03-أغسطس-2022
مقتدى الصدر تظاهرات

تظاهرات أنصار الصدر في البرلمان

الترا عراق - فريق التحرير

مع تصاعد الصراع بين الأطراف الشيعية على السلطة في العراق، تجد إيران نفسها أمام اختبار جديد للحفاظ على مصالحها، بعد تراجع دورها منذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني مطلع العام 2020.

ويقول تقرير صحافي نشرته وكالة "رويترز"، إنّ خليفة سليماني إسماعيل قاآني قاد في الأيام الماضية محاولات لنزع فتيل الأزمة، مشيرة إلى نتائج غير "إيجابية".

استعرض التقرير  نتائج زيارة لقائد الحرس الثوري إلى العراق بالتزامن مع تصاعد الصراع بين الإطار والتيار الصدري

بالمقابل، تحدث التقرير عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الصراع الشيعي القائم، واحتمالات تطور الأزمة إلى نزاع مسلح في ظل الحاجة الماسة لضمان استقرار سوق النفط.

1

 

نص التقرير الذي ترجمه "الترا عراق":

يختبر صراع على السلطة في العراق بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه المتحالفين مع إيران قدرة طهران على درء صراع قد يضر بمصالحها ويزيد من زعزعة استقرار البلد الغني بالنفط.

ومع اعتصام أنصار الصدر في البرلمان واحتجاج معارضيه في الشوارع وضع الصراع على حكومة جديدة ضغوطًا جديدة على النظام السياسي الذي عصفت به الأزمات منذ أن أطاحت القوات التي تقودها الولايات المتحدة بالديكتاتور صدام حسين قبل عقدين.

ويضيف ذلك عاملاً آخر مزعزعًا للاستقرار إلى حزام من الدول العربية الهشة بين إيران والبحر المتوسط - العراق وسوريا ولبنان - وكلها تقع ضمن نطاق نفوذ إيران وعانت من صراع أو أزمة كبيرة على مدى العقد الماضي بما في ذلك المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية.

وبالنسبة للعراق، حيث مال ميزان القوى طريق إيران بعد الغزو الأمريكي عام 2003، ليضيف الصراع إلى الانقسامات في بلد يعاني أيضًا من المنافسات بين العرب السنة والجماعات الكردية التي تسيطر على الشمال.

وحتى الآن، لا يبدو أي من الطرفين مستعدًا للتنازل عن موقفه في المواجهة المستمرة منذ 10 أشهر، والتي بدأت عندما خرج الصدر منتصرًا من انتخابات تشرين الأول/أكتوبر، وسعى إلى تشكيل حكومة بشروطه، إلا أن خصومه أحبطوه.

وفي الوقت الحالي يبدو أن الجانبين - وكلاهما مدججان بالسلاح - يتجنبان العنف مدركين تأثير ذلك على العراق والأغلبية الشيعية التي تم تمكينها من خلال النظام السياسي الذي بنته الولايات المتحدة بعد الإطاحة بصدام.

لكن وسط مشاهد درامية في بغداد، حيث اجتاح أنصار الصدر المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مباني الدولة والسفارات في عطلة نهاية الأسبوع، يشعر العديد من العراقيين بالقلق من العنف المحتمل.

وفي مؤشر على قلق إيران قال دبلوماسي غربي إنّ أحد كبار قادتها العسكريين العميد إسماعيل قاآني زار بغداد في الأيام الأخيرة في محاولة لمنع تصاعد التوترات.

يشير التقرير إلى "فشل" قاآني في محاولة لمنع تصاعد التوتر بين الصدر وزعماء الإطار التنسيقي

وأكد مسؤول عراقي في الإطار التنسيقي، وهو تحالف من الفصائل المتحالفة مع إيران، الزيارة لكنه قال إنّ قاآني لم ينجح على ما يبدو، دون أن يذكر تفاصيل.

3

 

ولم ترد السفارة الإيرانية في بغداد على طلب للتعليق.

ويكافح قاآني، الذي يرأس جحافل الحرس الثوري الإيراني الأجنبية، لممارسة نفوذ سلفه قاسم سليماني الذي قتل في هجوم أمريكي عام 2020.

"لقد شهد النفوذ الإيراني صعودًا وهبوطًا وكان يتضاءل إلى حد ما"، قال ريناد منصور من تشاتام هاوس، وهو مركز بحثي. وأضاف "هذه الانتخابات وعملية تشكيل الحكومة كشفت عن تشرذم... بين الأحزاب السياسية مما يجعل الأمر معقدًا للغاية بالنسبة لإيران".

