25-سبتمبر-2019

تحظى كردستان اليوم بـ "حرية أكبر" بما يتعلق بتصدر النفط بضوء أخضر من عبد المهدي (سافين حامد/ أ.ف.ب)

الترا عراق - فريق التحرير

في الذكرى الثانية لاستفتاء الانفصال، جابت خيول يركبها رجال ونساء يرفعون الأعلام الكردية ويرددون هتافات "بلي ريفراندوم.. نعم للاستقلال"، لكن آثار الخطوة الكردية التي أصر عليها مسعود بارزاني رئيس الإقليم حينها، ما تزال شاخصة في وقت تمر العلاقات مع بغداد بمرحلة لصالح أربيل في ظل وجود عادل عبد المهدي، الصديق القديم، على رأس الحكومة الاتحادية.

تمر ذكرى العام الثاني على الاستفتاء الذي دعا إليه مسعود بارزاني وصوت فيه الكرد لـ "الانفصال" في ظل انتعاشة يشهدها الإقليم 

مضى الكرد في عام 2017 إلى صناديق الاقتراع وصوتوا إلى الانفصال عن العراق، "جسدوا" الحلم الكردي الذي يروادهم منذ مئات السنين، لكنه كان على حساب مصالح العراق ودول المنطقة أيضًا، قبل أن يتحول إلى "كابوس" حين تقدمت القوات الاتحادية لاستعادة السيطرة على المناطق المتنازع عليها في تشرين الأول/أكتوبر من ذات العام.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: استفتاء كردستان العراق.. تداعياته ومستقبل الأزمة

عاد الكرد بعد الاستفتاء إلى حدود الخط الازرق الذي وضعته الأمم المتحدة في التسعينات. بعد عامين لا تزال الأزمات قائمة بين المركز والإقليم، مع "تنازلات" أكثر من قبل بغداد، كما يقول نواب ومختصون، حيث تدفع الحكومة رواتب الموظفين وموازنة الإقليم، فيما يمتنع المسؤولون في أربيل في تسليم الحصة المقررة من النفط إلى بغداد ويحتكرون المنافذ الحدودية.

وكتب مسعود بارزاني، الرئيس السابق لكردستان وزعيم الحزب الديمقراطي، عبر حسابه في تويتر،: "في هذا اليوم الخاص، أحيي بشدة واحترام وأقدر أولئك الذين لم ينحنوا أبدًا"، فيما دعا حزبه أكبر الأحزاب الكردية، البرلمان في كردستان إلى اعتبار اليوم "مناسبة وطنية سنوية".

يشير بارزاني ربما إلى الاتحاد الوطني الكردستاني، غريمه التقليدي، والذي يتهمه بـ "الخيانة" حين انسحبت قوات الأخير أمام القوات الاتحادية في كركوك، بينما كان بارزاني ونجم الدين كريم، محافظ كركوك حينها والذي التحق في ما بعد بحزب بارزاني، إلى القتال وضرب تلك القوات.

يحمل بارزاني وحزبه، الاتحاد الوطني مسؤولية خسارة المناطق المتنازع عليها، التي سيطر عليها الكرد بعد صعود "داعش" في 2014، في وقت لا يزال الإقليم يشهد آثار ما حدث سياسيًا على مستوى الخلافات بين الأحزاب الكردية، على الرغم من تشكيل الحكومة برئاسة مسرور بارزاني.

يقول الأستاذ الجامعي ريبر إسماعيل لـ "ألترا عراق"، إن "كردستان لم تكن تتصور أنها ستخسر المناطق المتنازع عليها، لأنها في حقيقة الأمر تعتبر امتداد حدودي كبير مع سوريا والأراضي العراقية وصولًا إلى إيران وتركيا، بينما يقتصر الإقليم الفعلي بمحافظاته الثلاث أربيل ودهوك والسليمانية".

خسر الإقليم المناطق المتنازع عليها لكنه يحظى بـ "حرية أكبر" بما يخص تصدير النفط والمنافذ الحدودية بضوء أخضر من حكومة عبد المهدي

يضيف إسماعيل، أن "المناطق الأخرى مثل كركوك، تمثل مركزًا نفطيا مهمًا لكردستان، وكانت حكومة الإقليم عليها في تصدير النفط إلى ميناء جيهان في تركيا، وفور سيطرة القوات الاتحادية، خسر الكرد المصدر النفطي والمنافذ الحدودية وكذلك سلطتهم في أكثر من محافظة، وهي كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى".

بالمقابل، تحظى كردستان اليوم بـ "حرية أكبر" بما يتعلق بتصدر النفط، كما يرى الأستاذ الجامعي الكردي، حيث تغض بغداد الطرف عن التحركات النفطية الكردية التي تفوق حجمًا ما تعلنه حكومة كردستان من نشاطات استخراج النفط وتصديره، كما تنتعش أسواق الإقليم بعد إطلاق الرواتب والموازنة المالية لكردستان وفك الحصار الذي فرضته الحكومة الاتحادية السابقة كعوقبات على إجراء الاستفتاء من حظر الطيران ومراقبة المنافذ.

لكن مسؤولًا في حكومة إقليم كردستان يقول لـ "الترا عراق"، إن "حكومته تصدر النفط بالحجم المعلن ووفق الاتفاقات مع بغداد، وفي حال عدم دفع حصة المركز يمكنهم قطع ما يعادلها من أموال، ولكن نتمنى أن تنفذ بغداد الأمر بقطع تلك المبالغ فقط، دون قطع الموازنة بشكل كامل".

اقرأ/ي أيضًا: كركوك و"ولاء" البيشمركة.. مهلة قصيرة و"أزمات معقدة" في كردستان!

من جانبه يقول النائب في برلمان اقليم كردستان هيفدار أحمد، إن "إقليم كردستان ملتزم بالتعامل مع شركة (سومو) الاتحادية، بخصوص وسلوك طريق الحوار بما يخص هذا الملف، على أمل أن لا تصل الأمور إلى قطع رواتب الموظفين مجددًا، خصوصًا أن هناك وزارتين تعتمد بشكل كامل على أموال بغداد وهي وزارة البيشمركة ووزارة التربية".

وعلى الرغم من التحسن الكبير في الأوضاع الاقتصادية في الإثليم، إلا أن آثار الأزمة التي شهدها الإقليم نتيجة قطع موزانته المالية من المركز خلال فترة حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ثم فرض عقوبات في 2017، لا تزال واضحة، مع مخاوف من تكرارها مستقبلًا نتيجة عناد الحكومة في الإقليم بما يخص ملف النفط.

وأطلق رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي موازنة الإقليم بعد تولي رئاسة الحكومة في 2018، وفق اتفاق بأتفاق سياسي وآخر اقتصادي مع كردستان برعاية وزير المالية فؤاد حسين، والذي كان يشغل إبان الاستفتاء منصب رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان.

ما تزال آثار الأزمة الاقتصادية وجر الإقليم إلى الاستفتاء بادية في الإقليم رغم رفع الادخار وإطلاق الرواتب مع مخاوف من أزمات جديدة بسبب عناد أربيل

كان نيجرفان بارزاني رئيس الحكومة الكردية السابقة، والذي انتخب لاحقًا رئيسًا لكردستان، أعلن  في آذار/مارس من العام الماضي، رفع الادخار الإجباري عن رواتب الموظفين في الإقليم وعودة توزيع الرواتب بموعدها المحدد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإمارات والسعودية على هوى إسرائيل في دعم انفصال كردستان العراق

"دولة" كردستان.. المبضع الأمريكي المرتقب