08-مارس-2021

لامؤثر في الشأن العراقي قد يصغي للبابا.. سوى بايدن (فيسبوك)

بينما حظيت الزيارة التاريخية لزعيم الفاتيكان وبابا الكنيسة الكاثوليكية في العالم البابا فرنسيس إلى العراق، أهمية منقطعة النظير على المستويات المحلية والعالمية، ترجمت أوساط وشرائح عراقية مختلفة تطلعاتها لإمكانية أن يحصد العراق اهتمامًا دوليًا وآثارًا إيجابية من هذه الزيارة تنعكس على واقعه الأمني والسياسي والاقتصادي.

وجه البابا فرنسيس رسائل إلى دول العالم بشأن العراق، قائلًا أتمنى ألا تسحب الدول يد الصداقة والالتزام والبناء الممدودة إلى الشعب العراقي

ولم يوفر بابا الفاتيكان، كلمة في دعم العراق وشرائحه الاجتماعية بمختلف أنواعها، والتأكيد على أهمية هذه الأرض وضرورة تحسين واقعها، وذلك عبر إطلاقه رسائل على المستويات المحلية والعالمية.

اقرأ/ي أيضًا: علم بدماء تشرين وحجرة السيستاني وظهور الخوئي.. كواليس من زيارة البابا

وفور وصوله للبلاد، ألقى البابا فرنسيس كلمة برفقة رئيس الجمهورية برهم صالح، دعا من خلالها إلى التصدي لآفة الفساد واستغلال السلطة ووضع حد لانتشار الأسلحة في البلاد، فيما حازت جملته القصيرة "فلتصمت الأسلحة" التي وردت في كلمته التاريخية، انتشارًا واسعًا في مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، في بلد أكثر ما يعانيه هي الحروب والسلاح المنفلت والعنف.

وعلى المستوى العالمي، وجه البابا فرنسيس رسائل إلى دول العالم بشأن العراق، قائلًا: "أتمنى ألا تسحب الدول يد الصداقة والالتزام والبناء الممدودة إلى الشعب العراقي، بل تواصل العمل بروح المسؤولية المشتركة مع السلطات المحلية دون أن تفرض مصالح سياسية أو أيديولوجية".

هذه الدعوات والكلمات ومحاولات جذب الاهتمام تجاه العراق والصادرة من شخصية تتزعم الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية التي ينتمي إليها نحو المليار ونصف إنسان حول العالم، ربما لاتكتسب أهميتها إلا من ما تحصده من "آذان صاغية" لجهات في موضع المسؤولية، ومن الممكن أن تعكس دعوات البابا تطبيقيًا على الواقع العراقي، وفقًا لمراقبين.

وقد لا يجد المتطلعون لوضع عراقي جديد، فاعلًا رئيسيًا ومؤثرًا في الشأن العراقي من الممكن أن تنعكس أمنيات وكلمات البابا على رؤيته تجاه العراق، بقدر الساكن الجديد للبيت الأبيض الرئيس الأمريكي جو بايدن، أولًا بصفته كاثوليكيًا، وتحديدًا هو ثاني رئيس كاثوليكي في التاريخ الأمريكي بعد جون كينيدي، وثانيًا بصفته صديقًا للبابا فرنسيس.

وقبل 45 يومًا من قيام البابا فرنسيس بزيارته التاريخية إلى العراق وإلقاء هذه الكلمات التي تُعدُّ رسائلًا إلى العالم أجمع، كان البابا فرنسيس قد هنأ جو بايدن بتنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية بعد فتور كبير في علاقة الفاتيكان مع الرئاسة الأمريكية طوال سنوات شغلها من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب.

وبعث البابا فرنسيس برسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن في الـ20 من كانون الثاني/يناير الماضي، بمناسبة تأديته اليمين الدستورية خلفًا للرئيس ترامب، دعا فيها "الرب ليرشده إلى تحقيق المصالحة في الولايات المتحدة وبين دول العالم"، فيما أعرب البابا عن أمله في أن "يعمل بايدن نحو تحقيق مجتمع تسوده العدالة الحقيقية والحرية واحترام الحقوق وكرامة الجميع، خاصة الفقراء والضعفاء والذين لا صوت لهم".  

وكان أول عمل قام به بايدن فور تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، هو حضور القداس في كنيسة سان مارك، وهي كنيسة الثالوث المقدس الكاثوليكية والتي تعتبر المكان الذي حضر فيه القداس الرئيس الكاثوليكي الآخر والوحيد للأمة الأمريكية، جون كيندي عام 1961، فيما وضع بايدن صورة تجمعه مع البابا فرنسيس في مكتبه البيضاوي داخل البيت الأبيض عقب تعديلات أجراها على المكتب بعد تسنمه منصبه رسميًا.

هذه المؤشرات التي تدل على تأثير الكنيسة الكاثوليكية والبابا فرنسيس في حياة جو بايدن الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد اللاعب الأبرز والأكثر تأثيرًا في الوضع العراقي، تفتح هذه المؤشرات ـ بحسب مراقبين ـ الباب على إمكانية ما قد تحدثه كلمات وأمنيات وزيارة بابا الفاتيكان إلى العراق، من تأثيرات على سياسة ورؤية ومدى اهتمام الرئيس بايدن تجاه العراق.

خطاب البابا.. هل يحفز بايدن "دينيًا"؟

يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن الولايات المتحدة الأمريكية تطغى عليها صفة دولة المؤسسات وعدم تأثرها بالخطاب الديني، إلا أنه لم يستبعد إمكانية تأثير الخطاب والبعد الديني لبابا الفاتيكان، على محاولات للرئيس الأمريكي جو بايدن،  بعكسها على معادلة جديدة للعراق.

ويقول الشمري في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "بالرغم من البعد الديني الذي يبديه جو بايدن في حياته الشخصية وعلى مستوى مراسيم تنصيبه وتردده على الكنيسة حتى الآن، يمكن أن يكون هذا عاملًا لتحفيز جو بايدن لوضع مقاربة جديدة تجاه العراق، خصوصًا وأن البابا قد شخص الأزمة في العراق بعدة نقاط منها أزمة الفساد والسلاح وانهيار مؤسسات الدولة، وأيضًا ضرورة الذهاب نحو صيغة جديدة بما يضمن العيش المشترك والتعايش السلمي"، واستدرك الشمري أنه "بمقابل ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتأثر بالبعد والخطاب الديني بالتحديد، لأنها دولة مؤسسات".

ويضيف أنه: "قد يكون رئيسًا متدينًا للولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا لا يعني أن يطغى خطاب الدين على خطاب الدولة ومؤسساتها وقراراتها".

يرى رئيس مركز التفكير السياسي  أن خطاب البابا سيحفز بايدن لوضع مقاربة سريعة على الوضع العراقي

وبالرغم مما تقدم، لا يستبعد الشمري أن "يستمع جو بايدن إلى خارطة الطريق وما طرحه قداسة البابا فرنسيس تجاه الوضع في العراق، ولكن أن ينفذه بحذافيره يحتاج إلى وقت طويل وقرار مؤسسات وتفاعل من الداخل العراقي، ولكن مما لا يقبل الشك أن خطاب البابا سيحفزه لوضع مقاربة سريعة على الوضع العراقي".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

البابا يطلق دعوة من بين ركام الكنائس في الموصل.. وإجراءات مشددة

البابا يستعد لوداع العراق بتغريدة من بغداد