المستشفيات الحكومية والأهلية وبشكل مستمر، العديد من العمليات الفاشلة والتي تعلّق على شماعة "الخطأ الطبي" دائمًا.

 

إغلاق مراكز تجميل جديدة

ويتحدّث نقيب الأطباء في بغداد، مصطفى باسم السعدي، عن عمل مستمر من قبل النقابة لرصد مراكز التجميل المخالفة في العاصمة، وتحويل أصحابها إلى الجهات القانونية لاتخاذ الإجراءات بحقهم، ويقول السعدي لـ"ألترا عراق"، إنّ "النقابة رصدت خلال عام 2021، أكثر من 121 مركز تجميل مخالف في العاصمة، أما خلال العام 2022 فقد أغلقت النقابة 42 مركزًا وعيادة تجميل مخالفة للضوابط الموضوعة لهم".

وبحسب السعدي، فأنّ ملف مراكز التجميل يحتاج إلى جهد أكبر من قبل جهاز الأمن الوطني، والجهات الأمنية الأخرى كون "العاصمة بغداد تشهد فوضى عارمة بخصوص هذا الموضوع".

ويشير نقيب الأطباء إلى "وجود لجان مستمرة بالعمل على رصد المخالفين بالتنسيق مع وزارة الصحة والتعاون مع الأجهزة الأمنية، مطالبًا المواطنين عبر "ألترا عراق" بـ"تقديم شكوى ضد أي شخص يمتهن الطب وهو لا يمتلك شهادة علمية".

ووفقًا لإحصائيات أجراها "ألترا عراق"، بشأن أسعار عمليات التجميل في العراق، فأنها منخفضة مقارنة بدول مثل السعودية وتركيا، فعلى سبيل المثال تكلفة عملية تجميل الأنف في العراق نحو 600 دولار، بينما نفس العملية في السعودية أو تركيا تصل إلى 1500 دولار، وتتراوح أسعار عمليات التجميل بين 600 إلى 5000 دولار، لكنّ الأسعار في دول غير العراق تتجاوز هذه الأرقام بشكل كبير ولافت.

 

حكاية عملية فاشلة

تروي إحدى الفتيات وهي من سكنة العاصمة بغداد "تجربتها الفاشلة" على حد وصفها، مع عملية تجميل، بالقول إنني "أجريت عملية تجميل لأنفي وللأسف كانت فاشلة حيث بات الأنف يعاني من الاعوجاج من جهة اليسار ما سبب بعد فترة قصيرة ضيقًا في التنفس، على الرغم من إجراء هذه العملية لدى دكتور معروف وشهير".

وباتت أحلام الفتاة مريم محمد تتلاشى بعد استمرار معاناتها من تداعيات العملية الفاشلة، إذ أكدت أنها "بدأت بمرحلة تقويم الاعوجاج وكانت معاناة بالنسبة لها كونها عادت إلى مرحلة الصفر"، مشيرة إلى أنّ "الأطباء قالوا لها إنها بحاجة إلى إجراء أكثر من عملية لتصحيح الخطأ في مسار الأنف".

واستطردت محمد، خلال حديثها لـ "ألترا عراق"، بالقول: "تأذيت كثيرًا والآن أراجع أطباء بشكل دوري في محاولة لتصحيح المشكلة، فضلًا عن صرف مبالغ كبيرة، وهذا كان أبشع خطأ ارتكبته في حياتي". 

وتستقطب هذه المراكز الزبائن عبر استهدافهم في مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال عرض منتجاتهم وخدماتهم التي تستعرض "عملياتهم الناجحة" فقط، وعرضها على شكل صور ومقاطع فيديو، والتي بدورها تلقى إعجابًا كبيرًا من قبل مواطنين.

 

تجارة الطب

"في جميع دول العالم يوجد نسب فشل في عمليات التجميل، لكن الفشل في العراق يسجل زيادة كبيرة، لأسباب عديدة أبرزها الدخلاء على مهنة الطب"، وفقًا للطبيب المختص في مجال التجميل ضرغام أحمد.

ويقول أحمد لـ"ألترا عراق"، إنّ "سبب انتشار مراكز التجميل بشكل غير مسبوق في العراق، يعود للتوجه الكبير من قبل المواطنين على إجراء عمليات التجميل، مما دفع رجال الأعمال لفتح مراكز تجميل كمشاريع ربحية".

ويقترح الطبيب المختص وضع لجان تفتيشية بصورة دورية بالتعاون بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء للحد من هذا الملف، مبينًا أنّ "وزارة الصحة والنقابة مطالبتان بإجراء عمليات تفتيش بشكل مستمر لمحاسبة من يمتهن الطب".

وختم أحمد حديثه بالقول إنّ "هناك فوضى تجميلية في العراق نتيجة افتتاح مئات مراكز التجميل دون تراخيص، فضلًا عن تحول هذه المراكز إلى مشاريع تجارية الهدف منها ربحي بالدرجة الأساس". 

وتحتل عمليات الأنف وشفط الدهون وحقن "الفيلر والبوتكس" وإذابة شحوم البطن والأرداف، المراكز الأولى لعمليات التجميل في العراق، بحسب مختصين. 

العديد من رجال الأعمال في العراق لجأوا إلى فتح مراكز التجميل لأنها تحولت إلى مشاريع ربحية كبيرة

ويوجب قانون حماية الأطباء رقم 26 لسنة 2013 عند حصول خطأ طبي أو رفع شكوى أمام المحاكم وقبل اتخاذ أي إجراء قانوني، تشكيل لجنة مختصة من وزارة الصحة لبيان الخطأ من قبل أهل الاختصاص، وهل هو متعمد أم لا؟ وهل كان بسبب المخدر أو الأجهزة أو الطبيب الجراح؟ وفقًا للخبير القانوني علي التميمي.