14-يوليو-2019

محافظ واسط محمد جميل المياحي (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لا يزال محافظ واسط عن تيار الحكمة محمد جميل المياحي، يثير الجدل بتصرفاته منذ توليه مهامه مطلع تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، فبعد تصادمه مع موظفين في دوائر تنفيذية واتساع جبهة المواجهة مع مجلس المحافظة والتصعيد بينهما حد الفوضى، ظهر المحافظ وهو يتجاوز على ضابط في إحدى السيطرات الخارجية، الأمر الذي وضعه مع كتلته التي تتخذ مسار المعارضة مؤخرًا في مأزق، بالإضافة إلى انتقادات بمواقع التواصل الاجتماعي وإشارات ساخرة للكتل السياسية التي لا تحترم "الدولة" وهيبتها المتمثلة بالقوات الأمنية.

ظهر محافظ واسط محمد المياحي وهو يتجاوز على ضابط في إحدى السيطرات الخارجية، الأمر الذي وضعه مع كتلته في مأزق وانتقادات بمواقع التواصل الاجتماعي

يعلّق الحكمة برئاسة عمار الحكيم الآمال على المياحي كونه آخر المناصب التنفيذية في المحافظات بعد خسارته منصب محافظ البصرة ونائب محافظ بغداد، بالإضافة إلى محافظات أخرى، سيما وأنه من المقربين للحكيم حيث تكفله منذ إكماله دراسته الإعدادية وصولًا للدكتوراه، وبحسب مقربين فأن حشدًا من قيادات الخط الأول للتيار تصطف لدعم المياحي في بغداد، عبر ترتيب الأجواء لعقد حزمة لقاءات في كل زيارة لبغداد مع وزراء ومسؤولين.

مواجهات متكررة

خلال أشهر خاض المياحي سلسلة مواجهات جعلته تحت دائرة الضوء، وأنقسم فيها الرأي العام بين المؤيد والرافض، وكان أولها تجاوزه على مهندس في مديرية ماء ومجاري المحافظة، بالإضافة إلى المواجهة مع مجلس المحافظة التي أدت إلى أن يكون للمحافظة ثلاث محافظين في وقت واحد، بالوقت الذي استعان المحافظ المياحي بـ"عشيرته" للدفاع عنه أمام المجلس، فضلًا عن تصادمه مع محافظ واسط السابق عن تيار الحكمة محمود ملا طلال، فيما كان آخرها الاعتداء على ضابط برتبة رائد.

اقرأ/ي أيضًا: "منازلة" الحكمة وعصائب أهل الحق.. فيسبوك العراق يشهد على فساد المتخاصمين

مصدر في ديوان المحافظة، يسرد لـ"ألترا عراق"، المواجهات الساخنة التي خاضها المياحي، على حد تعبيره، إذ يقول إنه "منذ الأيام الأولى لتوليه مهامه عمد إلى استخدام أسلوب المواجهة في محاولة لفرض سلطته، استهلها بالتجاوز على مهندس في مديرية ماء ومجاري المحافظة حيث هدده بدفنه بحفرة تصريف مياه الصرف الصحي"، عازيًا ذلك لـ"وجود حديث بشأن دعمه من زعيم التيار شخصيًا وأنه يتولى ترتيب أية معوقات تعترض طريقه بنفسه".

أضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، أن "ثاني المواجهات وأكثرها  تأثيرًا هي مع مجلس المحافظة، حيث طالب بتخصيص خمسة ملايين كراتب لعشرة أفراد بواقع 500 ألف دينار لكل منهم"، مبينًا أنه "أتى بهم كموظفين في مكتبه من صندوق دعم المحافظة في حين يتقاضى الموظف الذي يتسلم راتبه من الصندوق 350 ألف دينار"، لافتًا إلى أن "المحافظ فرض إرادته على المجلس لكنها كنت البداية للمواجهة بينهما".

أشار المصدر إلى أنه "بالرغم من انتماء رئيس المجلس مازن كندوح إلى تحالف سائرون الذي يأتلف مع كتلة المياحي، إلا أنهما تواجها بعد مطالبة الأخير لنائبه عادل الزركاني بالبصمة عند الدخول والخروج، ما دفع المجلس إلى التحشيد ضده وإقالته واختيار عضوه خضنفر البطيخ محافظًا، فيما أعلن الزركاني نفسه المحافظ بصفته النائب الأول".

لفت المصدر إلى أن "كتلة المياحي تقول الآن إنها معارضة، بينما محافظها هنا يمارس سلطته على طريقة الميليشيات". 

واستمرارًا  لمسلسل المواجهات التي خاضها المياحي، تصادم مع محافظ واسط السابق محمود ملا طلال، حيث  نشر المياحي على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك"، في 8 نيسان/أبريل 20119، كتابًا رسميًا تضمن طلبه من "المجلس اﻻعلى لمكافحة الفساد، التحقيق في كافة المشاريع الاستثمارية المحالة في محافظة واسط، المنجزة وغير المنجزة، واستجاب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى طلب المياحي وأمر بتشكيل لجنة، برئاسة المفتش العام لوزارة البلديات والأشغال العامة للتحقيق في كافة المشاريع الاستثمارية المحالة إلى المحافظة وبيان مدى جدواها الاقتصادية، على أن ترفع تقريرها خلال 60 يومًا إلى رئيس الوزراء".

