09-أكتوبر-2018

تسيطر المحاصصة على المطالبات بتشكيل الحكومة العراقية (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

لا يزال النقاش مستمرًا عن الحكومة العراقية، بعد تكليف عادل عبد المهدي بتشكيلها في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري والذي لم يبق له إلا 24 يومًا، وتنتهي مدته، فيما يتعرض عبد المهدي إلى ضغوطات كثيرة بسبب إصرار الكتل في الحصول على مقاعد الوزارات التي يعتبرونها ملكًا لهم، في سياق النقاط التي تفرضها آليات التوزيع في نظام الديمقراطية التوافقية.

بعد الحديث عن استحقاق الطوائف والمكونات في السياق العراقي السياسي بعد 2003، ظهرت حالة جديدة بعد تحرير المناطق العراقية من تنظيم داعش، وهو اللجوء نحو استنهاض الشعور المناطقي 

كابينة من خارج البرلمان

يطرح بعض الكتل السياسية خيار الكابينة الوزارية التي تأتي من خارج البرلمان، لكنها هي من تقدم الأسماء، ويكونون تابعين لها بالضرورة، خاصة بعد إبلاغ عبد المهدي للكتل السياسية بعدم ترشيح أي برلماني لمنصب وزير، إذ قال مقرب منه في تصريحات صحفية، إن "عبد المهدي أبلغ كافة الأحزاب السياسية بعدم ترشيح أي برلماني في الدورة الحالية لأي وزارة في التشكيلة الحكومية الجديدة، بغية السيطرة على ملف الوزراء الجدد"، مرجحًا أن "الغاية من ذلك، أن تقدم الكتل السياسية شخصيات مختصة للوزارات، لا أن تقدم شخصيات قد تكون بعيدة عن الاختصاص وقد تتعرض لضغوط أو أية مشاكل أخرى".

اقرأ/ي أيضًا: ماذا سيقدم عادل عبد المهدي لـ"نكبة" البصرة؟

وأعلن تيار الحكمة الوطني، حليف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في سائرون، عن رفضه لاختيار وزراء من مجلس النواب، ملمحًا إلى رفضه لـ"التكنوقراط المستقل" أيضًا. إذ قال المتحدث باسمه، نوفل أبو رغيف، في بيان اطلع عليه "ألترا صوت"، إن "هناك أطرافًا سياسية ترى أن يكون الوزراء من خارج مجلس النواب تمامًا، ونحن في الحكمة لا نرى ضرورة أو إلزامًا في استبعاد أعضاء مجلس النواب، فمن غير المنطقي تحريم مواقع الخدمة عليهم ما لم تكن هناك موانع حقيقية معتد بها"، مضيفًا "نحن مع التكنوقراط بشكل عام، وإذا كان هناك تكنوقراط سياسي فلا نرى ما يدعو لمنعه من التصدي للمناصب المتقدمة والمواقع التنفيذية، وهذا لا يمنع من وجود تكنوقراط مستقل في الكابينة الوزارية إلى جنب التكنوقراط السياسي".  

ومنذ أن بدأ الحديث عن "التكنوقراط المستقل"، قبل وبعد انتخابات أيار/ مايو 2018، عبّر تيار الحكمة عن رغبته في وضع "التكنوقراط السياسي" وهو الخيار الأكثر واقعية برأيهم، بالإضافة إلى ما يعتقدون أنه استحقاقهم في خارطة التوزيع المحاصصاتي بين الأحزاب.

من المحاصصة الطائفية إلى المناطقية!

بعد الحديث عن استحقاق الطوائف والمكونات في السياق العراقي السياسي بعد 2003، ظهرت حالة جديدة بعد تحرير المناطق العراقية من تنظيم داعش، وهو اللجوء نحو استنهاض الشعور المناطقي الذي ظهر واضحًا في الدعايات الانتخابية للمرشحين في بعض المحافظات، مثل نينوى و ديالى والأنبار وصلاح الدين.

وفي سياق تشكيل الحكومة، أظهر بعض النواب مطالبهم بتسليم الوزارات إلى أبناء المحافظات، إذ طالبت العضو عن تحالف الفتح، ميثاق الحمدي، "رئيس الوزراء المكلف بإسناد وزارتي النفط والنقل إلى وزيرين من محافظة البصرة"، مشيرة إلى أن هذه المحافظة تعد من أكثر مناطق العراق إنتاجًا وتصديرًا للنفط، لأنها تمثل رئة العراق الاقتصادية، بحسب قولها.