وتأتي الأزمة في لحظة صعبة بالنسبة لإيران في أماكن أخرى. فقد خسر حزب الله المدجج بالسلاح وحلفاؤه أغلبية برلمانية في لبنان في أيار/مايو، على الرغم من أنه ما يزال لديهم نفوذ كبير.

 

"لا ثوري"

ولطالما عارض الصدر، وريث سلالة دينية بارزة قاتلت القوات الأمريكية بعد الغزو، النفوذ الأجنبي.

ورفع الصدر المخاطر في حزيران عندما أمر نوابه بالانسحاب من البرلمان وتنازل عن عشرات المقاعد للفصائل المتحالفة مع إيران. وعدّت تحركاتهم اللاحقة نحو تشكيل حكومة بدون الصدر استيلاءً على السلطة.

وقد تشير دعوة الصدر الأخيرة إلى إجراء تغييرات غير محددة على الدستور إلى أنه يريد قلب النظام بأكمله رأسًا على عقب.

لكن بعض المحللين يشككون في مدى رغبته الحقيقية في تغيير النظام الذي خدمه بشكل جيد: فالصدر يهيمن على جزء كبير من الدولة التي توظف العديد من أتباعه.

تحوم شكوك حول مدى رغبة الصدر في تغيير النظام بشكل حقيقي في ظل هيمنته على جزء كبير من السلطة 

"الصدر ليس ثوريًا. إنه يريد أن يستمر النظام، ولكن مع وضع أكثر هيمنة بالنسبة له"، قال توبي دودج، أستاذ كلية لندن للاقتصاد.

8

 

ووصف دودج المواجهة بأنّها "شجار داخل نخبة لا تحظى بشعبية متزايدة" في بلد تسبب فيه سوء الإدارة والفساد في انقطاع الكهرباء والمياه والفقر والبطالة للعراقيين على الرغم من الثروة النفطية الهائلة.

وأدت هذه الظروف نفسها إلى تأجيج احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء بغداد وجنوب العراق في عام 2019 قتلت فيها قوات الأمن مئات المتظاهرين.

"قد يكون هناك سوء تقدير وأخطاء. لكن يبدو لي أنه في كل مرحلة من مراحل هذه العملية، اتخذ هذا الطرف أو ذاك خطوات لتجنب العنف".

 

هل تغير قواعد اللعبة؟

وتحتفظ الولايات المتحدة بنحو 2000 جندي في العراق لمحاربة فلول تنظيم الدولة الإسلامية، وهو أقل بكثير من 170 ألف جندي أمريكي هناك في ذروة الاحتلال.

وبعد أن كان المسؤولون الأمريكيون متورطين في تعاملات خلف الكواليس بشأن تشكيلات الحكومة العراقية، ظلوا إلى حد كبير بعيدًا عن مثل هذه الاتصالات في السنوات الأخيرة، وفقا لمسؤولين عراقيين.

وقال فالي نصر خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن إن العراق لا يبدو أولوية أمريكية كبيرة.

وأضاف "لم يعامل (العراق) على أنّه يغير قواعد اللعبة في المنطقة وهو ما يمكن أن ينتهي به الأمر إذا فقد العراق الحد الأدنى من الاستقرار الذي كان يتمتع به".

وقال: "من السابق لأوانه وصف ذلك بأنّه خسارة لإيران، وقد ينتهي الأمر بخسارة للجميع، ومن ثم يصبح السؤال عمن يلتقط القطع بعد ذلك".

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إنّ العراق ما يزال يمثل أولوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وأحد أهم الشركاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة، واصفًا إياه بأنّه "حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي".

رويترز: الحرب بين الجماعات الشيعية العراقية سيكون لها تأثير عميق في المنطقة ومناطق من العالم

وأضاف المسؤول أنّ "الولايات المتحدة تحترم السيادة العراقية وتنظر إلى تشكيل الحكومة على أنّه قضية عراقية وشيء يحتاج القادة في العراق إلى حله".

8

 

وأشار حمدي مالك من معهد واشنطن إلى علامات على ضبط النفس من الجانبين لكنه قال إن الصراع يمثل خطرًا.

وأضاف "أي حرب أهلية بين الجماعات الشيعية سيكون لها تأثير عميق ليس فقط على الناس في العراق، ولكن في المنطقة الأوسع وحتى أجزاء أخرى من العالم، لأسباب ليس أقلها الاضطراب المحتمل في إمدادات النفط، حيث إنّ الكثير من ثروة العراق النفطية تقع في أجزاء ذات أغلبية شيعية من البلاد".