وعلى إثر ذلك، تداول مدونون صورة لرسالة منسوبة إلى محمود ملا طلال، وجهها من خلال كروب لمسؤولي المحافظة في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، إلى المياحي، دعاه فيها إلى "العمل الجاد والابتعاد عن السوشيال ميديا"، مشيرًا إلى أن "نشر الكتب بين الحين والآخر محاولة لذر الرماد في العيون، والفساد لا يكافح بالكتب ولا النشر، وإنما بالعمل الحقيقي من خلال تسمية المشاريع التي فيها فساد"، خاتمًا الرسالة "أخي العزيز أقولها بصراحة أنت لم تقدم شيئًا، أرجوك قدم شيئًا يحسه المواطن في الشارع لا على الورق والفيسبوك".

على طريقة الميليشيات.. الاعتداء على ضابط! 

تحظى التربة العسكرية باحترام كونها تصدر وفقًا لمرسوم جمهوري وتمثل الدولة بشكلها العراقي غير الخاضع للطوائف، خاصة في العراق، الذي تتحكم في مفاصل مؤسساته ميليشيات لا تعترف بـ"الدولة"، لكن هذا الأمر لم يمنع المياحي ـ بحسب منتقديه ـ من التجاوز على رمز يمثل الدولة. حيث كان محافظ واسط عائدًا من العاصمة بغداد ظهر السبت 14 تموز/يوليو، وعند مروره على سيطرة "اللج" ترجل من رتله متوجهًا نحو ضابط السيطرة، الرائد محمد، وعند وصوله مكان وقوف الضابط، كانت كاميرات السيطرة تسجل لحظة بلحظة.. ألتقى الرائد التحية العسكرية للمحافظ، فبادر المياحي لضربه وتعنيفه، مثيرًا غضب الرأي العام ووزير الداخلية.

وفي رده على الاعتداء وجه وزير الداخلية ياسين الياسري بـ"سحب حماية المياحي"، بالوقت الذي استقبل فيه قائد شرطة المحافظة اللواء علاء غريب والرائد المعتدى عليه محمد رياض.

فيما نشر المياحي بعد ساعات تسجيلًا مصورًا عبر صفحته على "فيسبوك"، وتابعه "ألترا عراق"، قال فيه مبررًا، إنه "وجد تقصيرًا من الضابط في أداء مهامه حيث كان الزحام يمتد لمسافات طويلة".

ليست المرة الأولى!

كشف مصدر مطلع في قيادة شرطة محافظة واسط، أن اعتداء المحافظ المياحي على الضابط في سيطرة "اللج" لم يكن الأول على ضبّاط المؤسسة الأمنية، فقد سبقه اعتداء على ضابطين متهمًا إياهم بتعاطي المخدرات.

قال المصدر في حديث لـ"ألترا عرق"، إن "بداية العام الجاري 2019، شهدت قيام المياحي على رأس قوة أمنية من مكافحة المخدرات، بمداهمة شقة سكنية في مدينة الكوت للاشتباه بمجموعة يتخذونها مقرًا لهم لتجارة وتعاطي المخدرات".

أضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بموقعه الوظيفي، أن "العملية كانت فاشلة بكل المقاييس ولم تكن لمداهمة مقر لعصابة مخدرات، بل كانت تجمعًا لبعض الأصدقاء بينهم ضابطان في شرطة واسط، كانوا يسهرون في شقة صديقهم، ويتعاطون الخمور فقط".

أقدم محافظ واسط سابقًا على اقتحام شقة تجمع  أصدقاء بينهم ضابطان كانوا يسهرون ويشربون الخمور فقط بينما رفعا دعوى قضائية على المياحي لكن الأخير قام بتسويفها عبر "ألواسطات"

تابع أن "المواد القانونية جميعًا تنص على عدم مضايقة أو تفتيش أي مبنى سكني إلا باستحصال موافقات قضائية، وشرط توفر معلومات مؤكدة"، مبينًا أن "الضابطين رفعا دعوى قضائية ضد المياحي، فبادر الأخير على تسويفها وإدخال الوساطات لعدم خروج الفضية إلى الرأي العام، مستدركًا "لكن هذه المرة لم يسلم من الأهالي بعد إهانته للضابط أمام الملأ".

حشد الحكيم يتخلخل

لم تؤثر تلك المواجهات على العلاقات الخارجية للمياحي مع الكتل السياسية الأخرى فحسب، حيث شهدت الفترة السابقة توترات بينه وبين أعضاء في كتلته في مجلس المحافظة، ما دفع أربعة منهم إلى الانسحاب، ما يؤشر إلى إمكانية استجوابه والتصويت على إقالته.

حيث وجه عضو مجلس المحافظة والقيادي في تيار الحكمة هاشم العوادي رسالة إلى عمار الحكيم يعتذر فيها من إكمال العمل معه لوجود من لا يرغب به.

أضاف العوادي عبر صفحته في "فيسبوك"، بمنشور تابعه "ألترا عراق"، أنه "بعد مضي أعوامًا وسنوات وبعد الجهد والنجاح يأتي ما لم يكن بالحسبان من الإزاحات المتتالية والتجاهل المقصود والفرض الواقع ومصادرة الآراء نُغيب من العمل ونُبعد عن القرار ولا تراعى لنا مكانة من أشخاص حديثي عهد على تيار عريق".

اعتداء المحافظ المياحي على الضابط في سيطرة "اللج" لم يكن الأول على ضبّاط المؤسسة الأمنية

فيما أعلن ثلاثة من أعضاء الكتلة في المجلس الانسحاب وتشكيل كتلة وطن المستقلة، وأظهرت وثيقة مذيلة بتوقيع حيدر الفيلي ونصير الجحيشي ومراد الشجيري عللوا انسحابهم بـ"ذهاب العمل بمسار المناكفات السياسية وتغليب المصلحة الحزبية".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

المعارضة السياسية.. دور المُحاسِب أم ضغط للمكاسب؟

"الدرجات الخاصة".. كيف تجمع بين المعارضة والمحاصصة؟