تأتي مثل هذه الدعوات، من قبل أبناء المناطق المحرّرة أيضًا والتي تحولت إلى ركام بعد الحرب على داعش، والقصف المتوالي عليها، فالكتل السياسية تطالب بأن يكون أبناء هذه المناطق وزراءً، لأن مناطقهم بحاجة إلى اهتمام خاص ومشاريع للإعمار، بحسب رؤيتهم.

الكابينة المستقلة اليتيمة!

حتى الآن، لا تستطيع الكتل السياسية أن ترفض خيار "التكنوقراط المستقل"، بشكل علني وصريح، خوفًا من الشارع الذي لا زالت أمواج الاحتجاج في المحافظات العراقية تؤثر عليه، فهم يرفضونه إما لخيار "التكنوقراط السياسي" البديل، أو يحاورون في المفاوضات لاختيار وزراء منهم وراء الكواليس.

وما زال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مصرًا على خيار "التكنوقراط المستقل"، إذ قال في 4 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إنه "نعم، قد تمكنا من جعل (رئس الوزراء) مستقلًا بل ومستقيلًا من الفساد الحكومي السابق"، مضيفًا أنه "أوعز لعبد المهدي بتشكيل كابينته الوزارية بدون ضغوطات حزبية، أو محاصصة طائفية أو عرقية"، لافتًا إلى أنه أوعز أيضًا "بعدم ترشيح أي وزير لأي وزارة من جهة تحالف سائرون مهما كان، واتفقنا على إعطائه مهلة عام لإثبات نجاحه".

اقرأ/ي أيضًا: بعثي ثم شيوعي إلى إسلامي.. تعرف على رئيس وزراء العراق الجديد

ولمح الصدر إلى خيار الثورة أو إعادة الاحتجاج إلى الساحة، بقوله، إنه "إما أن ينتصر الإصلاح تدريجيًا وإما أن ينتفض الشعب كليًا".

وكان  الصدر قد دعا في 6 تشرين الأول/ أكتوبر، رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، إلى إبقاء جميع المناصب الأمنية بيده حصرًا، مشيرًا إلى أنه لا يحق لأي كتلة أن تقدم مرشحًا لها، في إشارة رآها مراقبون إلى ائتلاف الفتح، المصر على إبقاء وزارة الداخلية من حصته التي تسيطر عليها قوات بدر، الجناح العسكري الذي يقوده هادي العامري. 

يرى مراقبون، أن خيار التكنوقراط المستقل لا زال صعب التحقيق، لا سيما مع إصرار الكرد على وزاراتهم، بالإضافة إلى الكتل الشيعية والسنية

وأضاف الصدر، أننا "إذ منعنا الترشيح للوزارات، إنما لأجل أن تكون بيد رئيس الوزراء وليس هبة للكتل والأحزاب أو أن تكون عرضة للمحاصصة، بل لا بد أن تكون بيد التكنوقراط المستقل، وإلا كان لنا موقف آخر". لافتًا إلى "ضرورة فتح باب الترشيح العام لذوي الاختصاص والكفاءات وفق شروط صارمة تحفظ للدولة هيبتها وللعمل نجاحه".

في نفس السياق، يرى مراقبون، أن خيار التكنوقراط المستقل لا زال صعب التحقيق، لا سيما مع إصرار الكرد على وزاراتهم، بالإضافة إلى الكتل الشيعية والسنية، فضلًا عن أن القبول بـ"كابينة مستقلة" يعني إقرارًا بفشل الأحزاب الحاكمة منذ 15 عامًا، ما يشير إلى بقاء دعوة الصدر يتيمة، خاصة أن أقرب حلفائه، مثل تيار الحكمة يرفض كابينة الوزراء المستقلة، الأمر الذي ربما يدفع إلى تسوية مع الصدر أو تأخير في تشكيل الحكومة التي يريد الجميع "حصته" منها. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

احتجاجات البصرة في العراق.. النار لا تأتي إلا بالنار!

تظاهرات البصرة تتوسع في العراق.. سخط الجنوب يوحد الشارع